حين منحت السعودية جنسيتها لترافيس كالانيك وجون باغانو، لم تُكرّم أسماءً عابرة في عالم الاقتصاد، بل احتضنت نموذجين يمثلان ذروة التفكير الابتكاري في التقنية والسياحة.

القرار السامي يعكس إدراكًا عميقًا بأن التنمية الحديثة تُبنى على عقول تصنع الأسواق لا على رؤوس أموال تستهلكها.

هندسة التحولات:

ترافيس كالانيك، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة «أوبر» العالمية، يُعد أحد أبرز روّاد الاقتصاد الرقمي الحديث، ومن أوائل من أرسى مفهوم «الخدمة عند الطلب» عبر المنصات الذكية. تجربته حوّلت النقل إلى صناعة قائمة على الخوارزميات، وربطت بين المدن والناس في نموذج يختصر المسافة بين التقنية والاستهلاك اليومي. بعد خروجه من أوبر، أسّس شركة CloudKitchens التي تعمل في تطوير منظومات المطابخ الذكية والخدمات اللوجستية الغذائية، ما يعكس استمرار عقله في هندسة التحولات في قطاعات غير تقليدية.

السياحة المستدامة:

أما جون باغانو، فهو الرئيس التنفيذي لشركة «البحر الأحمر الدولية»، وأحد مهندسي التحول السياحي في المملكة. قاد تطوير الوجهات الفاخرة المستدامة على سواحل البحر الأحمر، وجمع بين السياحة البيئية والاستثمار عالي القيمة في مشروع أصبح واجهةً دولية لاقتصاد الضيافة الفاخرة.

تجربته تمثل التحول من السياحة الموسمية إلى السياحة المستدامة التي تُوازن بين البيئة والعائد الاقتصادي.

المملكة مركز عالمي:

منح الجنسية لهذين الاسمين هو استثمار في الفكر قبل رأس المال، فالسعودية تدرك أن اقتصاد المستقبل يُدار بعقول قادرة على توليد المعرفة وإعادة هندسة القطاعات. هذه الخطوة ترسّخ موقع المملكة كمركز عالمي يجمع بين التقنية والسياحة والخدمات اللوجستية، وتُعيد تعريف مفهوم «الاستقطاب» من استجلاب المشاريع إلى احتضان من يصنعها.

السعودية اليوم تُعيد تعريف المواطنة كأداة إستراتيجية في بناء اقتصاد معرفي متكامل، حين تمنح جنسيتها لروّاد مثل كالانيك وباغانو، فهي تضع حجر الأساس لمرحلةٍ جديدة عنوانها: الابتكار السعودي بقدرات عالمية.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً