حققت أسعار النفط الخام أفضل مكاسب شهرية في أكثر من عام، حيث ارتفعت 18 في المائة منذ منتصف يونيو الماضي مدعومة بارتفاع الطلب وخفض الإمدادات.
ودفعت التخفيضات الطوعية في الإنتاج من جانب “أوبك+”، إلى دعم أسعار الخام، لكن خام برنت انخفض 1.6 في المائة منذ نهاية 2022.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون، إن أسعار النفط الخام تلقت دعما من ضعف مؤشر الدولار بنسبة 2 في المائة تقريبا في يوليو، مشيرين إلى أن ضعف الدولار يعود إلى أحدث أرقام التضخم السنوية في الولايات المتحدة، التي بلغت 3 في المائة في يونيو، وذلك مع اقتراب التضخم الآن من المستويات المستهدفة، حيث تتوقع الأسواق أن ينهي مجلس الاحتياطي الفيدرالي دورة رفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
وأوضح المحللون، أن ضعف الدولار يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى ضغط الأسعار التصاعدي على النفط الخام وبقية السلع، مشيرين إلى نجاح خطة أوبك + في تقليص العرض حيث تخطط روسيا لخفض صادرات النفط بما يتماشى مع اتفاق “أوبك+”، ما قد يؤدي إلى إعادة التوازن إلى إمدادات موردي الشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، يقول روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن أسعار النفط تتلقى دعما قويا من تعافي الطلب خاصة في موسم الصيف، مشيرا إلى أن الهند تستورد الخام الروسي بكثافة بسبب أسعاره المخفضة، لكن مع الوصول إلى مستوى المخزون الكافي قد يبدأ هذا الاتجاه في الانخفاض.
وأضاف أنه رغم الضغوط الدولية في أعقاب الحرب الروسية – الأوكرانية، دافعت الهند عن اعتمادها على النفط الخام الروسي لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، ما أدى إلى ارتفاع قياسي للواردات بلغ 2.2 مليون برميل يوميا في يونيو – بحسب إحصائيات رسمية –، لكن تم رصد انخفاض نسبي الطلب على النفط في الهند خلال موسم الأمطار.
من جانبه، يقول ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن موجة صعودية قوية تسيطر على سوق النفط الخام، مشيرا إلى أن كلا من خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت حققا بالفعل أكبر مكاسب شهرية منذ يناير 2022.
وذكر أن أسعار النفط الخام حققت أفضل أداء لها في يوليو منذ ما يقرب من عقدين، حيث صعدت إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل أبريل، موضحا أن الصين اعتمدت خطة ناجزة للتحفيز المالي ودعم اقتصادها كما أن الولايات المتحدة تكسب ببطء معركتها مع التضخم وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تراجع مخاوف الطلب.
من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن تعافي أسعار النفط وتحقيق أكبر مكاسب شهرية منذ يناير من العام الماضي، يرجع إلى تقلص العرض بعد التخفيضات الطوعية القياسية من “أوبك+”، وقد ترافق ذلك مع توقعات تسجيل طلب قياسي وتباطؤ التضخم في الولايات المتحدة واستمرار مرونة الاقتصاد الأمريكي.
ونوه إلى أن الطلب ليس مرنا فحسب، بل يتجه إلى مستوى قياسي مرتفع في الأشهر المقبلة، وفقا للمحللين بما في ذلك جولدمان ساكس، لافتا إلى توقع شركة إكسون موبيل النفطية العملاقة أن العالم سيشهد ارتفاعا قياسيا في الطلب على النفط هذا العام.
بدورها، تقول تيتي أولاور مدير التسويق في شركة سيتا النيجيرية لتجارة النفط، إن السوق تتوقع تمديد خفض الإنتاج، علاوة على خفض روسيا بنحو 500 ألف برميل يوميا كجزء من تخفيضات “أوبك+”، التي بدأت في مايو، وتم تمديدها إلى أغسطس وسط مؤشرات على أن شحنات الخام الروسية تنخفض.
ونوهت إلى حدوث حالة من تحسن معنويات الاقتصاد الكلي، حيث أظهرت بيانات التضخم الأخيرة من الولايات المتحدة زيادات متباطئة في الأسعار، كما من المتوقع أن تدعم الصين اقتصادها للخروج من النمو الذي جاء أبطأ من المتوقع في الربع الثاني من العام الجاري.
من ناحية أخرى، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 74 سنتا إلى 85.73 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:14 بتوقيت جرينتش، كما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 98 سنتا ليسجل 81.56 دولار للبرميل، بعد أن ارتفع أكثر من دولار في وقت سابق من الجلسة.
وانقضى أجل عقد خام برنت لسبتمبر في أمس. وكان عقد أكتوبر الأكثر نشاطا قد سجل 85.30 دولار للبرميل بارتفاع 89 سنتا.
وكان برنت وغرب تكساس الوسيط استقرا الجمعة عند أعلى مستوياتهما منذ أبريل ليستمرا في تحقيق مكاسب للأسبوع الخامس على التوالي، بعد أن تلقت الأسعار دعما جراء شح إمدادات النفط العالمية وتوقعات بإنهاء رفع أسعار الفائدة الأمريكية.
وقال محللو بنك جولدمان ساكس في مذكرة يوم 30 يوليو “ارتفعت أسعار النفط 18 في المائة منذ منتصف يونيو، حيث أدى الارتفاع القياسي على الطلب وخفض المعروض إلى عودة العجز في الأسواق وسط تخلي السوق عن حالة التشاؤم بشأن النمو”.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 85.37 دولار للبرميل الجمعة مقابل 84.88 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق سابع ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.99 دولار للبرميل.
