أشادت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، بـ”التزام أوكرانيا الملحوظ” وبوَتيرتها في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للانضمام إلى الاتحاد، لكنها حذّرت من “اتجاهات سلبية” متزايدة، لا سيما في مجال استقلال مؤسسات مكافحة الفساد.

وأفاد تقرير التقدّم السنوي للمفوضية بأن بروكسل “قيّمت بشكل إيجابي” خرائط الطريق وخطة العمل التي اعتمدتها كييف مطلع العام بشأن سيادة القانون، وإصلاح الإدارة العامة، وتعزيز عمل المؤسسات الديمقراطية، فضلاً عن موقفها التفاوضي حيال المجموعات الأساسية في محادثات العضوية.

وأكدت المفوضية استعدادها لدعم طموح أوكرانيا في إتمام المفاوضات قبل نهاية عام 2028، شرط تسريع وتيرة الإصلاحات الجوهرية. وأشار التقرير إلى ضرورة “عكس الاتجاهات السلبية الأخيرة، بما في ذلك الضغط على الوكالات المتخصصة في مكافحة الفساد والمجتمع المدني، بشكل حاسم”.

ويأتي التحذير في أعقاب إقرار البرلمان الأوكراني، في تموز/يوليو، قانوناً يضع المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) والمكتب المتخصص للمدعي العام لمكافحة الفساد (SAPO) تحت الإشراف المباشر للنائب العام، ما قوّض استقلاليتهما. وجرى التصديق على التشريع بسرعة، ووقّعه الرئيس فولوديمير زيلينسكي.

وقد أثارت هذه الخطوة، احتجاجات داخلية وانتقادات لاذعة من بروكسل، دفعت الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى التراجع بعد أسابيع عبر تقديم مشروع قانون جديد يرمي إلى استعادة استقلاليتهما.

ويشكّل أداء الهيئتين حجر الزاوية في إصلاحات مكافحة الكسب غير المشروع التي تشكّل شرطاً جوهرياً لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ورغم أن تراجع زيلينسكي خفّف من مخاوف بروكسل في البداية، فإن التحذير الصريح الذي أطلقته المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء يعكس استمرار مراقبتها الدقيقة للمسار الإصلاحي في كييف، في وقت لا تزال أوكرانيا تدافع عن نفسها ضد الحرب العدوانية الروسية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وقد أعاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 إحياء عملية التوسيع الأوروبي التي طال ركودها، في محاولة من التكتل لتعزيز الاستقرار في جواره الشرقي.

لكن جهود تسريع انضمام أوكرانيا تواجه عقبة سياسية من المجر، حيث يستخدم رئيس الوزراء فيكتور أوربان حق النقض (الفيتو) ضد تقدّم المفاوضات، مستنداً إلى مخاوف تتعلق بأمن الطاقة والزراعة وحقوق الأقلية المجرية في منطقة ترانسكارباثيا الأوكرانية.

وأوكرانيا واحدة من تسع دول مرشحة رسمياً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بينما تُصنّف كوسوفو كمرشحة محتمَلة.

وفي جلسة أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، قالت المفوضة الأوروبية لشؤون التوسيع مارتا كوس، الثلاثاء: “لقد تم إحراز تقدم كبير على مسار الاتحاد الأوروبي حتى الآن من قبل الجبل الأسود وألبانيا ومولدوفا وأوكرانيا”، مشيرة إلى أن “التوسيع يشكل احتمالاً واقعياً في غضون السنوات المقبلة” إذا حافظت الدول المرشحة على وتيرة إصلاحاتها.

ودعت كوس الدول الأعضاء إلى الاعتراف بالجهود التي تبذلها الدول المرشحة، و”الإنجاز أيضاً” من جانبها، مؤكدة أن كل خطوة في مسار الانضمام تتطلب إجماعاً من جميع الأعضاء — ما يمنح أي دولة عضو حق استخدام الفيتو، غالباً لأسباب ثنائية لا علاقة لها مباشرة بمعايير العضوية.

صربيا وجورجيا تتلقى تحذيرات شديدة اللهجة

ودعت المفوضية الأوروبية الحكومة الصربية إلى معالجة سلسلة من التحديات الجوهرية، بما في ذلك الفساد، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، وحرية الإعلام، والإصلاحات الانتخابية، والتضليل في المعلومات، في إطار تقريرها السنوي عن تقدّم الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وجاء في استنتاجات التقرير: “تحتاج صربيا إلى التغلب على المأزق السياسي الحالي والانقسامات في المجتمع من خلال استعادة الثقة بين الجهات الفاعلة السياسية والمجتمع المدني، وتهيئة الظروف لحوار شامل، وهو أمر ضروري للمضي قدماً في الإصلاحات الرئيسية المطلوبة”.

وتشكل صربيا، باعتبارها الأكبر بين دول غرب البلقان الخمس المرشحة رسمياً للعضوية، قضية محورية في استراتيجية التوسيع الأوروبي. غير أن مسار انضمامها يعاني من ركود مستمر، لا سيما بسبب سياستها الخارجية “المحايدة اسمياً”، التي تسعى من خلالها إلى التقارب مع الاتحاد الأوروبي مع الحفاظ في الوقت نفسه على علاقات استراتيجية مع موسكو وبكين.

ويُعدّ فشل بلغراد في التوصل إلى تسوية دائمة مع كوسوفوــ المقاطعة الصربية السابقة التي أعلنت استقلالها عام 2008 وتُصر صربيا على عدم الاعتراف بها ــ من أبرز العقبات أمام تقدّم مفاوضات العضوية.

جاء تقرير المفوضية بعد أن بلغت التوترات في صربيا ذروتها خلال عطلة نهاية الأسبوع، إحياءً لذكرى مرور عام على انهيار مظلة محطة قطار في مدينة نوفي ساد الشمالية، الذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً، من بينهم أطفال.

وأدى الحادث المميت إلى عام كامل من الاحتجاجات العنيفة التي قادها طلاب ومواطنون غاضبون، متهمين النخبة الحاكمة بـ”الفساد المستشري”، وطالبوا بانتخابات جديدة، في تحدٍّ صريح للحكومة المركزية في بلغراد.

في سياق منفصل، أبلغت المفوضة الأوروبية لشؤون التوسيع مارتا كوس أعضاء البرلمان الأوروبي أن جورجيا باتت “دولة مرشحة بالاسم فقط”، محذّرة من تدهور غير مسبوق في مسارها الديمقراطي.

وقالت كوس: “لقد تراجع الوضع بشكل حاد، في تراجع ديمقراطي خطير لم نشهده من قبل في أي دولة مرشحة. شهدنا تآكلاً سريعاً في سيادة القانون وفرض قيود شديدة على الحقوق الأساسية. يجب على السلطات الجورجية أن تعكس مسارها فوراً للاستجابة لمطالب مواطنيها من أجل مستقبل أوروبي”.

شاركها.
اترك تعليقاً