شاركت المملكة في النسخة الثامنة من منتدى باريس للسلام 2025، الذي انعقد تحت شعار «تحالفات جديدة من أجل السلام والإنسان والكوكب»، مؤكدة التزامها الراسخ بالتوريد المسؤول للمعادن وتعزيز الحوكمة المستدامة للموارد الطبيعية.

وتضمنت أجندة المشاركة جلسة رفيعة المستوى شارك فيها وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير التعديني المهندس تركي البابطين، حملت عنوان «الأمن مقابل الاستدامة: التكاليف الخفية للسباق الجيوسياسي على المعادن»، وتناولت التحديات المتنامية بين متطلبات الأمن الوطني وأهداف الاستدامة العالمية في ظل التنافس المتصاعد على المعادن الحيوية الضرورية لتحقيق التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، وذلك بمشاركة رئيس الجمعية الوطنية في صربيا آنا برنابيتش، والمفوضة الأوروبية السابقة للطاقة كادري سيمسون.

وأوضح البابطين أن التحول الكبير الذي يشهده قطاع التعدين في المملكة ضمن رؤية 2030 يقوم على مبدأ الموازنة بين التنويع الاقتصادي والمسؤولية البيئية والاجتماعية، مشيراً إلى أن المملكة تعمل على استكشاف موارد معدنية تُقدَّر بنحو 9.4 تريليون ريال (2.5 تريليون دولار) من خلال برنامج المسح الجيولوجي الإقليمي، الذي يُعد من أضخم البرامج الجيوكيميائية والجيوفيزيائية في المنطقة، ويغطي أكثر من 600 ألف كيلومتر مربع من الدرع العربي.

تنسيق الجهود

وبيَّن أن المملكة طرحت حتى الآن أكثر من 33 ألف كيلومتر مربع من مناطق الاستكشاف للمنافسة، على أن تصل إلى 50 ألف كيلومتر مربع خلال الفترة المتبقية من عام 2025، في إطار جهودها لفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات التعدينية.

وأكد البابطين أن تطوير قطاع المعادن عالمياً يتطلب التعاون لا التنافس، مشيراً إلى أن نجاح التحول في الطاقة يعتمد على تنسيق الجهود الدولية لضمان الاستقرار وتجنب التجزئة في سلاسل الإمداد.

وقال: «العالم لا يواجه نقصاً في المعادن فحسب، بل يواجه أيضاً نقصاً في التنسيق، ولتحقيق أمن الطاقة العالمي يجب أن نبني ميثاقاً جديداً للتعاون يربط بين الشفافية والتمويل والتقنية في إطار من المسؤولية المشتركة».

تحول نوعي

وأكد البابطين أن هذا التحول النوعي يستند إلى نظام استثمار تعديني محدث يضمن الالتزام بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، ويُلزم المستثمرين بالمشاركة المجتمعية وإعادة تأهيل البيئة بعد التشغيل؛ ما عزز ثقة الشركات العالمية الكبرى التي باشرت استثماراتها في المملكة مثل إيفانهوي إلكتريك، و«فيدانتا» الهندية، و«هانكوك بروسبكتينغ» الأسترالية، و«زيجن ماينينغ» الصينية، و«ديسكفري جروب»، و«كويا سيلفر».

وأشار إلى أن الإنفاق على أعمال الاستكشاف ارتفع من 500 مليون ريال (133.5 مليون دولار) في عام 2023 إلى 1.05 مليار ريال (280.5) مليون دولار في عام 2024، فيما تضاعف عدد الشركات العاملة في مجال التعدين من 6 شركات فقط في عام 2020 إلى أكثر من 226 شركة في عام 2024، ويعكس ذلك النمو المتسارع في القطاع وارتفاع ثقة المستثمرين العالميين في بيئة التعدين السعودية.

دور محوري

واستعرض الدور المحوري الذي تضطلع به المملكة من خلال مؤتمر التعدين الدولي، الذي يُعقد سنوياً في الرياض، وهو منصة عالمية لتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات في قطاع المعادن، موضحاً أن المؤتمر يجمع أكثر من 90 مسؤولاً حكومياً رفيع المستوى من أفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكتين لتنسيق الجهود نحو تطوير سلاسل إمداد مسؤولة ومستدامة.

وأوضح أن المؤتمر من خلال الاجتماع الوزاري الدولي أطلق 3 مبادرات محورية تشمل: إنشاء شبكة مراكز تميُّز في أفريقيا وآسيا لدعم بناء القدرات والتدريب، ووضع معايير إقليمية للمعادن الحرجة بالتعاون مع منظمة ISO لتعزيز التوريد المسؤول، وتطوير إطار عالمي للمعادن الحرجة يرسِّخ موقع المنطقة مركزاً قيادياً لهذه الموارد في المستقبل.

شاركها.
اترك تعليقاً