تصاعد التوتر على الحدود الشمالية: هل تعود الحرب مع حزب الله؟

يشهد شمال إسرائيل حالة من القلق المتزايد مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب شاملة مع حزب الله اللبناني. بعد مرور أكثر من عام على الاشتباكات المتقطعة التي بدأت في أكتوبر 2023 رداً على هجوم حماس على غزة، يراقب السكان والمسؤولون عن كثب التطورات في لبنان، معلقين آمالهم على قدرة الحكومة الجديدة في بيروت، بقيادة رئيس الوزراء نواف سلام، على إحداث تغيير جذري، وعلى رأس ذلك، نزع سلاح حزب الله.

عودة السكان وسط حالة تأهب مستمرة

بدأت العديد من البلدات والكيبوتسات الإسرائيلية الحدودية تعيش عودة تدريجية للحياة الطبيعية، بعد أن أُجبر أكثر من 60 ألف شخص على الإخلاء بسبب القصف المستمر من قبل حزب الله. ورغم الجهود المبذولة لإعادة الإعمار، لا يزال شبح الحرب يلوح في الأفق، يذكر الجميع بأن التهديد لم يزل قائماً. سيفان شوشاني، وهي من سكان أحد هذه البلدات، تعبر عن هذا الشعور قائلة: “نحن ندرك تماماً أن الخطر لا يزال مختبئاً خلف الجدار. اليقظة والمسؤولية هما جزء لا يتجزأ من حياتنا. والأمان الحقيقي يكمن في جيشنا”.

هذه العودة ليست احتفالية؛ بل هي تعبير عن الإصرار على الصمود والتحدي. تضيف شوشاني: “العودة إلى ديارنا هي رسالة واضحة: نحن نختار الاستمرار في العيش، ونختار أن نظل أقوياء. هذا بيتنا، ولا يوجد لنا مكان آخر”. هذا الشعور بالانتماء والتمسك بالأرض هو ما يدفع الكثيرين إلى تجاهل المخاطر والعودة إلى حياتهم، رغم علمهم بالتهديد المستمر.

المخاوف الإسرائيلية من استمرار قوة حزب الله

بواز بيري، وهو أيضاً من سكان الشمال، يشارك وجهة النظر القاتمة: “نعلم أنه ما لم يحدث تغيير جذري في لبنان، وأن تتمكن الحكومة من فرض سلطتها ونزع سلاح حزب الله، فإن الحرب ستعود لا محالة. لا أحد يستطيع إيقاف الحزب، فهو يعمل باستمرار على إيجاد طرق لتدمير إسرائيل”. هذا التصريح يلخص الخوف الرئيسي لدى الإسرائيليين، وهو أن حزب الله، المدعوم من إيران، يشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل، وأنه يواصل بناء قدراته العسكرية.

وتعتبر إسرائيل أن نزع سلاح حزب الله هو شرط أساسي لتحقيق الاستقرار الدائم على الحدود الشمالية. وتراقب عن كثب جهود الحكومة اللبنانية في هذا الصدد، وتقيم مدى قدرتها على السيطرة على الأوضاع ومنع الحزب من مواصلة تهديد أمنها.

الجدار الحدودي: حل مؤقت أم مجرد تأجيل للصراع؟

في محاولة للحد من خطر الهجمات العابرة للحدود، تواصل إسرائيل بناء جدار حدودي متطور. يأمل المسؤولون الإسرائيليون أن يوفر هذا الجدار طبقة حماية إضافية، على غرار ما تم بناؤه على حدود غزة، لكن فعاليته لا تزال موضع شك.

في المقابل، قدمت الحكومة اللبنانية شكوى إلى قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، مدعية أن الجدار الإسرائيلي يتعدى على الأراضي اللبنانية. وذكرت اليونيفيل في بيان رسمي أنها أكدت بالفعل أن الجدار تجاوز خط الحدود، مما أدى إلى فقدان لبنان السيطرة على حوالي 4 آلاف متر مربع من أراضيه. وطالبت إسرائيل بإزالة الجدار، معتبرة أنه انتهاك لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

ورد الجيش الإسرائيلي بأن أعمال البناء هي جزء من مشروع أوسع لتعزيز الدفاعات الحدودية، وزعم أن السياج لا يتجاوز “الخط الأزرق” المعترف به دولياً، والذي يراقبه اليونيفيل. هذا التضارب في الروايات يضيف إلى تعقيد الوضع ويؤجج التوترات.

دور اليونيفيل وجهود الوساطة

تلعب قوات اليونيفيل دوراً هاماً في مراقبة الحدود ومنع التصعيد، لكن نطاق صلاحياتها محدود. تعتبر اليونيفيل شريكاً رئيسياً في جهود حفظ السلام، وتسعى إلى التوسط بين الطرفين وتهدئة التوترات. ولكن، مع استمرار الخلافات حول الجدار الحدودي واستمرار التهديدات من الطرفين، يصبح دور اليونيفيل أكثر صعوبة.

تتطلب هذه الأزمة حلاً سياسياً شاملاً يتناول جذور الصراع ويعزز الاستقرار في المنطقة. ويتضمن ذلك معالجة التحديات التي تواجه لبنان، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية والسياسية، وتعزيز سلطة الحكومة المركزية، والعمل على نزع سلاح حزب الله من خلال الحوار والتفاوض.

مستقبل التوترات: سيناريوهات محتملة

لا يزال مستقبل التوترات على الحدود الشمالية غير واضح. هناك عدة سيناريوهات محتملة، تتراوح بين استمرار الوضع الراهن من الاشتباكات المتقطعة إلى اندلاع حرب شاملة. يعتمد السيناريو الذي سيتحقق على عدة عوامل، بما في ذلك التطورات السياسية في لبنان، ومستوى الدعم الذي يتلقاه حزب الله من إيران، ورد فعل إسرائيل على أي تهديدات وشيكة.

في النهاية، يبقى الأمن والاستقرار على الحدود الشمالية هدفاً مشتركاً للطرفين. ويتطلب تحقيق هذا الهدف جهوداً مكثفة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك إسرائيل ولبنان والأمم المتحدة، للعمل معاً من أجل إيجاد حل سلمي ومستدام. يمكن للقارئ متابعة آخر التطورات حول هذا الموضوع من خلال زيارة موقع يورونيوز للحصول على تغطية شاملة وتحليلات متعمقة.

شاركها.
اترك تعليقاً