في تطور أمني هام، ألقت القوات اللبنانية القبض على نوح زعيتر، أحد أخطر المطلوبين بقضايا المخدرات والأسلحة في لبنان. هذه العملية، التي جرت في منطقة بعلبك شرق البلاد، تمثل ضربة قوية لشبكات تهريب المخدرات التي تنشط في المنطقة. يثير توقيف نوح زعيتر تساؤلات حول مستقبل تجارة الكبتاغون والجهود المبذولة لمكافحة الجريمة المنظمة في لبنان.

من هو نوح زعيتر؟ سيرة حياة “إمبراطور الكبتاغون”

نوح زعيتر (48 عامًا) ليس مجرد مجرم عادي، بل هو شخصية بارزة في عالم الجريمة المنظمة في لبنان. يُعرف بكونه أحد أكبر تجار ومهربي المخدرات، وخاصة حبوب الكبتاغون التي شهدت ازدهارًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصةً في التجارة بين لبنان وسوريا. لم يكن زعيتر غائبًا عن الرادار الأمني، إذ صدرت بحقه عشرات مذكرات التوقيف والأحكام الغيابية، لكنه تمكن لسنوات من التحصن في بلدة الكنيسة، مستفيدًا من حماية مسلحين من عشيرته.

تاريخ حافل بالجرائم

لم تقتصر أنشطة زعيتر على تجارة المخدرات. الاتهامات الموجهة إليه تشمل تأليف عصابات للاتجار بالأسلحة، السلب والسرقة بقوة السلاح، وإطلاق النار على عناصر الجيش ومراكزهم، وحتى خطف أشخاص مقابل فدية مالية. في مارس 2024، أصدرت المحكمة العسكرية حكمًا غيابيًا بإعدامه بتهمة إطلاق النار على عناصر الجيش في حي الشراونة ببعلبك.

عملية القبض على نوح زعيتر: تفاصيل الكمين

تم القبض على نوح زعيتر خلال كمين أمني مُحكم نصبته القوات اللبنانية على طريق الكنيسة في بعلبك. وفقًا لمصادر عسكرية، سلم زعيتر نفسه للاستخبارات العسكرية بعد مواجهة قصيرة. الجيش اللبناني لم يكشف عن اسم زعيتر بشكل مباشر، بل أشار إليه بالأحرف الأولى من اسمه، مؤكدًا أنه أحد أخطر المطلوبين بقضايا متعددة. هذه العملية الأمنية تأتي بعد شهرين فقط من إعلان السلطات اللبنانية عن تفكيك أحد أكبر معامل تصنيع الكبتاغون في بلدة اليمونة في بعلبك، مما يشير إلى تصاعد الجهود لمكافحة تجارة المخدرات في المنطقة.

ارتباطات نوح زعيتر الإقليمية والعقوبات الدولية

لا تقتصر أهمية قضية نوح زعيتر على نطاق لبنان فقط، بل تمتد لتشمل أبعادًا إقليمية. تشير تقارير إلى أن زعيتر قاتل إلى جانب حزب الله في سوريا لدعم نظام الأسد. كما أنه كان متورطًا في تجارة الكبتاغون مع أفراد من عائلة الأسد، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات عليه وعلى شركائه.

العقوبات الأمريكية والأوروبية

في عام 2024، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مشتركة مع بريطانيا على اثنين من أبناء عمومة الرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى نوح زعيتر، بتهمة تهريب الكبتاغون. لاحقًا، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة على الأشخاص الثلاثة. هذه العقوبات تعكس الاهتمام الدولي بمكافحة شبكات تهريب المخدرات التي تمتد عبر الحدود وتساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي. مكافحة المخدرات أصبحت أولوية دولية، خاصةً مع تزايد انتشار الكبتاغون وتأثيره المدمر على المجتمعات.

مستقبل مكافحة الجريمة المنظمة في لبنان

توقيف نوح زعيتر يمثل خطوة مهمة في جهود مكافحة الجريمة المنظمة في لبنان، لكنه ليس نهاية المطاف. لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه السلطات اللبنانية، بما في ذلك الفساد، وضعف المؤسسات، وتواجد شبكات تهريب قوية. من الضروري استمرار الجهود الأمنية وتكثيف التعاون الإقليمي والدولي لقطع الإمدادات عن هذه الشبكات وتفكيكها.

بالإضافة إلى ذلك، يجب معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع إلى الانخراط في تجارة المخدرات، مثل الفقر والبطالة واليأس. الاستثمار في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص عمل للشباب يمكن أن يساهم في الحد من انتشار الجريمة المنظمة.

في الختام، يمثل القبض على نوح زعيتر نقطة تحول في مكافحة الجريمة المنظمة في لبنان، لكن النجاح الحقيقي يتطلب جهودًا مستمرة وشاملة لمعالجة جميع جوانب هذه المشكلة المعقدة. نأمل أن تكون هذه العملية بداية لمرحلة جديدة من الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً