اختُتم مؤخرًا في مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق، منتدى الشرق الأوسط للأمن والسلام (MEPS 2025)، وهو حدث بالغ الأهمية جمع نخبة من السياسيين والأكاديميين والدبلوماسيين لمناقشة التحديات الأمنية والسياسية الملحة التي تواجه المنطقة. هذا منتدى الشرق الأوسط للأمن والسلام لم يكن مجرد لقاء تقليدي، بل منصة حقيقية لتبادل الأفكار والبحث عن حلول مبتكرة للأزمات المتفاقمة، مع تركيز خاص على الوضع في سوريا ومستقبل العراق.

أهمية منتدى الشرق الأوسط للأمن والسلام (MEPS 2025)

شارك في هذا الحدث البارز شخصيات رئيسية من العراق وإقليم كردستان وشمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى وفود من الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية. حضور هذه الشخصيات الرفيعة المستوى يؤكد على الأهمية التي يكتسبها هذا المنتدى كملتقى للحوار البناء والبحث عن سبل لتعزيز الاستقرار الإقليمي. الهدف الرئيسي للمنتدى هو تسليط الضوء على التحديات الأمنية والتحولات السياسية وأزمات ما بعد الحروب، وتقديم رؤى جديدة حول كيفية التعامل مع هذه القضايا المعقدة.

القضية السورية في صدارة النقاشات

حظيت القضية السورية باهتمام خاص خلال فعاليات المنتدى، حيث تم التركيز على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية كنموذج محتمل للحوار وبناء السلام. الرئيسة المشتركة للعلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، أكدت أن جذور الأزمة السورية تعود إلى عقلية حكم تعتمد على السلطة والإقصاء، مما أدى إلى تهميش المكونات المختلفة وتكريس التمييز.

نحو حل سياسي شامل في سوريا

أوضحت أحمد أن أي عملية سياسية حقيقية يجب أن تستند إلى دستور جديد يضمن الحقوق ويقيم إدارة تشاركية تتجاوز هيمنة المركز. كما أشارت إلى أن الاتهامات الموجهة للإدارة الذاتية تعكس استمرار عقلية الإقصاء، مما يعرقل عملية التفاوض مع الحكومة الانتقالية. وشددت على أهمية الإصلاح الثقافي والتعليم والإعلام، وتمكين المرأة سياسيًا لضمان نجاح أي عملية سلام.

القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أكد بدوره أن سوريا وصلت إلى مرحلة لم تعد فيها الحرب أداة للحل، وأن اتفاق 10 آذار بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق شكل نقطة تحول مهمة. وأشار إلى أن سوريا بعد 15 عامًا من الحرب لن تعود إلى نموذج الدولة المركزية، وأن اللامركزية هي الخيار الأمثل لضمان حل مستدام. كما وجه رسالة إلى أنقرة، مؤكدًا أن قوات سوريا الديمقراطية لا تشكل تهديدًا لتركيا، داعيًا إلى منح الحوار فرصة حقيقية.

مستقبل العراق والعلاقة مع إقليم كردستان

لم يقتصر منتدى الشرق الأوسط للأمن والسلام على مناقشة الوضع السوري، بل ركز أيضًا على مستقبل العراق السياسي وعلاقته بإقليم كردستان. رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، شدد على أهمية تطبيق الدستور العراقي كاملاً، باعتباره يوفر إطارًا متقدمًا للشراكة والتوازن بين المركز والأقاليم. وحذر من أن أي تجاهل لهذه الحقوق سيؤدي إلى تفاقم الأزمات.

نحو شراكة حقيقية بين المركز والأقاليم

رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أكد التزام الحكومة بتشكيل حكومة وفق المسار الدستوري بعد الانتخابات، مع التركيز على التوافق والشراكة الحقيقية بين الأطراف. وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، حذر من وجود مليشيات مسلحة تهدد الاستقرار، داعيًا إلى توحيد الصف السياسي والأمني. رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور البارزاني، أكد أن دعم حكومته لأي تشكيلة حكومية جديدة مرتبط بالالتزام بالاستحقاقات الدستورية وحقوق الإقليم.

القادة العراقيون والكردستانيون اتفقوا على أن مرحلة ما بعد الانتخابات تتطلب خطوات عملية تشمل تشكيل مجلس النواب وتفعيل المحكمة الاتحادية وتطبيق المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها وإقرار قانون النفط والغاز. وشددوا على أن حل الملفات العالقة يحتاج إلى إرادة سياسية مشتركة، وأن مستقبل العراق السياسي يتطلب الالتزام بالقوانين والدستور وبناء مؤسسات قوية. الاستقرار السياسي في العراق هو مفتاح الاستقرار الإقليمي.

خلاصة القول

إن منتدى الشرق الأوسط للأمن والسلام (MEPS 2025) كان بمثابة فرصة هامة لتبادل وجهات النظر والبحث عن حلول للتحديات التي تواجه المنطقة. التركيز على الحوار والتوافق والشراكة، بالإضافة إلى أهمية تطبيق الدساتير والقوانين، يمثل خطوات أساسية نحو تحقيق الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط. نتطلع إلى أن تسفر هذه النقاشات عن نتائج ملموسة تساهم في بناء مستقبل أفضل للجميع. يمكنكم متابعة المزيد من الأخبار والتحليلات حول هذا الموضوع على موقعنا.

شاركها.
اترك تعليقاً