في الأشهر الأخيرة، شهدت العيادات الطبية في كل من لندن وبريستول ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المرضى الذين يعانون من مشكلة صحية مزعجة: البواسير. وبينما قد تبدو هذه المشكلة غير مرتبطة بشكل مباشر بجهود إنقاص الوزن، كشف طبيب عن ارتباط مقلق بين استخدام حقن إنقاص الوزن الشهيرة، مثل مونجارو وأوزمبيك، وزيادة حالات الإصابة بالبواسير. هذا المقال سيتناول تفاصيل هذا الارتباط، والأسباب المحتملة، وكيفية التعامل مع هذه المشكلة.

حقن إنقاص الوزن وارتفاع حالات البواسير: ما العلاقة؟

الدكتور روس بيري، المدير الطبي لعيادات سكين كلينيكس، هو من أثار هذا التحذير. وأوضح أن عددًا متزايدًا من المرضى الذين يتلقون حقن “ناهضات جي إل بي 1” (GLP-1 agonists) يبلغون عن “تغيرات كبيرة في الأمعاء”، ومن بين هذه التغيرات ظهور أو تفاقم البواسير. هذه الأدوية، التي كانت تستخدم في الأصل لعلاج مرض السكري، أصبحت شائعة جدًا لقدرتها على المساعدة في فقدان الوزن من خلال تثبيط الشهية.

لكن هذه الفعالية لا تخلو من آثار جانبية، والتي تتراوح بين الغثيان والإمساك. وفي بعض الحالات، يمكن أن تتسبب في تلف الأعضاء بل وحتى تهدد الحياة. أصبح الإجهاد الناتج عن محاولة التغلب على الإمساك، والذي يعتبر من الآثار الجانبية الشائعة لهذه الحقن، أحد الأسباب الرئيسية لظهور مشكلة البواسير.

كيف تساهم حقن إنقاص الوزن في تفاقم البواسير؟

هناك عدة عوامل قد تفسر هذا الارتباط المثير للقلق. أولًا، كما ذكرنا، تسبب هذه الحقن -مثل أوزمبيك- غالبًا الإمساك. الإمساك يؤدي إلى زيادة الضغط على الأوردة في منطقة المستقيم، مما يجعلها تنتفخ وتتحول إلى بواسير.

ثانيًا، لاحظ الدكتور بيري أن العديد من المرضى الذين يتناولون هذه الحقن يسعون لتعويض فقدان الوزن بزيادة النشاط البدني ورفع الأثقال، وهو أمر إيجابي في حد ذاته. لكن المجهود البدني الزائد، خاصةً عند رفع الأثقال، يمكن أن يزيد من الضغط على منطقة الشرج والمستقيم، وبالتالي تفاقم مشكلة البواسير أو حتى ظهورها لأول مرة. هذا الأمر مهم بشكل خاص لأن هذه الأدوية يمكن أن تبطئ من حركة الطعام عبر الجهاز الهضمي، مما يجعل البراز أكثر جفافًا وصلابة ويساهم في الإمساك.

تأخير إفراغ المعدة وتجفيف البراز

تسبب أدوية “جي إل بي 1” (GLP-1) في تأخير عملية إفراغ المعدة، ونتيجة لذلك، يتباطأ انتقال الطعام عبر الجهاز الهضمي. هذا التباطؤ يؤدي إلى امتصاص المزيد من الماء من البراز، مما يجعله أكثر جفافاً وصلابة – وهو ما يزيد من صعوبة التبرز وبالتالي الإجهاد الذي يؤدي إلى البواسير.

أعراض يجب الانتباه إليها

من المهم جدًا الانتباه إلى أي تغييرات في حركة الأمعاء وتجاهلها وعدم التردد في استشارة الطبيب. بالإضافة إلى الألم والانزعاج في منطقة الشرج، قد تشمل أعراض البواسير:

  • نزيف من الشرج
  • حكة شديدة
  • تورم أو وجود كتلة حول فتحة الشرج
  • إحساس بالامتلاء وعدم الراحة

كما يحذر الأطباء من أن بعض أعراض أدوية إنقاص الوزن قد تتشابه مع أعراض أمراض أكثر خطورة، مثل سرطان الأمعاء، مما يجعل التشخيص المبكر أمرًا صعبًا. لذلك، من الضروري ألا يتم تجاهل أي أعراض مقلقة.

كيفية التعامل مع البواسير الناتجة عن حقن إنقاص الوزن

لحسن الحظ، يمكن علاج معظم حالات البواسير بشكل فعال. تشمل العلاجات المتاحة:

  • زيادة تناول الألياف والماء: يساعد ذلك على تليين البراز وتقليل الإجهاد أثناء التبرز.
  • الكريمات والمراهم الموضعية: توفر هذه المنتجات تخفيفًا مؤقتًا للألم والحكة.
  • مسكنات الألم: يمكن أن تساعد في تخفيف الألم الشديد.
  • العلاجات غير الجراحية: مثل الربط المطاطي أو العلاج بالأشعة تحت الحمراء، والتي تستخدم لتقليل تدفق الدم إلى البواسير وتسبب تقلصها.
  • الجراحة: في الحالات الشديدة والمزمنة، قد تكون الجراحة هي الحل الوحيد لإزالة البواسير.

تحذيرات وتوصيات هامة

على الرغم من أن هذه الحقن قد تكون فعالة في إنقاص الوزن، إلا أنها ليست خالية من المخاطر. تؤكد هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) على ضرورة عدم تناول أي دواء مضاد للسمنة إلا بوصفة طبية. كما تحذر وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) من أن فوائد ومخاطر استخدام هذه الأدوية لغير المصابين بالسمنة أو الأمراض ذات الصلة لم يتم دراستها بشكل كافٍ.

يعتبر التشديد على أهمية اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وممارسة الرياضة بانتظام، تحت إشراف طبي، هو الحل الأمثل والأكثر أمانًا لإنقاص الوزن والحفاظ على صحة جيدة. إذا كنت تتناول أيًا من هذه الحقن، فمن المهم جدًا مراقبة أي تغييرات في حركة الأمعاء والتواصل مع طبيبك في حال ظهور أي أعراض مقلقة، خاصةً إذا كنت تعاني من البواسير. الوقاية خير من العلاج، والتشخيص المبكر يضمن الحصول على العلاج المناسب وتجنب المضاعفات.

شاركها.
اترك تعليقاً