في عالم يسعى باستمرار إلى حلول مبتكرة لمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية، ظهرت نتائج واعدة لعقار جديد يُدعى إنليستيد (Enlistide). تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هذا الدواء قد يمثل نقلة نوعية في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) لدى المرضى الأكثر عرضة للخطر. هذه النتائج، التي تم تقديمها في الجلسات العلمية لجمعية القلب الأمريكية لعام 2025، تثير الأمل في تحسين صحة القلب على نطاق واسع.
إنليستيد: بديل واعد لخفض الكوليسترول الضار
تعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة عالميًا، ويرتبط ارتفاع الكوليسترول الضار بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. تقليديًا، يعتمد العلاج على تغيير نمط الحياة والأدوية مثل الستاتينات. ومع ذلك، يجد العديد من المرضى صعوبة في الوصول إلى المستويات الموصى بها من الكوليسترول، حتى مع هذه العلاجات. هنا يأتي دور إنليستيد كخيار علاجي جديد.
آلية عمل إنليستيد
يعمل إنليستيد عن طريق تثبيط بروتين PCSK9، وهو بروتين يمنع الكبد من إزالة الكوليسترول الضار من الدم. الأدوية المثبطة لـ PCSK9 موجودة بالفعل، ولكنها تُعطى عن طريق الحقن. ما يميز إنليستيد هو أنه دواء يؤخذ عن طريق الفم، مما يجعله أكثر ملاءمة للمرضى. يمنع إنليستيد PCSK9 من الارتباط بمستقبلات LDL، مما يزيد من عدد المستقبلات المتاحة لإزالة الكوليسترول الضار.
نتائج الدراسة الرئيسية
شملت الدراسة 2912 بالغًا، معظمهم ممن سبق لهم الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، أو كانوا معرضين لخطر كبير للإصابة بهما. أظهرت النتائج بعد 24 أسبوعًا من العلاج اليومي بإنليستيد ما يلي:
- انخفاض يصل إلى 60% في مستويات الكوليسترول الضار (LDL).
- انخفاض بنسبة 53% في الكوليسترول غير عالي الكثافة (non-HDL).
- انخفاض بنسبة 50% في بروتين ApoB، وهو بروتين يلعب دورًا في نقل الكوليسترول الضار.
- انخفاض بنسبة 28% في Lp(a)، وهو نوع من البروتينات الدهنية المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
الأهم من ذلك، كانت الآثار الجانبية للعقار مشابهة لتلك الموجودة في الدواء الوهمي، مما يشير إلى أن إنليستيد آمن للاستخدام.
مقارنة إنليستيد بالعلاجات الحالية
تعتبر مثبطات PCSK9 الحالية، التي تُعطى عن طريق الحقن، فعالة للغاية في خفض الكوليسترول الضار. ومع ذلك، فإن الحقن قد تكون غير مريحة للعديد من المرضى. يوفر إنليستيد بديلاً عن طريق الفم، مما قد يزيد من التزام المرضى بالعلاج. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن إنليستيد يحقق تحسينات مماثلة في مستويات الكوليسترول مقارنة بالعلاجات الحالية. هذا يجعله خيارًا واعدًا للمرضى الذين لا يستجيبون بشكل كافٍ للستاتينات أو الذين لا يستطيعون تحملها.
تأثير إنليستيد على صحة القلب والأوعية الدموية
إن خفض مستويات الكوليسترول الضار بشكل فعال يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. تشير الدراسات إلى أن كل انخفاض بنسبة 1% في LDL يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 1%. لذلك، فإن انخفاضًا بنسبة 60% في LDL، كما هو موضح في دراسة إنليستيد، يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحة القلب. بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض مستويات ApoB و Lp(a) يمكن أن يوفر حماية إضافية ضد أمراض القلب.
مستقبل إنليستيد وعلاج ارتفاع الكوليسترول
تعتبر نتائج دراسة إنليستيد خطوة مهمة إلى الأمام في علاج ارتفاع الكوليسترول و الوقاية من أمراض القلب. من المتوقع أن يخضع الدواء لمزيد من الدراسات والتقييمات قبل الموافقة عليه للاستخدام على نطاق واسع. ومع ذلك، فإن النتائج الأولية واعدة للغاية، وتشير إلى أن إنليستيد قد يصبح إضافة قيمة إلى مجموعة الأدوات المتاحة للأطباء والمرضى على حد سواء.
بالإضافة إلى إنليستيد، هناك أبحاث مستمرة لتطوير علاجات جديدة لخفض الكوليسترول، بما في ذلك الأدوية التي تستهدف مسارات مختلفة في عملية التمثيل الغذائي للدهون. مع استمرار التقدم في هذا المجال، يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من الخيارات العلاجية الفعالة والآمنة في المستقبل القريب. إن الاستمرار في البحث والتطوير في مجال علاج ارتفاع الكوليسترول هو أمر بالغ الأهمية لتحسين صحة القلب على مستوى العالم.















