في خضم تطورات متسارعة، تشهد الساحة الأوكرانية تصعيدًا في وتيرة القتال وتبادل الهجمات بين القوات الروسية والأوكرانية، بالتزامن مع مبادرات دبلوماسية تسعى لإيجاد حل سلمي للأزمة. يتركز الاهتمام حاليًا على خطة السلام الأمريكية المقترحة، وتقييمات كل من الرئيسين الروسي والأوكراني لها، في ظل أوضاع ميدانية معقدة وتحديات كبيرة تواجه الطرفين. هذا المقال يتناول آخر المستجدات في الحرب الروسية الأوكرانية، مع التركيز على التطورات العسكرية والجهود الدبلوماسية الجارية.

تصعيد عسكري متبادل بين روسيا وأوكرانيا

خلال الساعات الماضية، تصاعدت حدة القتال بين روسيا وأوكرانيا، حيث تبادل الطرفان الهجمات بالمسيرات والصواريخ. أفادت القيادة الأوكرانية بإسقاط 89 مسيرة من أصل 104، مع استهداف أهداف في مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك صاروخ باليستي من طراز “إسكندر-إم”. كما تعرضت مناطق في خيرسون لقصف مكثف، بالإضافة إلى هجوم روسي على معبر أورليفكا الحدودي مع رومانيا.

في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تدمير 69 طائرة مسيرة أوكرانية، مستهدفةً مقاطعات متعددة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ومنطقة سامارا. وقد أسفرت هذه الهجمات عن سقوط ضحايا في مدينة سيزران، حيث قُتل شخصان وأصيب اثنان آخران نتيجة سقوط حطام المسيرات على منشآت للطاقة. كما استهدفت مسيرات أوكرانية محطة فرعية للكهرباء في كورسك، ومنشآت صناعية ومرافق الطاقة في سامارا.

السيطرة على كوبيانسك وتطورات في خاركيف

أعلنت هيئة الأركان العامة الروسية عن تحرير مدينة كوبيانسك بالكامل، بينما أفادت وزارة الدفاع الروسية بالسيطرة على 16 بلدة ومدينة في مقاطعة خاركيف خلال أسبوع، بما في ذلك كوبيانسك وبلدة رادوسنوي في مقاطعة دنيبروبيتروفسك. إلا أن الجيش الأوكراني نفى هذه الادعاءات، واصفًا إياها بـ “غير الدقيقة”. هذه التطورات الميدانية تعكس استمرار المعارك الضارية والجهود الروسية لتعزيز سيطرتها على المناطق الشرقية من أوكرانيا.

تقييمات متباينة لخطة السلام الأمريكية

وسط هذه التطورات العسكرية، تتصدر خطة السلام الأمريكية المشهد الدبلوماسي. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتبر أن الخطة، التي حصلت عليها بلاده “عبر قنوات التعاون المتاحة مع الإدارة الأميركية”، يمكن أن تكون أساسًا للتسوية السلمية النهائية، لكنه انتقد رفض كييف وحلفائها للدخول في نقاش حولها. بوتين أشار إلى أنهم “ما زالوا يعيشون في أوهام تحقيق هزيمة إستراتيجية لروسيا”.

في المقابل، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الوضع الذي تمر به بلاده بأنه “أحد أصعب اللحظات في تاريخها”، مشيرًا إلى أن كييف أمام خيارين: قبول 28 نقطة صعبة واردة في الخطة، أو مواجهة “شتاء قاس للغاية”. وأعلنت الرئاسة الأوكرانية عن إجراء مشاورات مكثفة بشأن الخطوات اللازمة لإنهاء الحرب، وتشكيل وفد أوكراني للمفاوضات المقبلة. وتؤكد أوكرانيا استعدادها للعمل من أجل تحقيق سلام حقيقي يليق بالشعب الأوكراني. الأزمة الأوكرانية تتطلب حلولًا دبلوماسية فعالة.

تفاصيل خطة ترامب للسلام

تكشف تفاصيل خطة السلام الأمريكية المقترحة عن رؤية تتضمن اعترافًا بسيطرة روسيا بحكم الأمر الواقع على دونباس وشبه جزيرة القرم، وتجميد خطوط السيطرة في خيرسون وزاباروجيا. كما تتضمن الخطة تحديد حجم الجيش الأوكراني بـ600 ألف جندي، ومنع كييف دستورياً من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

بالإضافة إلى ذلك، تشمل الخطة تشغيل محطة زاباروجيا النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقسيم إنتاجها الكهربائي بين روسيا وأوكرانيا، وضمان حرية استخدام أوكرانيا لنهر دنيبر تجارياً وتسهيل نقل الحبوب عبر البحر الأسود. في المقابل، تنص على سن روسيا قانونًا يضمن عدم الاعتداء على أوروبا وأوكرانيا. هذه الخطة تثير جدلاً واسعًا حول مدى واقعيتها وقبولها من قبل الطرفين. المفاوضات الروسية الأوكرانية تواجه تحديات كبيرة.

موقف الاتحاد الأوروبي

أما الاتحاد الأوروبي، فقد أكد أن دعمه لأي خطة سلام “مشروط بأن تحقق سلامًا عادلاً”، مشددًا على أن نجاح أي مبادرة يتطلب مشاركة أوكرانيا والأوروبيين في صياغتها. هذا الموقف يعكس حرص الاتحاد الأوروبي على ضمان تحقيق سلام دائم ومستدام في المنطقة.

في الختام، يظل الوضع في أوكرانيا معقدًا ومتغيرًا، مع استمرار القتال وتصاعد التوترات. خطة السلام الأمريكية تمثل فرصة محتملة لإنهاء الحرب، لكن نجاحها يعتمد على استعداد الطرفين لتقديم تنازلات والعمل بروح من التعاون. مستقبل الصراع في أوكرانيا لا يزال غامضًا، ويتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة لتحقيق سلام دائم ومستقر. نأمل أن تؤدي هذه الجهود إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وإعادة بناء أوكرانيا.

شاركها.
اترك تعليقاً