أثر استخدام المقاطع القصيرة علىجودة النوم يثير قلقاً متزايداً، خاصةً بين الأطفال والمراهقين. فقد حذر الدكتور سعود العمر، استشاري طب الأطفال والمراهقين، من تأثير هذه المقاطع على إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ. جاءت هذه التحذيرات خلال مداخلة له في برنامج “ياهلا” على قناة “روتانا خليجية” في 22 نوفمبر 2025، مسلطاً الضوء على أهمية النوم العميق لتنمية الدماغ والوظائف الإدراكية.
وتشير الإحصائيات الحديثة إلى ارتفاع معدلات الأرق واضطرابات النوم لدى الفئات العمرية الشابة، بالتزامن مع تزايد الاعتماد على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لمشاهدة هذه المحتويات. وقد ناشد الدكتور العمر بتجنب استخدام الشاشات قبل النوم بساعتين على الأقل، بهدف تحسينجودة النوم والحفاظ على صحة الأجيال القادمة. يضاف إلى ذلك تزايد الاهتمام بالصحة الرقمية، كتحدٍ جديد يواجه الأنظمة الصحية.
تأثير المقاطع القصيرة على هرمون الميلاتونين ودورة النوم
هرمون الميلاتونين هو هرمون طبيعي يفرزه الجسم استجابة للظلام، ويساعد على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ. الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الأجهزة الإلكترونية يثبط إنتاج هذا الهرمون، مما يؤدي إلى صعوبة النوم وتأخر الشعور بالنعاس. هذا التأثير يعتبر أكثر وضوحاً في حالة التعرض المستمر لهذه الشاشات، كما هو الحال عند مشاهدة المقاطع القصيرة بشكل متكرر.
الضوء الأزرق وتشتت الانتباه
بالإضافة إلى تأثيره على الميلاتونين، يساهم الضوء الأزرق في تشتيت الانتباه وتقليل القدرة على التركيز. هذا يرجع إلى أن الضوء الأزرق يحفز الخلايا العصبية في الدماغ، مما يجعله أكثر نشاطًا ويقلل من فرص الاسترخاء والدخول في حالة النوم. كما أن طبيعة المقاطع القصيرة ذاتها، والتي تعتمد على الإثارة السريعة والتغيير المستمر، تزيد من صعوبة تهدئة الدماغ.
الأبحاث في مجال علم الأعصاب تشير إلى أن الحرمان من النوم العميق يؤثر سلباً على وظائف الذاكرة والتعلم، وكذلك على المزاج والصحة العامة. لذلك، فإن الحفاظ علىجودة النوم يعتبر أمراً بالغ الأهمية، خاصةً بالنسبة للأطفال والمراهقين الذين يمرون بمراحل نمو وتطور حاسمة.
أبعاد أوسع لمشكلة اضطرابات النوم
لا يقتصر تأثير المقاطع القصيرة علىجودة النوم فحسب، بل يمتد ليشمل جوانب أخرى من الصحة والسلوك. فرط الحركة الرقمي (Digital Hyperactivity)، وهو مصطلح يصف حالة من الإفراط في النشاط والانفعال نتيجة للتعرض المفرط للمحتوى الرقمي، يرتبط بشكل وثيق باضطرابات النوم. أشار خبراء الصحة النفسية إلى أن قلة النوم تزيد من خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب لدى المراهقين.
تترافق هذه المشكلة أيضاً مع تزايد ظاهرة إدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. فهم قضاء وقت طويل في تصفح هذه المنصات ومشاهدة المقاطع القصيرة، مما يؤدي إلى إهمال الأنشطة الأخرى الهامة مثل الدراسة والرياضة والتفاعل الاجتماعي. هذا البدوره يعزز الشعور بالعزلة والوحدة، ويساهم في تفاقم مشاكل الصحة النفسية.
في المقابل، هناك جدل حول الدور الإيجابي المحتمل للمقاطع القصيرة في نشر المعرفة والترفيه. ومع ذلك، يرى متخصصون أن هذه الفوائد لا ترجح كفة الأضرار الصحية والنفسية المحتملة، خاصةً عند الإفراط في استخدامها وعدم مراعاة الاحتياطات اللازمة. يجب أن يكون الاستهلاك مسؤولاً، ومتوازناً مع أنشطة أخرى تعزز الصحة الجسدية والعقلية.
توصيات للحفاظ على صحة النوم
بالإضافة إلى تجنب الشاشات قبل النوم، يقترح الخبراء اتباع مجموعة من الإجراءات لتحسينجودة النوم. من بين هذه الإجراءات تحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ، وتوفير بيئة نوم هادئة ومريحة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتجنب تناول الكافيين والسكريات قبل النوم. كما ينصح بتهيئة الأجواء النفسية للاسترخاء، مثل قراءة كتاب أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة.
تستمر وزارة الصحة في حملاتها التوعوية حول أهمية النوم الصحي، وأضرار الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية. وتسعى الوزارة إلى توفير الدعم والمساعدة للأفراد والأسر الذين يعانون من اضطرابات النوم. كما تعمل على تطوير برامج تدريبية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، لتعزيز قدراتهم في تشخيص وعلاج هذه الحالات.
من المتوقع أن تستمر النقاشات حول تأثير التكنولوجيا على النوم في التوسع، وأن تتطلب حلولاً مبتكرة تضمن الاستفادة من مزاياها مع الحفاظ على صحة الأفراد والمجتمعات. تشير التوجهات الحالية إلى زيادة الاهتمام بتطبيقات وبرامج تهدف إلى تحسينجودة النوم، وتقليل التعرض للضوء الأزرق. سيتطلب الأمر مزيداً من الدراسات والأبحاث لتقييم فعالية هذه الأدوات، وتحديد أفضل الممارسات لتعزيز النوم الصحي في العصر الرقمي.















