يهدف هذا المقال إلى تحليل أبعاد عملية الاغتيال الأخيرة التي استهدفت القيادي في حزب الله، هيثم علي الطبطبائي، في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتداعيات الاستراتيجية والعسكرية المحتملة لهذا الحدث. تُشير العملية إلى خرق أمني واستخباري كبير داخل الحزب، وهو ما يستدعي دراسة متعمقة.
خرق استخباري “بالغ الخطورة” داخل حزب الله: تحليل لعملية الاغتيال
يشير استهداف هيثم علي الطبطبائي، داخل الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى وجود خرق استخباري “بالغ الخطورة” داخل الدائرة الأكثر انغلاقًا في حزب الله، حسبما صرح به الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي. يرى الفلاحي أن دقة العملية وطبيعتها تكشف عن مستوى غير مسبوق من الوصول إلى معلومات حساسة للغاية يفترض أن تكون محمية بشكل كامل داخل بنية الحزب. هذا يعكس تحديًا كبيرًا للأمن الاستخباري لحزب الله، ويضع علامات استفهام حول آليات الحماية المتبعة.
تفاصيل الهجوم وتوقيت التنفيذ
هز انفجار قوي الضاحية الجنوبية لبيروت عصر يوم الأحد، أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 28 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية. أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن الغارة، مؤكدة أنها استهدفت بدقة شخصية بارزة في الحزب، وهي الطبطبائي. هذا الهجوم أعاد إلى الواجهة طبيعة المواجهة الاستخباراتية المعقدة بين الطرفين، وكيف تجاوزت الاعتبارات الميدانية إلى استهداف مباشر للقادة.
ويؤكد الفلاحي أن استمرار الغارات الإسرائيلية بعد وقف إطلاق النار في جنوب لبنان وغزة يوضح أن الاتفاق لا يشمل حزب الله أو الفصائل الفلسطينية. لذلك، فإن عمليات الاغتيال والقصف تُعتبر جزءًا من مسار مستمر من التصعيد لم يتوقف فعليًا منذ بداية الحرب.
نوع السلاح المستخدم ودلالاته العسكرية
يشير تحليل نوع السلاح المستخدم في العملية إلى رغبة إسرائيل في تنفيذ اغتيال “محدود الأثر” داخل منطقة مكتظة بالسكان. يُرجح الخبراء استخدام قنابل من طراز “جي بي يو-39” المصممة بدقة لتحديد الأهداف داخل المباني السكنية دون التسبب في دمار واسع النطاق. بعض الروايات تشير إلى استخدام ست قنابل، بينما تتحدث أخرى عن صاروخين من طراز “هيلفاير”.
هذا الاختيار الدقيق للسلاح يعكس تخطيطًا مسبقًا بهدف تقليل الخسائر الجانبية مع ضمان تحقيق الهدف الرئيسي وهو اغتيال الطبطبائي. تُعزز هذه المعطيات وجود عملية رصد دقيقة للغاية سبقت التنفيذ.
“المعلومة الذهبية” والاختراق البشري
أفادت المصادر الإسرائيلية بأن عملية الاغتيال جاءت بعد فترة وجيزة من الحصول على “المعلومة الذهبية”، حيث لم تتجاوز ساعة واحدة بين تلقي المعلومة وتنفيذ العملية. ويؤكد الفلاحي أن هذا الإطار الزمني الضيق لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وجود مصدر معلومات بشري داخل الدائرة الضيقة لحزب الله.
هذا الطرح يتطابق مع تقارير مراسلي الجزيرة التي أشارت إلى أن الغارة استهدفت مبنى محددًا وطابقًا معينًا في منطقة حارة حريك، وسط تحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية بعد الانفجار. الوصول إلى شخصية مسؤولة عن التخطيط الميداني وتوزيع القطاعات داخل الحزب يدل على أن جهازًا استخباريًا داخل الحزب قد تعرض لخلل جوهري.
تداعيات العملية على قيادة حزب الله
يعتبر هذا الخرق الأمني ليس مجرد اختراق سطحي، بل يتصل بمعلومات لا يعرفها سوى عدد قليل جدًا من الأشخاص. وهذا يثير تساؤلات حول طبيعة الاختراق ومن يقف خلفه. من المتوقع أن تكون تداعيات هذه العملية كبيرة على قيادة حزب الله، حيث ستؤثر على الأداء العملياتي ومعنويات القادة الميدانيين، نظرًا للصدمة الناتجة عن قدرة إسرائيل على الوصول إلى شخصية مركزية في إدارة المعركة.
الخبير العسكري يتوقع حدوث “شلل مؤقت” على مستوى القيادة الميدانية لحزب الله، ريثما يتم إعادة ترتيب الخطوط وتحديد مدى الاختراق. وقد أكد نتنياهو نجاح العملية، متوقعًا من الحكومة اللبنانية “تجريد الحزب من سلاحه”، مع وضع الجيش في حالة تأهب قصوى تحسبًا لأي رد فعل محتمل.
السرية والملابسات المحيطة بالعملية
يُشير تشديد حزب الله على السرية في ملء الشواغر القيادية إلى أن المعلومة قد تسربت، مما يؤكد وجود اختراق بشري في الدائرة الأقرب إلى الطبطبائي. هذا النوع من الاختراق يعتبر أخطر من التجسس التقني، لأنه يتيح قدرة أكبر على تتبع تحركات القيادات التي لا تظهر للعلن.
إلا أن التحليل لا يستبعد احتمال وجود وسائل أخرى استخدمتها إسرائيل، مثل زرع أجهزة تنصت داخل مناطق حساسة في الضاحية، مستفيدة من عملاء محليين قادرين على تهريب معدات صغيرة يصعب اكتشافها. تراكم هذه الوسائل قد يجعل الوصول إلى القيادات أكثر سهولة، وهو ما يفسر تعدد المحاولات التي أشارت إليها وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما في ذلك محاولتي اغتيال سابقتين للطبطبائي خلال الحرب.
كلمات مفتاحية رئيسية: اغتيال هيثم الطبطبائي
الكلمات المفتاحية الثانوية: حزب الله، الضاحية الجنوبية، عملية عسكرية، خرق أمني.
الخلاصة: تحول في قواعد الاشتباك
إن عملية اغتيال هيثم الطبطبائي تمثل تحولًا ملحوظًا في قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله. فبعد سنوات من المواجهة الميدانية، يبدو أن الصراع قد انتقل إلى بعد استخباري أعمق وأكثر خطورة. يجب على حزب الله إجراء تقييم شامل لأمنه الداخلي وتحديد الثغرات التي أدت إلى هذا الخرق، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز منظومته الأمنية والاستخباراتية. يذكر أن هذا التطور قد يدفع المنطقة إلى مزيد من التصعيد وعدم الاستقرار.
هل لديك أي أسئلة أخرى حول هذا الموضوع؟ أو هل ترغب في استكشاف جوانب أخرى من الصراع الإسرائيلي-الحزب اللبناني؟















