في السنوات الأخيرة، شهدنا اتجاهًا متزايدًا نحو تخصيص منتجات العناية بالبشرة لفئات عمرية أصغر وأصغر. هذا التحول أثار جدلاً واسعًا بين أطباء الجلدية والخبراء، خاصةً مع إطلاق علامات تجارية تستهدف الأطفال دون سن 14 عامًا. وتصاعد الجدل مؤخرًا بعد إطلاق ممثلة مشهورة لخط عناية ببشرة الأطفال يشمل أقنعة الوجه، الأمر الذي أثار انتقادات حادة من متخصصي الأمراض الجلدية. يركز هذا المقال على المخاطر المحتملة لهذا الاتجاه، وسبب قلق الأطباء، وكيف يمكن للوالدين اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحة بشرة أطفالهم.
انتشار “أطفال سيفورا” وتصاعد قلق الخبراء حول عناية ببشرة الأطفال
ازدادت شعبية منتجات العناية بالبشرة بين الأطفال والمراهقين بشكل كبير، مدفوعةً بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي. وقد ظهرت ظاهرة تُعرف بـ “أطفال سيفورا” (Sephora Kids)، حيث يشارك الأطفال مقاطع فيديو تعرض منتجات تجميل باهظة الثمن من مختلف العلامات التجارية. يثير هذا الاتجاه مخاوف بشأن الضغوط المبكرة على المظهر، وتطبيع إجراءات العناية بالبشرة التي قد لا تكون ضرورية أو مناسبة للأطفال.
بالإضافة إلى ذلك، تزايد عدد العلامات التجارية التي تستهدف هذه الفئة العمرية. في أكتوبر الماضي، أطلقت أول علامة تجارية للعناية بالبشرة مصممة خصيصًا للأطفال دون سن 14 عامًا في الولايات المتحدة. هذه الخطوة تدل على تحول كبير في صناعة التجميل، حيث لم تعد تقتصر على المراهقين والبالغين، بل امتدت لتشمل الأطفال الصغار.
أقنعة الوجه للأطفال: هل هي حقًا “ممتعة ولطيفة وآمنة”؟
أطلقت ممثلة تحظى بمتابعة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي – تزيد عن 35 مليون متابع – قناعًا للعناية بالبشرة مصنوعًا من الهيدروجيل للأطفال، مدعية أنه “مستوحى” من بناتها وأنها أرادت ابتكار شيء “ممتع ولطيف وآمن”. هذا الإعلان أثار موجة من الانتقادات من أطباء الجلدية، الذين وصفوا هذا المنتج بأنه غير ضروري وربما ضار.
الدكتورة إيما ويدجوورث، استشارية الأمراض الجلدية في المملكة المتحدة، وصفت هذه المنتجات بأنها “سخيفة”. وأوضحت أن بشرة الأطفال تختلف بشكل كبير عن بشرة البالغين، فهي أكثر حساسية ونفاذية. استخدام منتجات العناية بالبشرة، وخاصةً تلك التي تحتوي على مواد كيميائية قوية أو عطور، يمكن أن يؤدي إلى تهيج الجلد، والحساسية، وحتى مشاكل جلدية أكثر خطورة على المدى الطويل.
لماذا العناية بالبشرة المبكرة قد تكون ضارة؟
تصريح الدكتورة ويدجوورث يوضح أن الهدف من العناية بالبشرة في هذه المرحلة العمرية يجب أن يقتصر على الأساسيات:
- التنظيف اللطيف: استخدام منظفات خفيفة وغير معطرة لإزالة الأوساخ والشوائب.
- الترطيب: تطبيق مرطب إذا كانت بشرة الطفل جافة.
- الحماية من الشمس: استخدام واقي الشمس بشكل يومي لحماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
المكونات النشطة الموجودة في العديد من منتجات العناية بالبشرة، مثل الأحماض والريتينول، غير مناسبة للأطفال. كما أن التشجيع على استخدام أقنعة الوجه ومنتجات التجميل الأخرى في سن مبكرة يمكن أن يغرس لديهم تصورًا سلبيًا عن مظهرهم الطبيعي، ويزيد من قلقهم بشأن عيوب البشرة.
المخاطر المحتملة للمواد الكيميائية على بشرة الأطفال
تؤكد أطباء الجلدية أن بشرة الأطفال أكثر عرضة لامتصاص المواد الكيميائية من البشرة الناضجة. وهذا يعني أن أي مواد ضارة موجودة في منتجات العناية بالبشرة يمكن أن تخترق الجلد بسهولة وتسبب مشاكل صحية. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون الأطفال قادرين على التعبير عن ردود فعلهم تجاه المنتجات التي تسبب تهيجًا أو حساسية، مما يزيد من خطر التعرض للمواد الضارة.
ينصح الخبراء بالتركيز على بناء ثقة الأطفال بأنفسهم وقبول مظهرهم الطبيعي، بدلًا من تشجيعهم على استخدام منتجات تجميل باهظة الثمن. يجب على الوالدين أن يكونوا قدوة حسنة لأطفالهم من خلال إظهار حبهم لأجسامهم وتقديرهم لجمالهم الطبيعي.
بدائل صحية لـ منتجات العناية بالبشرة للأطفال
بدلًا من اللجوء إلى المنتجات التجارية، يمكن للوالدين اتباع بعض الإجراءات البسيطة للحفاظ على صحة بشرة أطفالهم:
- الحمام بماء فاتر: تجنب استخدام الماء الساخن، لأنه يجفف البشرة.
- استخدام صابون لطيف: اختر صابونًا خاليًا من العطور والمواد الكيميائية القاسية.
- ترطيب البشرة: استخدم مرطبًا خاليًا من العطور بعد الحمام.
- الحماية من الشمس: ضع واقي الشمس على بشرة الطفل قبل الخروج في الشمس.
الخلاصة: وعي الوالدين هو المفتاح
إن إطلاق منتجات عناية ببشرة الأطفال مثل أقنعة الوجه يثير تساؤلات مهمة حول تأثير هذه المنتجات على صحة ورفاهية الأطفال. في حين أن بعض الشركات قد تؤكد أن منتجاتها آمنة، فإن أطباء الجلدية يحذرون من المخاطر المحتملة للمواد الكيميائية وتأثير هذه المنتجات على ثقة الأطفال بأنفسهم.
يجب على الآباء والأمهات أن يكونوا على دراية بهذه المخاطر وأن يتخذوا قرارات مستنيرة بشأن المنتجات التي يستخدمونها على بشرة أطفالهم. تذكروا أن بشرة الأطفال حساسة وتحتاج إلى عناية خاصة، وأن الهدف الرئيسي من العناية بالبشرة في هذه المرحلة العمرية يجب أن يكون الحفاظ على صحتها وحمايتها، وليس تغيير مظهرها. شاركوا هذا المقال مع الأصدقاء والعائلة لزيادة الوعي حول هذا الموضوع المهم، وساهموا في حماية أطفالنا من الآثار السلبية المحتملة لتلك المنتجات.















