في تطور خطير يهدد الاستقرار الإقليمي، تصاعدت حدة التوتر بين إسرائيل وحزب الله بعد تنفيذ إسرائيل لضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت قيادياً عسكرياً بارزاً في الحزب. هذا الهجوم، الذي وقع يوم الأحد، أثار مخاوف واسعة من انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة، وأعاد إلى الأذهان شبح الحرب التي هددت المنطقة في السابق. يركز هذا المقال على تفاصيل الضربة الإسرائيلية، ردود الأفعال عليها، وتقييمات المصادر الأمريكية حول دوافع إسرائيل وتداعيات هذا التصعيد.

تفاصيل الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية

استهدفت الضربة الجوية، التي نفذتها إسرائيل، هيثم الطبطبائي، المعروف باسم أبو علي الطبطبائي، والذي وصفته مصادر إسرائيلية بأنه القائم بأعمال رئيس أركان حزب الله والشخص الثاني في الحزب. وأكدت مصادر أمنية لبنانية للجزيرة اغتيال الطبطبائي في الغارة. ووصفت أوساط في حزب الله العملية بأنها “عدوان خطير وخرق لخط أحمر جديد”.

وكشفت مصادر أمريكية للجزيرة أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً عن نيتها تنفيذ الضربة، لكن المسؤول الأمريكي لم يؤكد ما إذا كانت واشنطن قد تلقت تفاصيل حول هوية الهدف أو منحت “ضوءاً أخضر” مباشراً للعملية. هذا الإفصاح المسبق، وإن لم يكن تأكيداً كاملاً للدعم الأمريكي، يثير تساؤلات حول مستوى التنسيق بين الطرفين.

دوافع إسرائيل للتصعيد وتقييمات واشنطن

ترى واشنطن أن الوضع بين إسرائيل ولبنان “هش للغاية”، وأن إسرائيل تزيد من مستوى عملياتها لأسباب رئيسية. أولاً، يتعلق الأمر بقدرة الجيش اللبناني على نزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني. تقييمات الإدارة الأمريكية تشير إلى أن الجيش اللبناني يبذل جهوداً كبيرة، لكنه يفتقر إلى “القدرات الكافية والتفويض السياسي” اللازمين لإنجاح هذه المهمة. ثانياً، تشير التقديرات الأمريكية والإسرائيلية إلى أن قدرات حزب الله لم تتراجع منذ نهاية الحرب الأخيرة، بل تمكن الحزب من إعادة بناء ترسانته العسكرية.

هذه التطورات تثير مخاوف إسرائيلية من صمود أي وقف لإطلاق النار، خاصةً مع استمرار التوترات الحدودية. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته على لبنان، مع استمرار التسريبات الإعلامية حول خطط لشن هجوم جديد. وتشير التقارير إلى أن إسرائيل تخرق يومياً اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى.

آلية المراقبة الخماسية ودور الولايات المتحدة

تعتمد إسرائيل على الآلية الخماسية لمراقبة وقف إطلاق النار (التي تشارك فيها الولايات المتحدة) لتمرير معلومات حول مواقع يشتبه في أنها تابعة لحزب الله. وعندما لا يتحرك الجيش اللبناني، “تلجأ إسرائيل إلى تنفيذ ضربات مباشرة”، وأحياناً “من دون إنذار مسبق”.

في المقابل، تعمل واشنطن على تنشيط الآلية المشتركة واللجنة الخماسية بهدف “منع الانزلاق نحو مواجهة واسعة”. وقد دفعت الولايات المتحدة إلى تكثيف اجتماعات اللجنة لتُعقد كل أسبوعين نظراً لـ”حساسية الوضع الميداني”. هذه الجهود الأمريكية تهدف إلى احتواء التصعيد وتقليل فرص اندلاع حرب شاملة.

ردود فعل حزب الله والخطوات القادمة

في أول رد من حزب الله على الضربة الإسرائيلية، قال عضو المجلس السياسي محمود قماطي إن “العدوان الإسرائيلي استهدف شخصية جهادية”، وإن الحزب يعمل على التحقق من هويتها. ووصف قماطي العملية بأنها “عدوان وخرق لخط أحمر جديد”، مؤكداً أن “المقاومة هي التي تقرر كيفية الرد” بالتنسيق الكامل مع الدولة والجيش اللبناني.

هذا التصريح يشير إلى أن حزب الله يعتبر نفسه غير ملزم بأي قيود في الرد على الهجوم، وأن أي قرار بالرد سيكون من صلاحياته. التصعيد الإقليمي يزداد خطورة مع هذه التطورات، ويتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة لمنع انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة. كما أن استمرار التوتر يضع الجيش اللبناني في موقف صعب، حيث يواجه ضغوطاً متزايدة للسيطرة على الوضع ومنع المزيد من التصعيد.

الخلاصة: مستقبل التوترات الإسرائيلية اللبنانية

إن الضربة الإسرائيلية الأخيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت تمثل تصعيداً خطيراً في التوترات القائمة بين إسرائيل وحزب الله. تقييمات واشنطن تشير إلى أن إسرائيل ترى أن الوضع “هش للغاية” وأن قدرات حزب الله لم تتراجع. في ظل هذه الظروف، من الضروري تكثيف الجهود الدبلوماسية لمنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة. كما يجب على المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف المعنية لتهدئة التوترات والالتزام بوقف إطلاق النار. مستقبل الاستقرار الإقليمي يعتمد على قدرة الأطراف المعنية على إيجاد حلول سلمية للأزمة الحالية. هل ستنجح الجهود الدبلوماسية في احتواء التصعيد، أم أن المنطقة ستنزلق نحو حرب جديدة؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذه اللحظة الحرجة.

شاركها.
اترك تعليقاً