تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية المكثفة في الضفة الغربية المحتلة، وتحديداً في منطقة طوباس، مع تعزيزات جديدة وقيود صارمة على حركة السكان. تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوتر وتزايد المخاوف بشأن الأوضاع الإنسانية والأمنية المتدهورة. هذه الأحداث تلقي الضوء على الوضع المعقد في الضفة الغربية، وتأثيره المستمر على حياة الفلسطينيين.

تصعيد عسكري في طوباس وقلقيلية وطولكرم

فجر اليوم الخميس، شهدت بلدة طمون جنوبي محافظة طوباس تعزيزات عسكرية إسرائيلية جديدة، بالتزامن مع حملات دهم واعتقال في مدينتي قلقيلية وطولكرم. هذا التصعيد يضاف إلى سلسلة من العمليات العسكرية التي بدأت صباح الأربعاء في محافظة طوباس، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة فلسطينيين وإصابة عشرة آخرين.

مداهمات واعتقالات واسعة النطاق

قوات الاحتلال تواصل اقتحام بلدة عقابا شمالي طوباس، حيث تنفذ حملات مداهمة واعتقال. وقد أعلنت عن اعتقال 60 فلسطينياً، وإجبار العشرات من العائلات على إخلاء منازلهم. فرضت القوات حظر التجول والحصار على مدينة طوباس ومخيم الفارعة وقرى عقابا وطمون وتياسير، بالإضافة إلى تجمعات ومناطق متعددة في الأغوار الشمالية.

وذكر مدير الهلال الأحمر الفلسطيني في طوباس، نضال عودة، أن قوات الاحتلال عرقلت وصول سيارات الإسعاف إلى طمون، وأقامت حواجز عسكرية في مداخل البلدة، وفتشت الطواقم الطبية والمرضى. هذا الإجراء يعيق تقديم المساعدة الطبية العاجلة للمحتاجين، ويزيد من المعاناة الإنسانية.

أهداف العملية العسكرية

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن بدء عملية عسكرية واسعة في المنطقة بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وحرس الحدود، بمشاركة مقاتلات ومروحيات ومسيرات. الجيش ذكر أن العملية تستند إلى معلومات استخباراتية عن نشاطات يُشتبه في ارتباطها بتنظيمات فلسطينية مسلحة، ورصد لإقامة بنى تحتية لاستهداف الجيش.

ووفقاً للجيش، تم تنفيذ ضربات جوية بهدف عزل منطقة العملية، بينما باشرت القوات البرية تمشيط المباني والتحقيق مع المشتبه بهم. كما تم ضبط مركز مراقبة وأموال مرتبطة بأنشطة غير قانونية. وأكد الجيش أن العملية تهدف إلى “منع ترسخ الإرهاب وإزالة أي تهديد أمني”.

ردود الفعل الفلسطينية

المحافظ أحمد الأسعد من طوباس وصف ما يجري بأنه تطبيق لمشروع ألون الاستيطاني، مضيفاً أن الهدف من العملية هو فرض وقائع جديدة والسيطرة على أراض فلسطينية. هذه التصريحات تعكس الشكوك الفلسطينية حول الدوافع الحقيقية للعملية العسكرية، والخشية من أنها جزء من خطة أوسع لتوسيع المستوطنات وضم الأراضي.

تطورات أخرى في الضفة الغربية

لم تقتصر عمليات الاقتحام والاعتقال على محافظة طوباس، بل امتدت لتشمل مدينتي قلقيلية وطولكرم. ففي قلقيلية، داهمت قوات الاحتلال منزلا في حي كفر سابا، بينما اقتحمت ضاحية ذنابة شرقي طولكرم. وتوجهت قوات أخرى نحو مخيم نور شمس، حيث نفذت عمليات توسعة وتجريف.

إصابات في مخيم شعفاط

في مخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة، أصيب شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحامها المخيم. وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن الشاب أصيب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط.

اعتداءات المستوطنين

إضافة إلى عمليات الجيش، تعرضت منازل وممتلكات فلسطينيين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية لاعتداءات من مستوطنين مسلحين. شملت الاعتداءات بلدة سلواد شرقي رام الله، وتجمع عرب الرشايدة جنوب شرقي بيت لحم، وبلدة بيتا جنوبي نابلس، وقرية جوريش المجاورة لها، وتجمع خلة الحمص جنوب شرقي يطا في منطقة جبل الخليل. وقامت قوات الاحتلال بحماية المستوطنين، ومنعت المواطنين الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم، واستخدمت قنابل الغاز لتفريقهم. هذه الاعتداءات تزيد من حالة التوتر وانعدام الأمن في المناطق الفلسطينية.

تحليلات وتقارير حول الوضع في الضفة الغربية

صحيفة يديعوت أحرونوت ذكرت أن العملية في شمال الضفة تقودها ثلاثة ألوية، هي لواء منشة ولواء الشومرون ولواء الكوماندوز. صحيفة معاريف نقلت عن مصادر في الجيش أن العملية جاءت عقب رصد ارتفاع في محاولات تنفيذ عمليات فلسطينية خلال الأسابيع الماضية، ورصد حراك يهدف إلى إعادة تشكيل كتائب مسلحة. هذه التقارير تشير إلى أن الاحتلال يرى في هذه العمليات ضرورة ملحة لمنع أي تصعيد أمني. الوضع في الأراضي الفلسطينية يتطلب متابعة دقيقة.

خلاصة

الوضع في الضفة الغربية يزداد تعقيداً وتوتراً، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتصاعد اعتداءات المستوطنين، وتدهور الأوضاع الإنسانية. هذه التطورات تتطلب تحركاً دولياً عاجلاً لوقف التصعيد، وحماية المدنيين الفلسطينيين، وإيجاد حل عادل ودائم للصراع. من الضروري إلقاء الضوء على هذه الأحداث، وتقديم تحليلات موضوعية تساعد على فهم أبعادها، وتضميد الجراح، وتحقيق السلام.

شاركها.
اترك تعليقاً