في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعليق إصدار التأشيرات لجميع المواطنين الأفغان في جميع أنحاء العالم. هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه عبر برقية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 30 نوفمبر 2025، يثير مخاوف كبيرة بشأن مصير الأفغان الذين ساعدوا الولايات المتحدة خلال فترة تواجدها في أفغانستان لمدة عقدين، ويُلقي بظلاله على برامج الهجرة المخصصة لهم. تستعرض هذه المقالة تفاصيل القرار وتأثيراته المحتملة، مع التركيز على مصير تأشيرات الأفغان والخطوات التالية المتوقعة.
توقيف إصدار التأشيرات للأفغان: ما الذي حدث؟
كشفت وكالة رويترز عن محتوى البرقية السرية، التي وجهت إلى جميع البعثات الدبلوماسية الأمريكية، وتضمنت تعليمات واضحة بوقف معالجة جميع طلبات التأشيرات المقدمة من المواطنين الأفغان، سواء كانت تأشيرات هجرة أو تأشيرات أخرى. ويشمل هذا التوقيف حتى المتقدمين للحصول على تأشيرات الهجرة الخاصة، وهي الفئة التي تضم غالبية الأفغان الذين عملوا لصالح الحكومة أو القوات الأمريكية.
الخارجية الأمريكية بررت هذا الإجراء بضرورة “التأكد من هوية مقدم الطلب وأهليته للحصول على تأشيرة بموجب القانون الأمريكي”. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذا التبرير قد يكون ستارًا لسياسات أكثر تقييدًا للهجرة تتبناها إدارة ترامب.
حادثة واشنطن العاصمة وتداعياتها
يأتي هذا القرار في أعقاب حادثة أمنية في واشنطن العاصمة، حيث اتُهم أفغاني سابق بالعمل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بإطلاق النار على حرس وطني، مما أدى إلى وفاة أحد الجنود. هذه الحادثة، على الرغم من أنها فردية، ساهمت في تأجيج المخاوف الأمنية ودفعت الإدارة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
وزير الخارجية ماركو روبيو أكد في بيان على منصة إكس أن جميع الأفراد الحاملين لجوازات سفر أفغانية سيخضعون لـ “إيقاف مؤقت” لإصدار التأشيرات لهم.
تجميد برامج الهجرة للأفغان: نظرة أقرب
لم يكن قرار تعليق التأشيرات مفاجئًا تمامًا، حيث كانت إدارة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية قد أوقفت بالفعل دراسة طلبات الهجرة المقدمة من الأفغان قبل أيام قليلة. هذا التجميد يأتي بعد سنوات من الانتقادات الموجهة لعملية التقديم، والتي وصفها الكثيرون بأنها بطيئة ومعقدة.
يعيش حاليًا حوالي 265 ألف أفغاني خارج الولايات المتحدة وهم ينتظرون نتائج طلباتهم، بما في ذلك حوالي 180 ألفًا يتقدمون للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة بسبب عملهم مع الحكومة الأمريكية. حتى عام 2021، كان قد دخل الولايات المتحدة حوالي 200 ألف أفغاني من خلال برامج اللاجئين والتأشيرات الخاصة.
ردود الفعل على القرار
أثارت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة من قبل مجموعات الدعم التي تعمل مع الأفغان. شون فان ديفر، رئيس منظمة “أفغان إيفاك”، وصف القرار بأنه “النتيجة التي كانوا يسعون إليها منذ أشهر”، في إشارة إلى جهود إدارة ترامب لتقييد وصول الأفغان إلى الولايات المتحدة. وأعرب فان ديفر عن قلقه العميق بشأن مصير هؤلاء الأفراد الذين خاطروا بحياتهم لمساعدة الولايات المتحدة.
البيت الأبيض لم يصدر حتى الآن تعليقًا رسميًا على القرار.
تأثيرات القرار المحتملة ومستقبل الهجرة الأفغانية
من المرجح أن يكون لهذا القرار تأثيرات سلبية كبيرة على الأفغان الذين يعتمدون على برامج الهجرة الأمريكية. قد يجد العديد منهم أنفسهم عالقين في وضع غير مستقر، مع عدم القدرة على العودة إلى أفغانستان بسبب المخاوف الأمنية أو الظروف الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا القرار إلى تقويض الثقة بين الولايات المتحدة والأفغان الذين عملوا معها. فالأفغان الذين خاطروا بحياتهم لمساعدة الولايات المتحدة قد يشعرون بالخيانة والإحباط إذا لم يتمكنوا من الحصول على الحماية التي وعدوا بها.
سياسات ترامب للهجرة: سياق أوسع
يعكس قرار تعليق التأشيرات للأفغان جزءًا من سياسة أوسع تتبناها إدارة ترامب في مجال الهجرة. منذ توليه منصبه في يناير 2025، أعطى ترامب الأولوية لإنفاذ قوانين الهجرة بشكل أكثر صرامة، وإرسال عملاء اتحاديين إلى المدن الكبرى، وإعادة طالبي اللجوء على الحدود مع المكسيك. هذه السياسات تهدف إلى الحد من الهجرة غير الشرعية، ولكنها أثارت أيضًا انتقادات واسعة النطاق من قبل منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن المهاجرين.
الخلاصة: مستقبل غامض لـ تأشيرات الأفغان
إن تعليق إصدار تأشيرات الأفغان هو قرار مقلق يثير تساؤلات حول التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها الأفغان. في حين أن الإدارة الأمريكية تبرر هذا الإجراء بالاعتبارات الأمنية، إلا أن الكثيرين يرون أنه جزء من سياسة أوسع تهدف إلى تقييد الهجرة. من الضروري متابعة التطورات في هذا الملف، والضغط على الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في هذا القرار، وضمان حماية الأفغان الذين ساعدوا الولايات المتحدة.
هل سيتم رفع هذا التعليق في المستقبل القريب؟ هل ستستمر الإدارة في تطبيق سياسات هجرة أكثر صرامة؟ هذه الأسئلة لا تزال معلقة، وتتطلب مراقبة دقيقة وتحليلًا معمقًا. نحن ندعو القراء للمشاركة بآرائهم وتعليقاتهم حول هذا الموضوع المهم.















