في خضمّ التصعيد المستمر، شهدت الضفة الغربية، في الثاني من ديسمبر 2025، استشهاد شابين فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد تنفيذ عمليات وصفها الجيش الإسرائيلي بالهجومية. تأتي هذه الأحداث في ظلّ أوضاع معيشية صعبة وإجراءات عسكرية مشددة تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين، مما يثير تساؤلات حول الأسباب والدوافع وراء هذه العمليات، وتداعياتها المحتملة على الساحة الفلسطينية. هذا المقال يتناول تفاصيل هذه الأحداث، الإجراءات الإسرائيلية اللاحقة، وتحليلًا للأسباب الكامنة وراء تصاعد التوتر في الضفة الغربية.

## استشهاد شابين فلسطينيين في الخليل ورام الله

أعلن الجيش الإسرائيلي عن استشهاد شابين فلسطينيين بعد تنفيذ ما وصفها بعمليتي “دهس وطعن” استهدفتا جنودًا إسرائيليين في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. ووفقًا لبيان الجيش، أسفرت هذه العمليات عن إصابة ثلاثة جنود.

في مدينة الخليل، استشهد الفتى مهند طارق محمد الزغير (17 عامًا) برصاص قوات الاحتلال، بعد وقت قصير من إعلان الجيش عن قتل منفذ عملية دهس بالقرب من مستوطنة “كريات أربع” وإصابة مجندة. وفي مدينة رام الله، استشهد الشاب محمد رسلان محمود أسمر (18 عامًا) من بلدة بيت ريما، بعد إعلان الجيش عن إصابة مجندين في عملية طعن وقتل المنفذ شمال المدينة.

وزارة الصحة الفلسطينية أكدت بدورها استشهاد الشابين، وسط مطالبات بالتحقيق في ملابسات الحادثين.

## إجراءات عقابية إسرائيلية مشددة

ردًا على هذه العمليات، فرضت قوات الاحتلال حصارًا شاملاً على مدينتي الخليل ورام الله، وأغلقت الحواجز والبوابات الحديدية التي تنتشر في محيط المدينتين. هذه الإجراءات أدت إلى عرقلة حركة السكان وشلّ الحياة في المدينتين، مما أثار غضبًا واستياءً واسعين بين الفلسطينيين.

عماد أبو هواش، الباحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أوضح أن الجيش الإسرائيلي اتخذ إجراءات عقابية جماعية فور وقوع العمليتين، لكن الإجراءات في الخليل كانت الأكثر حدة، حيث اقتحمت القوات الإسرائيلية كافة أنحاء المدينة لعدة ساعات، وأغلقت مداخلها بشكل كامل، وداهمت المستشفيات بحثًا عن جرحى.

وأضاف أبو هواش أن الرواية الإسرائيلية حول مصير منفذ عملية الدهس في الخليل لا تزال غير واضحة، مشيرًا إلى غياب أي دليل قاطع على مقتله، وأن الجيش أعلن عن “تصفية” المنفذ دون الإشارة إلى وقوع اشتباك مسلح، مما يثير الشكوك حول إعدامه ميدانيًا.

## دوافع العمليات وتصاعد التوتر في الضفة الغربية

يثير تكرار هذه العمليات، والتي غالبًا ما تنتهي بمقتل منفذيها، تساؤلات حول الدوافع وراءها. يرى المحلل السياسي معمر العويوي أن هذه العمليات هي نتيجة مباشرة للأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة الغربية، والتي تفاقمت مع بدء حرب الإبادة في غزة في 7 أكتوبر 2023.

ويشير العويوي إلى أن الفلسطينيين يعانون من “حصار خانق” واقتحامات مستمرة وانتشار مكثف للحواجز العسكرية، مما أدى إلى مقتل وإصابة واعتقال الآلاف منذ بدء الحرب على غزة. هذه الظروف، بالإضافة إلى “استباحة الدم الفلسطيني”، خلقت حالة من الخوف والرعب والقهر والإذلال لدى المجتمع الفلسطيني، مما يدفع بعض الشباب إلى اليأس وتنفيذ عمليات يائسة.

ويضيف أن الرواية الإسرائيلية حول استشهاد الطفل في الخليل قد تكون غير دقيقة، وأن ما جرى على الحاجز العسكري قد يكون حادث سير عادي نتيجة حالة الذعر والخوف، ثم تبع ذلك إعدام ميداني.

## أرقام وإحصائيات حول الوضع في الضفة الغربية

وفقًا لتوثيق مركز المعلومات الفلسطيني “معطى”، فقد سجلت في الضفة الغربية منذ مطلع العام الجاري 216 عملية إطلاق نار، و304 عمليات إلقاء عبوات، و14 عملية دهس، و15 عملية طعن ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.

وخلال الفترة نفسها، استشهد 254 فلسطينيًا وأصيب نحو 2600، وتم اعتقال حوالي 9900 شخص، ووثقت 14359 عملية اقتحام لمناطق متفرقة من الضفة الغربية.

نادي الأسير الفلسطيني أعلن بدوره عن تصاعد غير مسبوق في عمليات الاعتقال، مشيرًا إلى تسجيل نحو 21 ألف حالة اعتقال من الضفة الغربية، بالإضافة إلى الآلاف من قطاع غزة. وأضاف النادي أن هذه الاعتقالات تترافق مع “جرائم ممنهجة” بحق المعتقلين وعائلاتهم، بما في ذلك عمليات الإعدام الميداني، ومساعي تشريعية في الكنيست الإسرائيلي لسن قانون يسمح بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.

## الخلاصة

إن استشهاد الشابين الفلسطينيين في الخليل ورام الله، والإجراءات العقابية الإسرائيلية اللاحقة، يعكسان استمرار حالة التوتر والتصعيد في الضفة الغربية. هذه الأحداث هي نتيجة مباشرة للأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، والإجراءات العسكرية المشددة التي تفرضها إسرائيل، و”استباحة الدم الفلسطيني”. يشير تصاعد وتيرة هذه العمليات والاعتقالات إلى أن الوضع في الضفة الغربية قد ينفجر في أي لحظة، مما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا للحد من العنف وحماية المدنيين الفلسطينيين. من الضروري معالجة الأسباب الجذرية للتصعيد، وتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً