تصعيد القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان.. هل نشهد حرباً جديدة؟
في تطورات متسارعة، جدد الجيش الإسرائيلي قصفه على مناطق في جنوب لبنان، بعد سلسلة من التحذيرات الصادرة عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة “إكس”. هذه الهجمات تأتي في خضم جهود دبلوماسية لحل النزاع الحدودي، وتثير مخاوف متزايدة من احتمال انزلاق المنطقة نحو مواجهة أوسع. يركز هذا المقال على تحليل أسباب هذا التصعيد الإسرائيلي، والتداعيات المحتملة على لبنان، مع إلقاء الضوء على الجهود الدبلوماسية الجارية.
هجمات إسرائيلية وتذرعات أمنية
أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف “بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي” في أنحاء جنوب لبنان، مدعياً أنه يأتي ردًا على محاولات الحزب “لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة”. وأضاف أدرعي أن الغارات استهدفت “عدة مستودعات أسلحة تابعة لحزب الله الإرهابي في جنوب لبنان، وُضعت في قلب المناطق المدنية”، واصفًا ذلك بـ “استخدام حزب الله للمدنيين كدروع بشرية”.
لكن هذه التذرعات لا تخفي حقيقة أن القصف الإسرائيلي يتسبب في أضرار جسيمة للممتلكات الخاصة والعامة، ويؤدي إلى نزوح السكان من منازلهم. فقد أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بتسبب الغارة على منزل في محرونة بأضرار في المباني المجاورة وبمغادرة عدد كبير من المواطنين. على الرغم من ادعاء الجيش الإسرائيلي اتخاذ خطوات لتجنب إصابة المدنيين، كاستخدام الذخائر الدقيقة وتوجيه الإنذارات المسبقة، إلا أن الواقع يشير إلى غير ذلك.
لقاء الناقورة: بادرة أمل في ظل التوتر
يأتي هذا التصعيد الحدودي بعد ساعات قليلة من انعقاد الجلسة الرابعة عشرة للجنة مراقبة وقف إطلاق النار في الناقورة، المعروفة بـ “الميكانيزم”. الجديد في هذه الجلسة هو مشاركة ممثلين مدنيين من الجانبين، السفير اللبناني السابق في واشنطن سيمون كرم، والمدير الأعلى للسياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوري رسنيك، في محاولة لإضفاء بعد جديد على المفاوضات.
خلال جلسة الحكومة اللبنانية التي عقدت برئاسة الرئيس جوزف عون، تم التأكيد على أهمية إطلاق مفاوضات جادة في الناقورة. وأكد الرئيس عون على أن الجلسة الأولى مهّدت الطريق لمزيد من الحوار، مشددًا على ضرورة “لغة التفاوض بدل لغة الحرب”. كما شدد على عدم وجود “خيار آخر سوى التفاوض”، داعيًا الولايات المتحدة ومجلس الأمن إلى العمل على إنجاحه وإلزام إسرائيل بالتعاطي بجدية.
مأزق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار
على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر 2024 برعاية أمريكية، إلا أن الواقع يشير إلى استمرار الخروقات الإسرائيلية بشكل شبه يومي. تستمر إسرائيل في رفض الانسحاب من خمس تلال استراتيجية في الجنوب، والتي يفترض تسليمها للبنان خلال 60 يومًا من بدء تنفيذ الاتفاق.
هذا التأخير في تنفيذ الاتفاق أثار انتقادات واسعة من المسؤولين اللبنانيين، الذين يعتبرون الاتفاق “حبرًا على ورق”. وتسببت الهجمات الإسرائيلية في تدمير البنية التحتية والمنشآت المدنية، بما في ذلك المنازل والمدارس، بالإضافة إلى استهداف آليات إعادة الإعمار، مما يعيق جهود التعافي والتنمية في المنطقة.
دور اليونيفيل ومخاوف من التوسع
في مقابلة مع “يورونيوز”، أكدت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أن تمركز القوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية يعرقل جوهر الاتفاق الذي ينص على انسحابها الكامل. وكشفت اليونيفيل عن توثيقها لأكثر من عشرة آلاف انتهاك خلال العام الذي تلا اتفاق وقف إطلاق النار، معظمها من الجانب الإسرائيلي.
هذا العدد الكبير من الانتهاكات يثير مخاوف جدية من احتمال تصاعد الموقف وانتشار العنف، خاصة مع استمرار التوترات الإقليمية. كما يضع اليونيفيل أمام تحديات كبيرة في الحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع تفاقم الأزمة.
هل نشهد حرباً جديدة؟
في ظل هذا التوتر الأمني المتصاعد، وتجاهل إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، يزداد الخوف من انزلاق المنطقة إلى حرب جديدة. السيناريوهات المحتملة متعددة، وقد تتراوح بين استمرار عمليات القصف المتبادل وتبادل إطلاق النار، وصولاً إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق.
مما لا شك فيه أن أي تصعيد عسكري سيكون له تداعيات كارثية على لبنان والمنطقة بأسرها. لذلك، من الضروري بذل جهود دبلوماسية مكثفة للضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاق، وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة. ويتطلب ذلك دورًا فعالًا من المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة ومجلس الأمن، لضمان الاستقرار والسلام في المنطقة.
الكلمات المفتاحية: التصعيد الإسرائيلي، الخروقات الإسرائيلية، التوتر الأمني، جنوب لبنان، وقف إطلاق النار.















