أظهرت دراسة حديثة، نُشرت في دورية “ريسيرش نوتس فور ذا إيه إيه إس”، صورًا عالية الدقة لـالتوهجات الشمسية القوية أثناء تشكلها، وهو أمر نادرًا ما يُتاح للعلماء بسبب صعوبة الرصد. وقد تمكن فريق بحثي من رصد تطور توهجين من الفئة “إكس” باستخدام تلسكوب “جريجور” الشمسي في جزيرة تينيريفي في نوفمبر 2025، مما يوفر رؤى جديدة حول هذه الظواهر الفضائية.
تأتي هذه الدراسة في وقت يشهد فيه النشاط الشمسي تصاعدًا ملحوظًا، مما يزيد من أهمية فهم آليات حدوث التوهجات الشمسية وتأثيراتها المحتملة على الأرض. وقد استخدم الباحثون تقنية متطورة لجمع صور متعددة وتكوين بانوراما مفصلة للنشاط الشمسي.
ما هي التوهجات الشمسية؟
التوهجات الشمسية هي انفجارات مفاجئة وقصيرة تحدث في الغلاف الجوي للشمس، وتنتج عن إطلاق كميات هائلة من الطاقة المخزنة في المجالات المغناطيسية. تؤدي هذه الانفجارات إلى زيادة كبيرة في الإشعاع المنبعث من الشمس، خاصة في نطاقات الأشعة السينية وفوق البنفسجية.
تُصنف التوهجات الشمسية حسب شدتها إلى فئات مختلفة، هي: “إيه” و”بي” و”سي” و”إم” و”إكس”. الفئة “إكس” هي الأقوى، حيث يكون التوهج فيها أقوى بعشرة أضعاف على الأقل من الفئة “إم”. تتراوح قوة التوهجات ضمن كل فئة أيضًا، مما يعني وجود نطاق واسع من الشدة.
منطقة نشطة وراء التوهجات
ركزت الدراسة على منطقة نشطة على سطح الشمس تُعرف باسم “نوا 14274″، والتي تميزت بإنتاجية عالية في إطلاق التوهجات خلال عام 2025. وقد سجلت هذه المنطقة حوالي 135 توهجًا من الفئة “سي”، و15 توهجًا من الفئة “إم”، وخمسة توهجات من الفئة “إكس”.
أحد هذه التوهجات من الفئة “إكس” الذي حدث في 11 نوفمبر كان من بين الأقوى في الدورة الشمسية الحالية. وقد سمحت الصور عالية الدقة التي تم الحصول عليها بتحليل تفصيلي لعملية تطور هذا التوهج، مما كشف عن تفاعلات معقدة في المجال المغناطيسي.
تقنية التصوير المستخدمة
لم يتمكن الفريق من التقاط صورة واحدة عالية الدقة للمنطقة النشطة بأكملها بسبب القيود التقنية. بدلاً من ذلك، استخدموا تقنية “الفسيفساء”، حيث قاموا بتجميع صور صغيرة متعددة تم التقاطها على شبكة مكونة من 28 جزءًا.
استغرق إكمال هذا المسح حوالي 14 دقيقة، وبعد ذلك تم إجراء عمليات ترميم للصور لتقليل التشويش وتحسين الوضوح. تغطي الفسيفساء النهائية مساحة شاسعة على سطح الشمس، عرضها حوالي 175 ألف كيلومتر.
تأثيرات الطقس الفضائي على الأرض
يمكن أن يكون للطقس الفضائي، بما في ذلك التوهجات الشمسية، تأثيرات ملموسة على حياتنا اليومية. فالتوهجات القوية قد تتسبب في اضطرابات في الاتصالات الراديوية وأنظمة الملاحة التي تعتمد على الأقمار الصناعية.
بالإضافة إلى ذلك، إذا ترافق التوهج مع “قذف كتلي إكليلي” واتجه نحو الأرض، فقد يؤدي ذلك إلى عواصف مغناطيسية. تتسبب هذه العواصف في ظواهر مثل الشفق القطبي، وقد تشكل خطرًا على البنية التحتية الحساسة في بعض الحالات.
تعتبر دراسة هذه الظواهر أمرًا بالغ الأهمية لحماية الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة وأنظمة الاتصالات على الأرض. كما أنها تساعد في فهم أفضل لتأثير الشمس على بيئتنا الفضائية.
الخطوات التالية والآفاق المستقبلية
تعتبر هذه الدراسة خطوة أولى نحو فهم أعمق لآليات حدوث التوهجات الشمسية. ويخطط الفريق لمواصلة تحليل البيانات التي تم جمعها، واستخدامها لتحسين نماذج التنبؤ بالطقس الفضائي.
من المتوقع أن يتم نشر المزيد من النتائج التفصيلية في الأشهر القادمة، مما قد يوفر رؤى جديدة حول العلاقة بين النشاط الشمسي وتأثيراته على الأرض. وستظل مراقبة الشمس وتحليل بياناتها أولوية قصوى للعلماء في السنوات القادمة، خاصة مع استمرار الدورة الشمسية في التصاعد.















