كشفت بطولة كأس العرب 2025 المقامة حاليًا في قطر عن مفاجآت مدوية وتنافسية عالية، محطمةً التوقعات الأولية للعديد من المتابعين والمحللين. النتائج غير المتوقعة، وتألق منتخبات لم تكن مرشحة، أثارت تساؤلات حول أسباب هذا التحول في موازين القوى في كرة القدم العربية. البطولة لم تكن مجرد استعراض للمهارات، بل كانت تعبيرًا عن روح قتالية عالية وظروف خاصة دفعت بعض المنتخبات لتقديم أداء استثنائي.
مفاجآت كأس العرب 2025: صعود غير متوقع
في المجموعة الأولى، أذهل منتخبا فلسطين وسوريا الجميع بتصدّرهما للمجموعة على حساب قطر وتونس، وهما المنتخبان اللذان كانا يعتبران الأوفر حظًا للتأهل إلى الدور التالي، خاصةً مع تأهلهما المسبق إلى كأس العالم 2026. هذه النتيجة لم تكن مجرد مفاجأة، بل كانت رسالة قوية حول التطور الذي تشهده كرة القدم الفلسطينية والسورية.
وبالمثل، حقق منتخب الكويت نتيجة إيجابية بتعادله مع منتخب مصر، وكاد أن يحقق الفوز، بينما أهدر منتخب السودان فرصة ثمينة للفوز على الجزائر، حامل اللقب، ليكتفي بالتعادل على الرغم من النقص العددي في صفوفه. هذه النتائج تؤكد أن البطولة تشهد مستوى تنافسيًا عاليًا وأن أي منتخب قادر على تحقيق الفوز.
جاهزية المنتخبات المتأهلة من التصفيات
يرى مشعل عبد الله، لاعب منتخب قطر السابق، أن خوض بعض المنتخبات لتصفيات تمهيدية قبل البطولة منحها جاهزية أكبر للدخول في أجواء المنافسة. “الفرق التي لعبت التصفيات استفادت كثيرًا؛ الكويت، سوريا، السودان، جزر القمر وفلسطين. دخلوا أجواء البطولة مبكرًا مقارنة بالمنتخبات التي بدأت مشوارها من دور المجموعات. الأمر شبيه بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم عندما لعبنا نحن مع عُمان والسعودية مع إندونيسيا قبل دخول الإمارات والعراق، وهذا منحنا أفضلية واضحة.”
ويضيف عبد الله: “رأينا فلسطين وسوريا والسودان وحتى جزر القمر تقدم مستويات كبيرة. أمام المغرب مثلاً، وعلى الرغم من ارتباك جزر القمر في الشوط الأول، فإنهم عادوا بقوة في الثاني، كما فعلوا أمام اليمن بعد قلب تأخرهم إلى تعادل.” هذه الجاهزية البدنية والنفسية ساهمت بشكل كبير في الأداء المميز لهذه المنتخبات.
تأثير التصفيات على الأداء العام
لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته التصفيات في رفع الروح المعنوية للاعبين وزيادة الثقة بالنفس. فخوض مباريات حاسمة قبل البطولة يمنح اللاعبين خبرة إضافية ويعدهم بشكل أفضل للمنافسات القوية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحقيق نتائج إيجابية في التصفيات يعزز من معنويات الفريق ويجعله أكثر إصرارًا على تحقيق النجاح في البطولة.
الظروف الصعبة دافع إضافي للمنتخبات العربية
يشير مشعل عبد الله إلى أن الظروف القاسية التي تعيشها شعوب فلسطين وسوريا والسودان والعراق خلقت دافعًا نفسيًا ومعنويًا كبيرًا لدى لاعبي هذه المنتخبات. “هناك لاعبون يريدون أن يبعثوا الفرحة لشعوبهم. رأينا لقطة لاعب تونس الذي اعتذر للجمهور الفلسطيني بعد هدفه الثاني في مشهد إنساني مؤثر. اللاعبون يريدون أن يقولوا للعالم: على الرغم من الظروف القاسية، ما زلنا قادرين على صنع الفارق. فلسطين بلا دوري منذ سنوات، والكثير من اللاعبين فقدوا ذويهم. هذا يولّد روحًا قتالية عالية.”
ويتفق المعلق الرياضي الأردني خالد الغول مع هذا الرأي، مضيفًا: “كانت التوقعات أن تكون مشاركة هذه المنتخبات شكلية، لكن الرد جاء قويًا داخل الملعب من السودان وفلسطين وسوريا. لكن الحكم الحقيقي سيظهر في الأدوار الإقصائية.” هذه الظروف الصعبة تحولت إلى وقود يدفع اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم في الملعب.
تداخل الروزنامة وتأثيره على الأداء
وعن تأثير اقتراب موعد كأس أمم أفريقيا و كأس العالم على مستويات بعض المنتخبات، يقول خالد الغول: “البطولتان متقاربتان زمنيا، لكنني لا أرى أن الخوف من الإصابة كان سببًا مباشرًا في تراجع مستويات المنتخبات الكبرى. المغرب والجزائر مثلا لن يخوضا أمم أفريقيا بالقائمة الحالية باستثناء تونس. إضافة إلى ذلك، كأس العرب بطولة مهمة وتحظى بحوافز مالية معتبرة، ما يجعل التعامل معها جديًا.”
أما لاعب منتخب عمان أحمد خميس، فرأى أن البطولة تمثل محطة مثالية للتحضير: “على العكس، كأس العرب فرصة مهمة جدًا لكل المنتخبات. منتخبات أفريقيا تحديدًا يمكنها الاستعداد لكأس الأمم بشكل ممتاز من خلال مباريات قوية في هذه البطولة.”
خلاصة القول: بطولة تعكس التطور والروح القتالية
كأس العرب 2025 لم تكن مجرد بطولة كرة قدم، بل كانت تعبيرًا عن التطور الذي تشهده كرة القدم العربية، وعن الروح القتالية العالية التي يتمتع بها اللاعبون. المفاجآت التي شهدتها البطولة تؤكد أن كرة القدم لا تعترف بالأسماء أو التوقعات، وأن أي منتخب قادر على تحقيق الفوز إذا امتلك الإصرار والعزيمة. البطولة فرصة مثالية للمنتخبات العربية لإعداد نفسها للمنافسات القادمة، وإظهار قدراتها أمام العالم. نتطلع إلى الأدوار الإقصائية لنرى من سيتمكن من حصد اللقب، ومن سيواصل مفاجأة الجميع.















