في خضم الصراع الدائر في السودان، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة هجليج النفطية الحيوية، مما يمثل تطوراً هاماً في مسار المعارك مع الجيش السوداني. هذه السيطرة، التي وصفتها القوات بأنها “نقطة محورية”، تثير تساؤلات حول مستقبل الموارد النفطية وتأثير ذلك على كل من السودان وجنوب السودان، بالإضافة إلى التداعيات الإنسانية المتزايدة.
قوات الدعم السريع تسيطر على هجليج: تداعيات استراتيجية واقتصادية
أفادت قوات الدعم السريع، في بيان رسمي، باستيلائها الكامل على منطقة هجليج الاستراتيجية بولاية جنوب كردفان. وأكدت القوات التزامها بتأمين وحماية المنشآت النفطية في المنطقة، مع التأكيد على أهمية ضمان مصالح دولة جنوب السودان التي تعتمد بشكل كبير على النفط الذي يمر عبر الأراضي السودانية. تعتبر هذه الخطوة بمثابة تصعيد كبير في الصراع، خاصةً بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية الحاسمة لمنطقة هجليج كـ مصدر نفط رئيسي.
الأهمية الاقتصادية لمنطقة هجليج
تنتج منطقة هجليج، في الظروف الطبيعية، حوالي 600 ألف برميل نفط يومياً، مما يجعلها مصدراً رئيسياً لإيرادات الخرطوم. بالإضافة إلى ذلك، تلعب دوراً محورياً في تصدير النفط الجنوب سوداني، حيث يعتمد جنوب السودان بشكل كبير على خط أنابيب يمر عبر الأراضي السودانية. هذه الأهمية تجعل السيطرة على هجليج هدفاً استراتيجياً لكلا الطرفين المتنازعين. كما أن المنطقة تعتبر معبراً حدودياً هاماً يربط السودان بدول الجوار مثل تشاد وليبيا.
تصاعد المعارك في كردفان: الوضع الإنساني المتردي
بعد إكمال قوات الدعم السريع سيطرتها على إقليم دارفور، تحولت المعارك إلى ولاية كردفان، التي تشكل مع دارفور نحو نصف مساحة السودان. وتشير التقارير إلى تكثيف القصف والضربات الجوية، مما أدى إلى نزوح واسع للسكان وتفاقم الأوضاع الإنسانية. التحقق من التطورات الميدانية في كردفان صعب للغاية بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة وصول وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية.
كردفان: حلقة وصل استراتيجية وموارد متنوعة
تعتبر ولاية كردفان حلقة وصل استراتيجية بين مناطق سيطرة الجيش في الشمال والشرق والوسط، وبين منطقة دارفور حيث تتمركز قوات الدعم السريع. إلى جانب حقولها النفطية، تضم كردفان مناجم ذهب ومنشآت زراعية هامة، فهي من أكبر منتجي الصمغ العربي في السودان، وتساهم في إنتاج السمسم والذرة الرفيعة والحبوب الأخرى، بالإضافة إلى كونها معقلاً رئيسياً للثروة الحيوانية. هذه الموارد المتنوعة تزيد من أهمية المنطقة الاستراتيجية والاقتصادية.
القتال يتركز حول المدن الرئيسية: حصار وتناقض في الروايات
تتركز المعارك حالياً حول مدن الأبيض وكادوقلي والدلنج وبابنوسة، وهي مناطق يتمركز فيها الجيش بكثافة. تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، منذ أشهر، وهي تقع على طريق استراتيجي يربط دارفور بالعاصمة الخرطوم. فيما أعاد الجيش مؤخراً السيطرة على مدينة بارا، الواقعة شمال الأبيض. أعلنت قوات الدعم السريع “تحرير” مدينة بابنوسة، لكن الجيش نفى ذلك، مما يعكس حالة التناقض المستمرة في الروايات الميدانية بين الطرفين.
الوضع الإنساني المأساوي في جنوب كردفان
يواجه آلاف المدنيين في مدن كادوقلي والدلنج بجنوب كردفان أوضاعاً إنسانية متردية جراء الحصار المطول، الذي يحرمهم من الغذاء والدواء. وفي جنوب الإقليم، يتعرض معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في كاودا لضغط متزايد من الجيش. هذه الأوضاع الإنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً من المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة للمتضررين. الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم يوماً بعد يوم.
الهدنة الإنسانية وحق الدفاع عن النفس
جددت قوات الدعم السريع “التزامها بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها من جانب واحد”، مع التأكيد على “احتفاظها بحق الدفاع عن النفس”. هذا التصريح يثير تساؤلات حول مدى فعالية الهدنة في ظل استمرار المعارك والاشتباكات في مختلف المناطق. يبقى مستقبل السودان معلقاً، ويتطلب حلاً سياسياً شاملاً يضمن وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتحقيق الاستقرار. المفاوضات السياسية هي السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع.
في الختام، السيطرة على منطقة هجليج تمثل تطوراً هاماً في الصراع السوداني، مع تداعيات اقتصادية واستراتيجية كبيرة. الوضع الإنساني في ولاية كردفان يزداد سوءاً، ويتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي. إنهاء هذا الصراع يتطلب حلاً سياسياً شاملاً يضمن وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتحقيق الاستقرار في السودان. لمزيد من المعلومات حول الأحداث في السودان، يمكنكم متابعة آخر التطورات على يورونيوز.















