مع التقدم في العمر، يلاحظ الكثيرون تغيرات طفيفة في أجسامهم، مثل الشعور بالضعف أو التعب. قد يعزو البعض هذه التغيرات إلى الإرهاق أو ضغوط الحياة، لكن في كثير من الأحيان، يكون السبب هو حالة صحية تُعرف باسم الساركوبينيا. هذه الحالة، التي تعني فقدان العضلات المرتبط بالعمر، تؤثر على جودة الحياة وتستدعي الانتباه. في هذا المقال، سنتناول مفهوم الساركوبينيا، وأعراضها، وكيفية الوقاية منها أو إبطائها، مستندين إلى نصائح الخبيرة في العلاج الطبيعي، لوسي ماكدونالد.

ما هي الساركوبينيا؟

تشرح ماكدونالد أن الساركوبينيا ليست مجرد فقدان طبيعي للعضلات مع التقدم في العمر، بل هي حالة تتسم بتراجع تدريجي في قوة العضلات وكتلتها، مما يؤثر على القدرة على أداء المهام اليومية. تحدث هذه العملية نتيجة لتضافر عدة عوامل، بما في ذلك التغيرات الهرمونية، خاصة انخفاض هرمون التستوستيرون لدى الرجال والنساء، وقلة النشاط البدني، وعوامل الشيخوخة الطبيعية.

وتضيف: “لا يمكننا التحكم في بعض العوامل البيولوجية، ولكننا نمتلك القدرة على التحكم في مستوى نشاطنا البدني. الجلوس لفترات طويلة والابتعاد عن الحركة، سواء بسبب نمط الحياة أو الخوف من الإصابة، يسرّع من فقدان العضلات ويساهم في تفاقم الساركوبينيا.”

الفئات العمرية الأكثر عرضة للإصابة

تظهر أعراض الساركوبينيا بشكل واضح في فئتين عمريتين رئيسيتين:

  • أواخر الأربعينيات: في هذه المرحلة، غالبًا ما تزداد ضغوط العمل والحياة العائلية، مما يقلل من الوقت المخصص للنشاط البدني وممارسة الرياضة.
  • بداية الستينيات: مع التقاعد، يميل البعض إلى تبني نمط حياة أقل حركة، مما يزيد من خطر فقدان العضلات وتطور الساركوبينيا.

علامات تدل على الإصابة بالساركوبينيا

توضح ماكدونالد أن هناك علامات بسيطة قد تشير إلى الإصابة بالساركوبينيا، ومنها:

  • صعوبة النهوض من الكرسي.
  • الشعور بالتعب عند صعود السلالم.
  • الحاجة إلى استخدام الذراعين للمساعدة في النهوض أو الصعود.
  • فقدان القدرة على حمل الأشياء الثقيلة أو أداء المهام اليومية بسهولة.

إذا لاحظت هذه العلامات، فمن الأفضل استشارة أخصائي علاج طبيعي لتقييم حالتك وتحديد خطة العلاج المناسبة.

تأثير الساركوبينيا على الحياة اليومية

يمكن أن تؤثر الساركوبينيا بشكل كبير على جودة الحياة، حيث تجعل المهام البسيطة مثل حمل المشتريات، اللعب مع الأحفاد، أو حتى المشي لمسافات قصيرة أكثر صعوبة. بالإضافة إلى ذلك، قد تتسبب في آلام المفاصل وتزيد من خطر السقوط والإصابات. هذا بدوره يؤدي إلى تقليل الاستقلالية والاعتماد على الآخرين.

هل يمكن الوقاية من الساركوبينيا أو إبطائها؟

تؤكد ماكدونالد أن تدريبات القوة هي الحل الأمثل للحد من تأثير الساركوبينيا. يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي تصميم برنامج تمارين مخصص يناسب احتياجات كل شخص، مع مراعاة مستوى لياقته البدنية وقدراته. يهدف هذا البرنامج إلى تقوية العضلات وزيادة كتلتها، مما يساعد على تحسين القدرة على أداء المهام اليومية والحفاظ على الاستقلالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن دمج أنشطة أخرى ممتعة مثل المشي والسباحة والرقص في الروتين اليومي لتعزيز النشاط البدني.

نصائح لتعزيز القوة العضلية مع التقدم في العمر

إليك بعض النصائح العملية التي يمكنك اتباعها لتعزيز قوتك العضلية مع التقدم في العمر:

  1. تمارين الجلوس والوقوف: ابدأ يومك بالجلوس على حافة السرير ثم الوقوف والجلوس مجدداً بطريقة منضبطة، وتكرار الحركة 30 مرة. هذا التمرين يمثل شكلاً مبسطاً من القرفصاء ويمكن تطويره بإضافة وزن أو استخدام سطح منخفض.
  2. الضغط على الحائط: استند إلى الحائط بكل وزنك تقريباً، ثم قم بثني المرفقين ومدهما بخفة. هذا التمرين بسيط ولكنه فعال في تقوية عضلات الذراعين والصدر.
  3. إدخال الأوزان تدريجياً وبإشراف: ابدأ بدمج تمارين رفع الأثقال تحت إشراف مختص، حتى تتعرف على قدرات جسمك وتزيد من قوتك بشكل آمن.
  4. زيادة الأوزان بصورة تدريجية: الانتقال المفاجئ إلى أوزان ثقيلة قد يسبب تمزقات مؤلمة في العضلات. لذلك يُنصح بالبدء بأوزان خفيفة وزيادتها تدريجياً.
  5. المشاركة في مجموعات تدريب: توفر مجموعات التدريب، خاصة تدريبات المقاومة، بيئة محفزة تساعد على الاستمرارية والالتزام.
  6. تجاوز الخوف: الخوف من الإصابة طبيعي، لكنه قد يمنعك من استخدام عضلاتك بالشكل الصحيح، مما يؤدي إلى ضعفها مع الوقت.
  7. التغذية السليمة: تناول نظام غذائي غني بالبروتين يساعد على بناء العضلات والحفاظ عليها.

الخلاصة

الساركوبينيا هي حالة صحية شائعة مع التقدم في العمر، ولكنها ليست حتمية. من خلال اتباع نمط حياة نشط، وممارسة تدريبات القوة بانتظام، وتناول نظام غذائي صحي، يمكنك إبطاء هذه العملية والحفاظ على قوتك العضلية واستقلاليتك. تذكر أن القوة ليست مرتبطة بالعمر فقط، بل بالإرادة والاستمرارية. لا تتردد في استشارة أخصائي علاج طبيعي لوضع خطة تمارين مخصصة تناسب احتياجاتك وقدراتك. ابدأ اليوم في اتخاذ خطوات إيجابية نحو صحة أفضل وحياة أكثر نشاطًا. العلاج الطبيعي هو مفتاح الحفاظ على صحة العضلات.

شاركها.
اترك تعليقاً