نرجس محمدي، المدافعة الإيرانية البارزة عن حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، وجدت نفسها مجددًا في مرمى السلطات الإيرانية. اعتقالها الأخير، الذي جاء بعد فترة وجيزة من إحيائها ذكرى وفاة زميلها الناشط، أثار موجة من الإدانات الدولية والمخاوف بشأن سلامتها. هذه القضية تلقي الضوء على استمرار القمع الذي يواجهه المدافعون عن حقوق الإنسان في إيران، وتحديداً نرجس محمدي، وتصاعد التهديدات التي تستهدفهم.

اعتقال نرجس محمدي: تفاصيل مقلقة وظروف قاسية

في 12 ديسمبر 2025، اعتقلت قوات الأمن الإيرانية نرجس محمدي، المعروفة بنشاطها في الدفاع عن حقوق النساء ومعارضة عقوبة الإعدام. هذا الاعتقال لم يكن مفاجئًا بالنظر إلى سجلها الطويل في النشاط الحقوقي، لكن الظروف التي تم بها الاعتقال أثارت قلقًا بالغًا. كشفت عائلتها، من خلال مؤسسة نرجس التي تديرها، عن تعرضها لضرب عنيف أثناء الاعتقال، مما استدعى نقلها مرتين إلى قسم الطوارئ في المستشفى.

وفي اتصال هاتفي أجرته مع عائلتها في وقت متأخر من مساء الأحد، أكدت محمدي أنها تعرضت لضرب متكرر وأن حالتها الجسدية ليست على ما يرام. وصفها أفراد عائلتها بأنها بدت متعبة ومرهقة بسبب ما تعرضت له. الأمر لم يتوقف عند الاعتداء الجسدي، بل امتد ليشمل تهديدات مباشرة، حيث قيل لها عبارات قاسية مثل “سنجعل والدتك تندبك”.

تهمة “التعاون مع إسرائيل” وتصعيد الملاحقة القضائية

بالتوازي مع الاعتداء الجسدي والتهديدات، وجهت السلطات الإيرانية إلى نرجس محمدي تهمة “التعاون مع إسرائيل”، وهي تهمة شائعة تستخدمها السلطات الإيرانية لتشويه سمعة الناشطين والمعارضين السياسيين. هذه التهمة، التي غالبًا ما تكون مبنية على أدلة واهية، يمكن أن تؤدي إلى أحكام قاسية.

وقد طلبت محمدي من فريقها القانوني التحرك فورًا وتقديم شكوى رسمية ضد الجهة الأمنية التي اعتقلتها، مطالبة بالتحقيق في الأساليب العنيفة التي استخدمت أثناء الاعتقال، خاصة وأنها تعاني من وضع صحي غير مستقر. هذا الطلب يعكس قلقها العميق من استمرار الملاحقة القضائية والاعتقالات التعسفية التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران.

إدانات دولية ومطالبات بالإفراج الفوري عن نرجس محمدي

لم يمر اعتقال نرجس محمدي مرور الكرام، بل أثار موجة من الإدانات الدولية والمطالبات بالإفراج الفوري عنها. لجنة نوبل النرويجية أدانت بشدة “الاعتقال الوحشي” لها، وطالبت السلطات الإيرانية بتوضيح مكان احتجازها وضمان سلامتها، والإفراج عنها دون أي شروط.

كما انضم المخرج الإيراني الحائز على جوائز، جعفر بناهي، إلى هذه المطالبات، داعيًا إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط” عن محمدي. منظمة ARTICLE 19 أدانت أيضًا الاعتقال، واصفة إياه بأنه جزء من نمط أوسع من القمع يهدف إلى إسكات الأصوات المنتقدة وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان. وشددت المنظمة على أن هذه الممارسات تنتهك التزامات إيران الدولية في مجال حقوق الإنسان، ودعت المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغوط على السلطات الإيرانية.

خلفية الاعتقال: ذكرى وفاة ناشط حقوقي مثيرة للجدل

يعود اعتقال نرجس محمدي إلى مشاركتها في إحياء الذكرى السابعة لوفاة المحامي والناشط الحقوقي خسرو علي كوردي في مدينة مشهد. كان كوردي معروفًا بدفاعه عن سجناء سياسيين وناشطين، وقد عُثر عليه ميتًا في مكتبه في ظروف غامضة في 5 ديسمبر. ورغم إعلان السلطات الإيرانية أن الوفاة ناتجة عن نوبة قلبية، شككت العائلة وأنصار كوردي في الرواية الرسمية، مشيرين إلى إزالة كاميرات المراقبة من المكتب.

وقد اتهمت السلطات محمدي بـ “قيادة” التجمع الذي أقيم لتأبين كوردي وتوجيهه نحو تظاهرة مناهضة للسلطة. ووفقًا لشهود عيان وأفراد من العائلة، فقد فرقت قوات الأمن التجمع بالقوة، مستخدمة الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى اشتباكات وأعمال عنف. كما أفادت العائلة بأن نحو 15 شخصًا شاركوا في الاعتداء على محمدي، حيث قاموا بشد شعرها وضربها بالعصي والهراوات.

سجل حافل بالنشاط الحقوقي والاعتقالات السابقة

هذا ليس أول اعتقال يخضع له نرجس محمدي. لقد أمضت جزءًا كبيرًا من العقد الماضي في السجن، وكانت تنفذ حكمًا إجماليًا بالسجن

شاركها.
اترك تعليقاً