في ختام عام 2025، يواجه الاتحاد الأوروبي لحظة حاسمة تحدد مستقبله ومكانته في النظام العالمي المتغير. يشير تحليل للكاتب برناردو دي ميغيل إلى أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من اختلافها الظاهري، تعملان سويًا لتهديد استقرار وأمن الاتحاد الأوروبي. هذا المقال يستكشف هذه التحديات المتزايدة، ويسلط الضوء على الخيارات الاستراتيجية المتاحة أمام أوروبا.

التهديد المزدوج: ترامب وبوتين

يشير دي ميغيل إلى أن أوروبا تواجه تهديدًا مزدوجًا في نهاية عام 2025: الهجمات العسكرية الروسية، التي تجسدت في استخدام الطائرات المسيّرة، والضغوط السياسية العميقة التي تمارسها إدارة ترامب. لم تعد هذه الضغوط مجرد انتقادات، بل تحولت إلى محاولة واضحة لتقويض الأساس الذي بُني عليه الاتحاد الأوروبي، والذي منح القارة الأوروبية فترة طويلة من السلام والاستقرار.

دوافع موسكو وواشنطن

ما الذي يدفع روسيا والولايات المتحدة إلى استهداف الاتحاد الأوروبي؟ يوضح دي ميغيل أن موسكو تخشى من انتقال النموذج الأوروبي القائم على الازدهار والحرية إلى حدودها، خاصة عبر أوكرانيا التي اكتسبت، على الرغم من الحرب، توجهًا نحو الاندماج الأوروبي. من ناحية أخرى، يرى ترامب في نجاح التجربة الأوروبية تحديًا لسياساته القومية والاقتصادية المتمركزة حول قوة أمريكا وفرض إرادتها على العالم.

أوروبا في مفترق الطرق: التكامل أم التفكك؟

يواجه الاتحاد الأوروبي الآن خيارين مصirian: إما إعادة بناء نفسه كقوة مستقلة ذات سيادة من خلال تعزيز التكامل والاستقلالية الاستراتيجية، وإما الانزلاق نحو التفكك والفوضى. هذا يتطلب اتخاذ قرارات جريئة وسريعة، بينما تترقب قوى أخرى، وعلى رأسها الصين، فرصتها لاقتناص المكاسب من أي حالة عدم استقرار.

الحاجة إلى دفاع أوروبي موحد

أحد أهم جوانب إعادة بناء أوروبا هو تطوير سياسة أمنية ودفاعية مشتركة. يُركز دي ميغيل على الحاجة إلى آلية ضمانة للحماية المتبادلة بين دول الاتحاد الأوروبي، توازي الضمان الذي يوفره حلف شمال الأطلسي (الناتو). هذا التحول ضروري لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، الذي جعل أوروبا عرضة لتقلبات السياسة الأمريكية.

تفعيل المادة 42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي

يشير الكاتب إلى الأساس القانوني القائم بالفعل لهذا التوجه في المادة 42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي. تنص هذه المادة على أنه في حالة تعرض إحدى الدول الأعضاء لعدوان مسلح، فإن الدول الأعضاء الأخرى ملزمة بتقديم المساعدة والدعم بكل الوسائل المتاحة لها. تفعيل هذه المادة من شأنه أن يمنح الاتحاد الأوروبي القدرة على التصرف بشكل مستقل وحسم في مواجهة أي تهديد عسكري.

رياح التغيير: نحو استقلالية استراتيجية

لا يقتصر الأمر على الدفاع المشترك، بل يشمل أيضًا إعادة النظر في الأطر المؤسسية الحالية للاتحاد الأوروبي. هناك دعوات إلى تجاوز العقبات التي تعيق التكامل، مثل سياسات حكومات مثل حكومة فيكتور أوربان في المجر، التي تعارض بعض جوانب التعاون الأوروبي. إن هذه الخطوات تهدف إلى تعزيز الاستقلالية الأوروبية، وهو مفهوم رئيسي في الخطاب السياسي الحالي.

التعاون الأوروبي في مواجهة التحديات الجيوسياسية

يشدد دي ميغيل على أن هذه ليست مجرد مسألة داخلية أوروبية، بل تتعلق بمستقبل النظام العالمي. في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وزيادة نفوذ قوى مثل روسيا والصين، يصبح من الضروري أن يكون لدى أوروبا القدرة على حماية مصالحها والدفاع عن قيمها بشكل فعال. هذا يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الدول الأعضاء، وتنسيقًا للسياسات الخارجية والأمنية.

مستقبل الاتحاد الأوروبي: تحديات وفرص

يختتم دي ميغيل تحليله بالإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات غير مسبوقة في نهاية عام 2025. ومع ذلك، يرى أن هذه التحديات تحمل في طياتها فرصًا لإعادة تأسيس الكيان الأوروبي على أسس أكثر صلابة واستقلالية. إن القدرة على التغلب على هذه التحديات ستحدد ما إذا كانت أوروبا ستستمر في لعب دور رئيسي في النظام العالمي، أم ستنزلق نحو التهميش والتفكك. إن الاستجابة السريعة والمناسبة لهذه الهجمات المنسقة، هي مفتاح بقاء ونجاح المشروع الأوروبي.

من الضروري الآن على صانعي القرار الأوروبيين أن يتبنوا رؤية استراتيجية واضحة، وأن يتخذوا الإجراءات اللازمة لتعزيز التكامل والاستقلالية الدفاعية. سيؤدي ذلك إلى خلق أوروبا أقوى وأكثر قدرة على مواجهة التحديات المستقبلية والتمسك بقيمها. هل ستنجح أوروبا في اغتنام هذه الفرصة التاريخية؟ المستقبل وحده كفيل بالإجابة.

شاركها.
اترك تعليقاً