أُعلنت بداية الدورة الـ 36 من أيام قرطاج السينمائية في تونس، مساء السبت، على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة. هذه التظاهرة السينمائية الهامة، التي تجذب عشاق الفن السابع من مختلف أنحاء العالم، افتتحت بعرض الفيلم الفلسطيني الطويل “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر، الأمر الذي يضع القضية الفلسطينية في صميم الحدث الثقافي. المهرجان، الذي يعد موعدًا سنويًا هامًا للمحترفين وهواة السينما، يواصل تعزيز مكانة تونس كمركز إشعاع ثقافي.

انطلاق فعاليات الدورة الـ 36 من أيام قرطاج السينمائية

شهد حفل الافتتاح حضورًا لافتًا من الفنانين والمخرجين والنقاد، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة الشؤون الثقافية التونسية. عبرت المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر عن سعادتها العميقة باختيار فيلمها لافتتاح أيام قرطاج السينمائية، واصفةً إياه بشرف كبير لفريق العمل بأكمله. وأكدت أن الفيلم لم يصنع في ظروف عادية، بل خلال “واحدة من أصعب وأسوأ الفترات في تاريخ الشعب الفلسطيني”.

الحرب في غزة، كما أشارت المخرجة، كانت لها تداعيات مباشرة على عملية التصوير، حيث توقفت أربع مرات بسبب الظروف الأمنية والإنسانية الصعبة. هذا الأمر يضيف بعدًا إنسانيًا عميقًا للفيلم، ويجعله شاهدًا على الأحداث الجارية. فيلم “فلسطين 36” يعود بالذاكرة إلى حقبة مهمة في تاريخ النضال الفلسطيني، ليقدم قصة الثورة ضد الحكم البريطاني والمطالبة بالاستقلال في عام 1936.

تحديات إنتاج فيلم “فلسطين 36”

لم يكن إنتاج هذا الفيلم مجرد تحدٍ فني، بل كان اختبارًا للإرادة والعزيمة. فالظروف السياسية والاجتماعية في فلسطين، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الحركة والتنقل، شكلت عائقًا كبيرًا أمام المخرجين والفنيين. إلا أنهم تمكنوا، رغم كل الصعاب، من إنجاز عمل سينمائي يوثق لهذه المرحلة الحساسة. هذا الإنجاز يعكس التزام الفنانين بقضية وطنهم، ورغبتهم في إيصال أصواتهم إلى العالم.

برنامج المهرجان وتنوعه

تستمر أيام قرطاج السينمائية حتى 20 ديسمبر، وتقدم برنامجًا حافلًا ومتنوعًا يضم 165 فيلمًا من 23 دولة. هذه الأفلام موزعة على مختلف المسابقات الرسمية، بما في ذلك مسابقات الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية والقصيرة، بالإضافة إلى برامج احتفالية وأقسام موازية تهدف إلى استكشاف آفاق جديدة في عالم السينما.

بالإضافة إلى الأفلام الأجنبية، تحتفي أيام قرطاج السينمائية بالإنتاج السينمائي التونسي من خلال عرض 46 فيلمًا، منها 23 فيلمًا طويلاً و23 فيلمًا قصيرًا. هذا الأمر يعكس حرص المهرجان على دعم وتشجيع السينمائيين التونسيين، وإبراز قدراتهم وإبداعاتهم.

احتفاء بالسينما الأرمينية وتكريم الرواد

يولي المهرجان هذا العام اهتمامًا خاصًا بالسينما الأرمينية، من خلال تنظيم برنامج خاص بعنوان “سينما تحت المجهر”. يهدف هذا البرنامج إلى التعريف بتاريخ السينما الأرمينية وتطورها، وعرض مجموعة مختارة من الأفلام التي تمثل مختلف مراحلها وأنواعها. بالإضافة إلى ذلك، يسلط المهرجان الضوء على التجارب السينمائية المتميزة من إسبانيا وأمريكا اللاتينية، مما يضفي على البرنامج بعدًا عالميًا.

لم يغفل المهرجان تكريم الرواد الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ السينما. فقد تم تكريم الممثلة الإيطالية من أصول تونسية كلوديا كاردينالي، والتي وافتها المنية في شهر سبتمبر الماضي. كما تم تكريم عدد من صناع السينما الراحلين، من بينهم المخرج الجزائري محمد الأخضر حمينة، والناقد اللبناني وليد شميط، والمخرج والسيناريست سليمان سيسه من مالي، والمخرجة بولين سومانو فييرا من بنين.

التانيت الشرفي وكلمة مدير المهرجان

منح المهرجان “التانيت الشرفي” للمنتج التونسي عبد العزيز بن ملوكة، تقديرًا لمساهماته الجليلة في تطوير صناعة السينما في تونس على مدار مسيرته المهنية. بن ملوكة يعتبر شخصية بارزة في عالم الإنتاج السينمائي، وقد ساهم في إنجاز العديد من الأفلام التونسية الهامة التي حازت على جوائز وتقديرات دولية.

في كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح، رحب طارق بن شعبان، مدير أيام قرطاج السينمائية، بجميع الضيوف والحضور. وأكد أن المهرجان يتميز بقدرته الدائمة على التجدد والتكيف مع المتغيرات، بالإضافة إلى تفاعله المستمر مع جمهوره المتنوع. وأوضح أن المهرجان يواصل التمسك بثوابته الفكرية والفنية، ويحرص على تقديم أفلام هادفة ومثيرة للتفكير.

وفي الختام، أيام قرطاج السينمائية ليست مجرد مهرجان سينمائي، بل هي منصة لتبادل الأفكار والثقافات، ومساهمة في تعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب. تواصلوا معنا لمتابعة أخبار المهرجان وتغطيتنا الخاصة لأهم الأحداث والفعاليات. لا تنسوا مشاركة مقالاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم السينما العربية.

شاركها.
اترك تعليقاً