في موسم رمضان 2026، تستعد الشاشات السورية لعرض عمل درامي طموح ومؤثر، يحمل اسم “السوريون الأعداء”، مقتبسًا عن الرواية المثيرة للجدل للكاتب فواز حداد. المسلسل، الذي يمثل عودة قوية للتعاون بين المخرج الليث حجو والنجمين بسام كوسا وسلوم حداد، يتعهد بتقديم معالجة درامية جريئة لأحد أكثر الفصول قتامة في التاريخ السوري الحديث، مجزرة حماة. هذا العمل الدرامي يثير اهتمامًا كبيرًا، ويتوقع أن يكون حديث الجمهور ومحل نقاش واسع، خاصةً مع التركيز على آثار العنف والظلم على المجتمع.
مسلسل “السوريون الأعداء”: عودة إلى الماضي المؤلم
“السوريون الأعداء” ليس مجرد مسلسل تاريخي، بل هو غوص عميق في النفس السورية المجروحة. يتناول العمل حقبة الثمانينيات وما حملته من صراعات سياسية، تحولات اجتماعية جذرية، وأحداث مروعة تركت ندوبًا لا تزال بادية حتى اليوم. اختار المخرج الليث حجو، المعروف بأسلوبه الواقعي وتأثره بالقضايا الإنسانية، رواية فواز حداد تحديدًا لنقل هذه التجربة المؤلمة بصدق وأمانة.
الرواية، التي صدرت عام 2014، أثارت جدلاً واسعًا بسبب تناولها الصريح لمجزرة حماة، التي تعتبر نقطة تحول في مسار التاريخ السوري. المسلسل، يُتوقع أن يحافظ على هذه الجرأة، وأن يثير تساؤلات مهمة حول المسؤولية الجماعية، آليات السلطة، وتأثير الصمت على الذاكرة الجماعية.
أحداث المسلسل وخطوطه الدرامية المتشابكة
تدور أحداث “السوريون الأعداء” حول قصة مأساوية لعائلة سورية بأكملها، تُباد على يد ضابط سامٍ. الناجي الوحيد من هذه المأساة هو طفل رضيع، تُنقذه جارتهم العجوز، ليحمل معه ذاكرة أجيال كاملة أُنهيت بوحشية. هذه القصة المحورية هي نقطة الانطلاق لسردية أوسع وأكثر تعقيدًا.
يتعقب المسلسل حياة ثلاث شخصيات رئيسية في قلب الأحداث، مبرزًا جوانب مختلفة من تأثير النظام على الأفراد:
- الضابط: يمثل صعودًا مدمرًا في هرم السلطة، حيث يتمتع بنفوذ متزايد يجعله جزءًا من آلة القمع.
- الطبيب: يجد نفسه زجًا في سجن تدمر، بعد أن نجا بأعجوبة من حكم الإعدام، ليواجه قسوة السجن وتحديات البقاء.
- القاضي: يحاول التمسك بمبادئ القانون والعدالة في بيئة تخنق الحريات، حيث يواجه صراعًا وجوديًا بين ضميره وواجباته.
هذه الخطوط الدرامية المتشابكة تهدف إلى تقديم صورة بانورامية للمجتمع السوري في تلك الفترة، والتعقيدات التي واجهها أفراده في ظل سلطة قمعية. يُعد هذا التناول المتعدد الأبعاد من أبرز سمات الدراما السورية المتميزة.
فريق العمل ومراحل الإنتاج
يضم فريق عمل المسلسل نخبة من النجوم السوريين، بالإضافة إلى بسام كوسا وسلوم حداد، يارا صبري، أندريه سكاف، وروزينا لاذقاني. هذا التجمع المتميز للكوادر الفنية يعزز التوقعات حول جودة العمل وقدرته على جذب انتباه المشاهدين.
وقد نفى المخرج الليث حجو، في تصريحات صحفية، مشاركة الفنانين مكسيم خليل ومازن الناطور، موضحًا أن الترشيحات لم تتضمن اسميهما من الأساس. هذا يؤكد حرص الفريق على اختيار الممثلين الذين يتماشون مع رؤيتهم الفنية للمسلسل.
تنتج شركة ميتافورا هذا العمل الضخم، بمشاركة كتاب السيناريو نجيب نصير ورامي كوسا ورافي وهبي، وهو ما يضمن تقديم نص قوي ومحكم. ومن المقرر أن تنطلق عمليات التصوير في الأيام القليلة القادمة في عدة محافظات سورية، بالإضافة إلى مواقع خارجية في المناطق الريفية، لإضفاء المزيد من الواقعية على الأحداث وصورها. سيتكون المسلسل من 30 حلقة، مما يتيح مساحة واسعة لاستكشاف كافة جوانب قصة مجزرة حماة وإبراز أبعادها الإنسانية.
“السوريون الأعداء” واستمرارية النجاح لـ الليث حجو ورامي كوسا وبسام كوسا
لا يمثل هذا المسلسل سوى استمرار للنجاحات المتتالية التي حققها الثلاثي الليث حجو ورامي كوسا وبسام كوسا. سبقت هذه الشراكة عملًا بارزًا، وهو مسلسل “البطل” الذي عُرض في رمضان 2025، والذي تناول بدوره قضايا المجتمع السوري في ظل الحرب، مسلطًا الضوء على آليات الظلم والفساد. يشير هذا التعاون المستمر إلى وجود رؤية فنية مشتركة، وقدرة على تقديم أعمال درامية مؤثرة تتجاوب مع قضايا المجتمع.
يعتبر مسلسل “السوريون الأعداء” إضافة نوعية إلى الإنتاج الدرامي العربي وتركيزه على قضايا تاريخية واجتماعية هامة. هو عمل يراهن على تقديم رؤية جديدة ومختلفة لمجزرة حماة، من خلال سردية إنسانية قوية، وقصة مؤثرة تلامس شغاف القلب.
في الختام
“السوريون الأعداء” هو عمل درامي ينتظر بشغف من قبل الجمهور السوري والعربي. ليس فقط بسبب اسم المخرج والنجمين، ولكن أيضًا بسبب الموضوع الشائك الذي يتناوله، وأهمية الأحداث التي يسعى إلى إعادة إحيائها. من المرجح أن يثير المسلسل نقاشات واسعة حول الذاكرة والمسؤولية والعدالة، وأن يترك بصمة واضحة في الدراما الرمضانية 2026. ندعوكم لمتابعة أخبار المسلسل وتطورات إنتاجه، والاستعداد لمشاهدة عمل سيحفر اسمه في ذاكرة التلفزيون السوري.















