في تطورات مقلقة، شهدت مدينة نابلس في الضفة الغربية، يوم الجمعة، تصعيدًا في التوترات مع اقتحام مستوطنين إسرائيليين للمناطق الشرقية من المدينة، وإصابة شاب فلسطيني دهسًا. يأتي هذا الحادث في سياق متصاعد للعنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين، مما يثير مخاوف دولية بشأن الوضع الأمني المتدهور في المنطقة.
اقتحام نابلس وإصابة شاب فلسطيني
أقدمت مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين على اقتحام المنطقة الشرقية من نابلس بمركباتهم، حيث قام أحدهم بدهس شاب فلسطيني أثناء مروره في شارع عمان. نتج عن هذا الحادث إصابة الشاب بكسور في قدميه، وتم نقله على الفور إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وحسب التقارير، حاول بعض المستوطنين الوصول إلى مقام “قبر يوسف”، وهو موقع يعتبره اليهود مقدسًا، عبر مركبتين. لكن إحدى المركبتين انقلبت خلال فرارها، بينما لاذ المستوطنون بالفرار سيرًا على الأقدام خارج المدينة. هذا الاقتحام ليس الأول من نوعه، حيث يشهد “قبر يوسف” بشكل دوري اقتحامات مماثلة من قبل المستوطنين تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
الجدل حول “قبر يوسف”
يقع “قبر يوسف” في الطرف الشرقي من نابلس، ضمن منطقة خاضعة للسيطرة الفلسطينية. يعتبره اليهود موقعًا دينيًا منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967. ومع ذلك، يشير باحثون وعلماء إلى أن المقام لا يرتبط بالنبي يوسف، بل هو على الأرجح ضريح لشيخ مسلم يُدعى يوسف دويكات. هذا الجدل يضيف بعدًا آخر للتوترات المحيطة بالموقع.
تصعيد العنف في الضفة الغربية
لم يقتصر العنف على نابلس، بل امتد ليشمل مناطق أخرى في الضفة الغربية. ففي نفس اليوم، نصب مستوطنون بوابة جديدة في وادي “كفر نعمة” غرب مدينة رام الله. كما رشق مستوطنون مركبات المواطنين الفلسطينيين بالحجارة قرب دوار “قدوميم” شرق قلقيلية، وعرقلوا حركة المرور عند دوار المنيا جنوب بيت لحم. هذه الحوادث تعكس تصاعدًا مقلقًا في العنف الذي يستهدف الفلسطينيين وممتلكاتهم.
ردود الفعل الرسمية والدولية
أقر الجيش الإسرائيلي بوقوع الحادث في نابلس، مؤكدًا أن عددًا من المستوطنين “دخلوا ليلا إلى المدينة وأقدموا على دهس فلسطيني”. وادعى الجيش أنه تم القبض على عدد منهم ونقلهم إلى الشرطة الإسرائيلية للتحقيق.
من جهة أخرى، أعربت دول أوروبية عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف. ففي نوفمبر الماضي، أصدرت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا بيانًا مشتركًا نددت فيه بـ”الزيادة الكبيرة” في عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، محذرة من أن هذا التصعيد يهدد الاستقرار ويقوض الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع.
الوضع الإنساني والأرقام المقلقة
منذ بداية الأحداث في 7 أكتوبر 2023، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أكثر من 1100 فلسطيني، وأصابوا نحو 11 ألفًا، إضافة إلى اعتقال ما يزيد على 21 ألفًا، وفقًا لتقارير حقوقية. هذه الأرقام تشير إلى وضع إنساني كارثي يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي.
تأثير العنف على عملية السلام
إن استمرار العنف من قبل المستوطنين يعيق بشكل كبير أي جهود مستقبلية لتحقيق السلام في المنطقة. فبينما تتصاعد التوترات وتتزايد الخسائر في الأرواح، يصبح من الصعب بشكل متزايد بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، فإن بناء المستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي ويعيق تحقيق حل الدولتين.
مستقبل الضفة الغربية
إن الوضع في الضفة الغربية يتطلب معالجة جذرية وشاملة. يجب على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط على إسرائيل لوقف العنف والانتهاكات ضد الفلسطينيين، والالتزام بالقانون الدولي. كما يجب دعم الجهود المبذولة لتحقيق حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يضمن حقوق جميع الأطراف. إن تجاهل هذه القضية سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع وزيادة خطر التصعيد.
في الختام، إن اقتحام المستوطنين الإسرائيليين لمدينة نابلس وإصابة الشاب الفلسطيني هو مجرد حلقة في سلسلة العنف المتصاعد في الضفة الغربية. يتطلب هذا الوضع تدخلًا دوليًا فوريًا لوقف العنف وحماية المدنيين، والعمل على تحقيق سلام دائم وعادل في المنطقة. ندعو القراء إلى متابعة آخر التطورات حول هذا الموضوع والتعبير عن آرائهم ومواقفهم بشكل مسؤول.















