في عالمنا الحديث، أصبح الجلوس لفترات طويلة جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين، سواء في العمل أو أمام شاشات الأجهزة. هذا النمط الحياتي الخامل له تأثيرات سلبية على صحة القلب والأوعية الدموية. لحسن الحظ، تشير دراسة بريطانية حديثة إلى أن تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالفلافانول يمكن أن يكون حلاً واعداً لحماية الشرايين من هذه المشكلات الصحية المرتبطة بالجلوس. هذه الدراسة تلقي الضوء على أهمية صحة الشرايين وكيفية الحفاظ عليها في ظل ظروف الحياة المعاصرة.

ما هي الفلافانولات وكيف تؤثر على صحة القلب؟

الفلافانولات هي مركبات نباتية طبيعية توجد بوفرة في بعض الأطعمة والمشروبات، مثل الشاي والكاكاو والتفاح والتوت. تعتبر مضادات أكسدة قوية، وهذا يعني أنها تساعد في حماية الخلايا من التلف الذي تسببه الجذور الحرة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث أن الفلافانولات لها خصائص مضادة للالتهابات ويمكن أن تحسن وظيفة الأوعية الدموية.

يشرح الأطباء أن هذه المركبات تساعد في إنتاج أكسيد النيتريك في الجسم، وهو جزيء يلعب دورًا حاسمًا في تنظيم ضغط الدم وتحسين تدفق الدم. ونتيجة لذلك، فإن دمج الأطعمة الغنية بالفلافانول في نظامك الغذائي قد يكون وسيلة فعالة للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

تأثير الجلوس الطويل على الدورة الدموية

كما ذكرنا سابقًا، الجلوس لساعات طويلة يقلل من تدفق الدم ويؤثر سلبًا على وظائف الشرايين. هذا يمكن أن يؤدي إلى تصلب الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. حتى انخفاض طفيف في وظائف الشرايين يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، حيث تشير الدراسات إلى أن تراجع بنسبة 1٪ فقط في قياسات الطبقة الداخلية للأوعية الدموية (FMD) يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 13٪.

الدراسة البريطانية وتأثير الفلافانول على وظائف الشرايين

نشرت الدورية العلمية Journal of Physiology نتائج دراسة بريطانية مهمة بحثت في تأثير الفلافانول على وظائف الشرايين لدى الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة. قام الباحثون بتقييم تأثير تناول مشروب كاكاو غني بالفلافانول (يحتوي على 695 جرامًا) ومقارنته بمشروب كاكاو منخفض الفلافانول (يحتوي على 5.6 جرامات) على أربعين متطوعًا.

نتائج الدراسة بالتفصيل

تم تقسيم المتطوعين إلى مجموعتين: مجموعة تتمتع بلياقة بدنية عالية ومجموعة أخرى ليست كذلك. وُجد أن المجموعة التي تناولت المشروب الغني بالفلافانول لم تعانِ من أي تراجع في قياسات الطبقة الداخلية للأوعية الدموية، سواء في اليدين أو القدمين، بعد الجلوس لمدة ساعتين.

بالمقابل، شهدت المجموعة التي تناولت المشروب منخفض الفلافانول تراجعًا في هذه القياسات، بالإضافة إلى ارتفاع في ضغط الدم وانخفاض في معدل تدفق الدم ونقص في الأكسجين في عضلات الساقين. وهذا يدل على أن تناول الفلافانول يمكن أن يساعد في تعويض الآثار السلبية للجلوس الطويل على الدورة الدموية.

ملاحظات حول الدراسة

من الجدير بالذكر أن الدراسة لم تتضمن نساءً، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الدورة الشهرية والتي قد تؤثر على طريقة عمل الفلافانول في الجسم. لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت النتائج تنطبق على النساء أيضًا.

أهمية اللياقة البدنية والفلافانول معًا

بحسب الدكتور سام لوكاس، أخصائي الأوعية الدماغية بجامعة برمينجهام، فإن الدراسة أظهرت أن اللياقة البدنية العالية لا توفر حماية كاملة من الأضرار المؤقتة التي يسببها الجلوس لفترات طويلة، خاصة إذا كان الشخص يستهلك كميات قليلة من الفلافانول.

ويضيف: “تناول المشروبات الغنية بالفلافانول يقلل من أضرار الجلوس لفترة طويلة، سواء كنت تتمتع بلياقة بدنية عالية أو لا.” هذا يعني أن دمج الفلافانول في نظامك الغذائي، إلى جانب ممارسة النشاط البدني بانتظام، يمكن أن يكون استراتيجية فعالة للحفاظ على صحة الأوعية الدموية وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

توصيات للحفاظ على صحة الشرايين

لتجنب الآثار السلبية للجلوس لفترات طويلة وتعزيز صحة الشرايين، إليك بعض التوصيات:

  • زيادة تناول الفلافانول: قم بدمج الأطعمة والمشروبات الغنية بالفلافانول في نظامك الغذائي، مثل الشاي (خاصة الشاي الأخضر)، والكاكاو الداكن، والتفاح، والتوت، والعنب الأحمر.
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام: حاول أن تمارس التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع. حتى المشي السريع يمكن أن يكون له فوائد كبيرة.
  • أخذ فترات راحة متكررة: إذا كنت تجلس لفترات طويلة، قم بالوقوف والتجول كل 30 دقيقة.
  • اتباع نظام غذائي صحي: تناول نظامًا غذائيًا غنيًا بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون.
  • الحد من التوتر: يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى تلف الأوعية الدموية. ابحث عن طرق صحية لإدارة التوتر، مثل ممارسة اليوجا أو التأمل.

في الختام، تقدم الدراسة البريطانية دليلًا قويًا على أن الفلافانول يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على صحة الشرايين، خاصة في ظل نمط الحياة الخامل الذي يميز عصرنا. من خلال زيادة تناول هذه المركبات النباتية، جنبًا إلى جنب مع اتباع نمط حياة صحي ونشط، يمكنك حماية قلبك وأوعيتك الدموية والحفاظ على صحة أفضل على المدى الطويل. ننصحكم بمشاركة هذه المعلومات مع أصدقائكم وعائلاتكم لتعزيز الوعي بأهمية صحة الشرايين والوقاية من أمراض القلب.

شاركها.
اترك تعليقاً