تصعيد واشنطن ضد فنزويلا: ترامب يهدد مادورو ويحذر كولومبيا
في تطورات متسارعة للأزمة الفنزويلية، كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على نظام الرئيس نيكولاس مادورو، مع تصريحات حادة من الرئيس دونالد ترامب وتصعيد عسكري في منطقة الكاريبي. وتأتي هذه التحركات في ظل سعي واشنطن لإحداث تغيير في النظام الحاكم في كراكاس، وهو ما يثير قلقًا إقليميًا ودوليًا. يركز هذا المقال على آخر التطورات في الأزمة الفنزويلية، بما في ذلك تصريحات ترامب، والعمليات العسكرية، وردود الفعل الدولية.
ترامب يطالب برحيل مادورو ويلمح إلى خيارات متعددة للنفط الفنزويلي
أكد الرئيس ترامب أن رحيل مادورو عن السلطة سيكون “الحكمة”، مشيرًا إلى أن واشنطن تحتفظ بخيارات متعددة فيما يتعلق بالنفط الفنزويلي الذي تم حجزه في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن الولايات المتحدة قد تبيع النفط المصادر، أو تحتفظ به، أو تستخدمه لتعزيز احتياطياتها الاستراتيجية. هذه التصريحات، التي أدلى بها ترامب بحضور كبار مسؤولي الأمن القومي، بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، تشير إلى تصميم الإدارة الأمريكية على زيادة الضغط على كراكاس.
عندما سُئل ترامب عما إذا كان الهدف الرئيسي هو دفع مادورو إلى التنحي، أجاب بلهجة حذرة: “أعتقد أن ذلك قد يكون مطروحًا… الأمر متروك له ليقرر ما الذي يريد فعله. أعتقد أنه سيكون ذكيًا لو فعل ذلك. لكن مرة أخرى، سنعرف”. كما وجه تحذيرًا مبطنًا لمادورو، قائلاً إن أي محاولة لإظهار القوة ستكون “آخر مرة يتمكن فيها من لعب دور القوي”.
تصعيد عسكري أمريكي في الكاريبي: “حصار شامل” وناقلات نفط محتجزة
تزامنت تصريحات ترامب مع تصعيد ملحوظ في الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الكاريبي. أعلن ترامب عن نشر “أسطول ضخم” في المنطقة، كما أكدت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أن مادورو “عليه الرحيل”، في إشارة واضحة إلى سعي واشنطن لتغيير النظام في فنزويلا.
وقد استولى الجيش الأمريكي بالفعل على ثلاث ناقلات نفط في الكاريبي هذا الشهر، بالإضافة إلى تنفيذ ضربات ضد قوارب يُزعم أنها متورطة في تهريب المخدرات. وقد أسفرت هذه العمليات عن تدمير العشرات من السفن ومقتل أكثر من 105 شخصًا، وهو ما أثار انتقادات واسعة. كما فرض ترامب “حصارًا شاملاً” على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات والمتجهة من أو إلى فنزويلا، في خطوة تصعيدية تهدف إلى قطع شريان الحياة الاقتصادي للنظام. العقوبات الأمريكية على فنزويلا تهدف إلى عزل النظام مادورو اقتصاديًا وسياسيًا.
ردود الفعل الدولية: دعم روسي صيني وتخوفات إقليمية
أثارت هذه التطورات ردود فعل متباينة على الصعيد الدولي. أعربت الصين وروسيا عن دعمهما الكامل لفنزويلا في مواجهة الضغوط الأمريكية. تعتبر بكين أكبر مستورد للنفط الخام الفنزويلي، وتمثل وارداتها النفطية حوالي 4% من إجمالي النفط الفنزويلي. وقد انتقد وزيرا خارجية روسيا وفنزويلا الإجراءات الأمريكية، محذرين من أنها قد تكون لها “عواقب خطيرة على المنطقة وتهدد الملاحة الدولية”.
في المقابل، وجه ترامب تحذيرًا للرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي انتقد العمليات الأمريكية في الكاريبي، مهددًا إياه بالقول: “عليه أن ينتبه. لديهم مصانع مخدرات، يصنّعون الكوكايين في كولومبيا – وهو ليس صديقًا للولايات المتحدة”. هذا التصريح يعكس التوتر المتزايد في العلاقات بين واشنطن وبوغوتا.
احتجاجات في فنزويلا وتصريحات مادورو المضادة
في كراكاس، نزل عشرات راكبي الدراجات النارية إلى الشوارع مرتدين أزياء قراصنة، احتجاجًا على مطاردة الولايات المتحدة للسفن التي تحمل النفط الفنزويلي. وقد حمل المتظاهرون لافتات كتب عليها عبارات باللغة الإنجليزية مثل “لا للحرب، نعم للسلام”، وأخرى تحمل صورة لترامب مرتديًا زي قرصان.
ورد الرئيس مادورو على تصريحات واشنطن، قائلاً إن ترامب سيكون “أفضل حالًا” لو ركز على التحديات الداخلية في الولايات المتحدة بدلًا من تهديد فنزويلا. وأضاف أن ترامب يجب أن يهتم بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية في بلاده، وأن يولي اهتمامًا لشؤون بلاده على المستوى العالمي. الوضع الاقتصادي في فنزويلا يزداد سوءًا، مما يزيد من التحديات التي تواجه النظام.
مستقبل الأزمة الفنزويلية: سيناريوهات محتملة
لا يزال مستقبل الأزمة الفنزويلية غير واضح. قد يستمر ترامب في ممارسة الضغوط على مادورو، مع احتمال فرض المزيد من العقوبات أو حتى التدخل العسكري المباشر. ومع ذلك، فإن هذا التدخل قد يؤدي إلى تصعيد كبير في التوتر الإقليمي، وقد يواجه مقاومة من روسيا والصين.
من ناحية أخرى، قد يضطر مادورو إلى تقديم تنازلات، مثل الموافقة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن هذا الاحتمال يبدو بعيدًا في الوقت الحالي، حيث يرفض مادورو الاعتراف بشرعية المعارضة. في النهاية، سيعتمد مستقبل فنزويلا على التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد، وعلى الدور الذي ستلعبه القوى الإقليمية والدولية.















