تصعيد حضرموت والمهرة: السعودية تدعو لضبط النفس ووحدة الصف

يشهد اليمن تطورات مقلقة في محافظتي حضرموت والمهرة، دفعت وزارة الخارجية السعودية لإصدار بيان عاجل يدعو إلى إنهاء التصعيد ووقف التحركات العسكرية الأخيرة. يأتي هذا البيان في وقت حرج يواجه فيه اليمن تحديات جمة، ويهدد الاستقرار الهش الذي يسعى التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية لتحقيقه. هذا المقال يتناول تفاصيل هذه التطورات، السياق العام للأزمة، الجهود المبذولة لاحتواء الموقف، وأهمية الحوار وتغليب المصلحة الوطنية اليمنية.

سياق الأزمة وتداعيات التصعيد في حضرموت والمهرة

تأتي هذه الأحداث في ظل وضع سياسي وعسكري معقد يمر به اليمن منذ سنوات طويلة. فبعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، والذي يمثل مختلف القوى المناهضة للحوثيين، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، ارتفعت الآمال في تحقيق نوع من الاستقرار وتوحيد الجهود. ومع ذلك، فإن التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها المجلس الانتقالي في حضرموت والمهرة، والتي وصفتها الرياضة بأنها أحادية وغير منسقة، تلقي بظلالها على هذه الآمال.

حضرموت والمهرة لهما أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة لليمن. حضرموت، على وجه الخصوص، تعتبر من أغنى المحافظات اليمنية بالنفط، مما يجعلها هدفًا رئيسيًا للسيطرة والنفوذ. أما المهرة، فهي بوابة اليمن الشرقية على سلطنة عمان، وتمتلك أهمية جيوسياسية كبيرة. السيطرة على هذه المناطق تعني التحكم في موارد حيوية وطرق إمداد استراتيجية.

رد فعل السعودية والجهود المبذولة لاحتواء الموقف

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن قلقها العميق إزاء هذه التحركات، مؤكدة أنها تقوض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في اليمن. وشددت على أن التصعيد غير المبرر يضر بمصالح الشعب اليمني ويعقد القضية الجنوبية.

وقامت المملكة، بالتنسيق الوثيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، بجهود مكثفة لاحتواء الموقف. وتشمل هذه الجهود إرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن للتنسيق مع المجلس الانتقالي، بهدف ضمان عودة القوات إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين.

ومن المقرر أن يتم تسليم المعسكرات لقوات “درع الوطن” والسلطة المحلية، تحت إشراف مباشر من قوات التحالف. هذه الخطوة تهدف إلى استعادة السيطرة الحكومية على المناطق المتنازع عليها ومنع المزيد من التصعيد. الأزمة اليمنية تتطلب حلولاً شاملة ومستدامة، وليست مجرد إجراءات مؤقتة.

المخاطر المحتملة لاستمرار التوتر

استمرار التوتر بين الأطراف اليمنية يهدد بتعميق الانقسامات داخل المعسكر المناهض للحوثيين، وهو ما قد تستغله جماعة الحوثي لتعزيز نفوذها. كما أن هذا التوتر يزعزع استقرار المناطق التي ظلت بعيدة نسبيًا عن الصراع المباشر، ويؤخر الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية بالفعل في اليمن.

دعوة إلى الحوار وتغليب المصلحة الوطنية

جددت وزارة الخارجية السعودية التأكيد على أهمية الحوار وتغليب المصلحة الوطنية اليمنية. ودعت المجلس الانتقالي الجنوبي إلى إنهاء التصعيد وسحب قواته بشكل عاجل، معربة عن أملها في أن يدرك المجلس أن الاستقرار والازدهار يتحققان من خلال الوحدة والتعاون.

وشددت المملكة على ضرورة تعاون جميع القوى والمكونات اليمنية لضبط النفس وتجنب أي أعمال من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار. كما أكدت أن القضية الجنوبية قضية عادلة لها أبعادها التاريخية والاجتماعية، وأن حلها يكمن في حوار سياسي شامل يراعي مصالح جميع الأطراف.

دعم السعودية المستمر لليمن

في ختام بيانها، أكدت المملكة العربية السعودية دعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية في مساعيهما لتحقيق الأمن والسلام والتنمية في كافة أنحاء اليمن. وتؤكد الرياض على التزامها بدعم الشعب اليمني في سعيه نحو مستقبل أفضل. الوضع في اليمن يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء المعاناة وتحقيق الاستقرار.

إن إنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في اليمن. يتطلب ذلك التزامًا حقيقيًا بالحوار والتفاوض من جميع الأطراف، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة. كما يتطلب دعمًا مستمرًا من المجتمع الدولي لمساعدة اليمن على تجاوز هذه الأزمة والبدء في عملية إعادة الإعمار والتنمية. نأمل أن يستجيب المجلس الانتقالي الجنوبي لهذه الدعوة وأن يساهم في بناء مستقبل أفضل لليمن وشعبه.

شاركها.
اترك تعليقاً