أطلقت هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية، بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، مؤخرًا أكثر من 60 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز برامج إعادة توطين الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض في موائلها الطبيعية، وتأتي في إطار الجهود الوطنية المتكاملة لحماية التنوع البيولوجي في المملكة العربية السعودية. وتشمل هذه الجهود أنواعًا مختلفة من الحيوانات البرية، مما يعكس التزام المملكة بالحفاظ على بيئتها الطبيعية.

وقعت عمليات الإطلاق في محمية الملك خالد الملكية، وهي منطقة ذات أهمية بيئية كبيرة في المملكة. تأتي هذه المبادرة بعد دراسات وتقييمات ميدانية دقيقة لتحديد مدى ملاءمة المحمية لإعادة توطين هذه الأنواع، وضمان بقائها واستمرار تكاثرها. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من خطة أوسع نطاقًا لإعادة الحياة البرية إلى مناطقها الأصلية.

أهمية إعادة توطين الكائنات الفطرية في المملكة

أكد الدكتور طلال بن عبدالله الحريقي، الرئيس التنفيذي للهيئة، أن إطلاق هذه الكائنات يمثل دعمًا كبيرًا للتنوع الأحيائي واستعادة الموائل الطبيعية في محمية الملك خالد الملكية. هذا بدوره يساهم في توفير بيئة آمنة ومستقرة لهذه الحيوانات، مما يسهل تكيفها مع الظروف الطبيعية ويضمن بقاءها على المدى الطويل.

التوافق مع رؤية المملكة 2030

تتماشى هذه الجهود بشكل وثيق مع الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على البيئة، والتي تعتبر ركيزة أساسية في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. تسعى الرؤية إلى بناء بيئة جاذبة تساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الاستدامة البيئية. التعاون بين الهيئة والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية يُعد مثالًا على التكامل المؤسسي الفعال في تنفيذ هذه البرامج الطموحة.

وبحسب المهندس زياد بن عبدالعزيز التويجري، مدير الإدارة العامة للمشاريع والتشغيل بالهيئة، فإن الكائنات التي تم إطلاقها تنوعت بين ظبي الريم، والمها العربي، والأرانب البرية، وظبي الإدمي. تهدف هذه الخطوة إلى إثراء التنوع البيولوجي في المحمية، والمساهمة في استعادة التوازن البيئي من خلال إعادة توطين الحيوانات التي تواجه خطر الانقراض. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المبادرات تدعم وتنشط السياحة البيئية في المنطقة.

ولم تقتصر جهود الهيئة على هذا الإطلاق الأخير، بل قامت خلال الأعوام الماضية بإطلاق ما يزيد عن 300 كائن فطري من أنواع مختلفة، بما في ذلك الزواحف والثدييات والطيور المحلية. جميع هذه الحيوانات مصنفة ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) كأنواع معرضة للخطر أو مهددة بالانقراض. هذا يدل على حجم التحديات التي تواجه الحياة الفطرية في المنطقة، والجهود المبذولة للتغلب عليها.

تخضع الحيوانات التي تم إطلاقها في محمية الملك خالد الملكية لعمليات متابعة دورية ومستمرة من خلال الدراسات الميدانية وتقنيات الرصد الحديثة. تشمل هذه التقنيات استخدام كاميرات المراقبة وأطواق التتبع لمراقبة سلوك الحيوانات وحركتها، وتقييم مدى تكيفها مع البيئة الجديدة. وقد سجلت هذه المتابعات بالفعل العديد من الولادات الطبيعية ونمو القطعان، مما يشير إلى نجاح برامج الإطلاق وإعادة التوطين. هذا النجاح يعزز الأمل في استعادة أعداد الحياة الفطرية في المملكة.

تعتبر محميات المملكة العربية السعودية، مثل محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية ومحمية الملك خالد الملكية، خط الدفاع الأول عن التنوع البيولوجي. وتلعب هذه المحميات دورًا حيويًا في حماية الأنواع المهددة بالانقراض، واستعادة الموائل الطبيعية، وتعزيز الاستدامة البيئية. كما أنها توفر فرصًا للبحث العلمي والتعليم البيئي، مما يساهم في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة.

بالإضافة إلى جهود إعادة التوطين، تعمل الهيئة والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على مكافحة الصيد الجائر، والتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية، وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم هذه الجهود. وتشمل هذه البنية التحتية إنشاء مراكز إبحاث، وتوفير المعدات اللازمة للمراقبة والرصد، وتدريب الكوادر المتخصصة في مجال حماية الحياة الفطرية.

من المتوقع أن تستمر الهيئة والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في تنفيذ المزيد من برامج إعادة التوطين في المستقبل القريب، مع التركيز على الأنواع الأكثر عرضة للخطر. كما سيتم توسيع نطاق المتابعة والرصد لتقييم مدى فعالية هذه البرامج، وتحديد التحديات التي قد تواجهها. وتعتبر هذه الجهود المستمرة ضرورية لضمان استدامة الحياة البرية في المملكة العربية السعودية، والحفاظ على تراثها الطبيعي للأجيال القادمة.

وفي الختام، تظل عمليات المتابعة الدقيقة وتقييم الأثر البيئي لعمليات الإطلاق هي الخطوة الحاسمة التالية. سيتم تحليل البيانات المجمعة لتحديد مدى نجاح البرنامج في تحقيق أهدافه، وتعديل الاستراتيجيات حسب الحاجة. من المهم مراقبة التغيرات في أعداد الحيوانات، وتوزيعها، وسلوكها، بالإضافة إلى تقييم تأثيرها على النظام البيئي بشكل عام. وستصدر الهيئة والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية تقارير دورية حول نتائج هذه المتابعات.

شاركها.
اترك تعليقاً