وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن حوالي 20% من حالات السرطان يمكن ربطها بشكل مباشر بالنظام الغذائي. هذا الرقم المذهل، الذي أكده ألكسندر كوبيجو، رئيس قسم الوقاية في رابطة مكافحة السرطان في فرنسا، يوضح أن تأثير التغذية و الوقاية من السرطان لا يقل عن تأثير التدخين. في عام 2023 وحده، سجل المعهد الوطني الفرنسي للسرطان 433,136 حالة إصابة جديدة بالسرطان في فرنسا، مما يسلط الضوء على أهمية اتخاذ تدابير وقائية فعالة، وعلى رأسها تبني عادات غذائية صحية.
العلاقة بين التغذية و خطر الإصابة بالسرطان
يشير كوبيجو إلى أن 20% من حالات السرطان مرتبطة بعوامل غذائية، بما في ذلك استهلاك الكحول، والنظام الغذائي غير المتوازن، وزيادة الوزن، والسمنة، وقلة النشاط البدني. هذه العوامل مجتمعة تخلق بيئة مواتية لنمو الخلايا السرطانية. من المهم التأكيد على أن هذه ليست مجرد صدفة، بل هي نتيجة مباشرة لكيفية تأثير الطعام الذي نتناوله على وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك الجهاز المناعي وقدرته على مكافحة الأمراض. الوقاية من السرطان تبدأ من المطبخ، وليس فقط من المستشفى.
أنواع السرطان الأكثر ارتباطًا بالتغذية
تتأثر أنواع مختلفة من السرطان بعوامل غذائية. من بين الأكثر شيوعًا سرطان القولون والمستقيم، وسرطان الثدي (حيث يعتبر الكحول عامل خطر رئيسي قابل للوقاية)، بالإضافة إلى سرطانات الجهاز التنفسي والهضمي العلوي. على سبيل المثال، النظام الغذائي الغني باللحوم الحمراء والمعالجة يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، بينما يمكن أن يؤدي الاستهلاك المفرط للكحول إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. فهم هذه الارتباطات يساعدنا على اتخاذ خيارات غذائية أكثر وعيًا.
الأطعمة “الخارقة” و الوقاية من السرطان: خرافة أم حقيقة؟
على عكس ما يتم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، لا توجد أطعمة “مضادة للسرطان” أو ما يسمى بـ “الأطعمة الخارقة”. يؤكد كوبيجو بشدة أن هذه الفكرة مغلوطة. الوقاية الحقيقية تكمن في اتباع نظام غذائي متوازن ومتنوع على المدى الطويل، وليس في التركيز على أطعمة معينة. الاعتماد على “الأطعمة الخارقة” كحل سحري يمكن أن يصرف الانتباه عن أهمية النظام الغذائي الشامل.
ما هو النظام الغذائي المتوازن للوقاية من السرطان؟
النظام الغذائي المتوازن لا يعني الحرمان، بل يعني التنوع والاعتدال. يوصى بتناول ما لا يقل عن 5 حصص من الفاكهة والخضراوات يوميًا. يمكن أن يشمل ذلك 3 حصص من الخضراوات وحصتين من الفاكهة، أو 4 حصص من الخضراوات وحصة واحدة من الفاكهة. تتراوح الحصة الواحدة لشخص بالغ بين 80 و 100 جرام. أمثلة على الحصة الواحدة: حبة طماطم متوسطة الحجم، حفنة من الفجل أو الفاصوليا الخضراء، طبق من الحساء، تفاحة، حبتان من المشمش، 4 أو 5 حبات من الفراولة، أو موزة.
أهمية البقوليات في النظام الغذائي
البقوليات، مثل العدس والفاصوليا والحمص، يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من نظامك الغذائي، مع استهلاكها مرتين على الأقل في الأسبوع. فهي غنية بالألياف، مما يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم وتقليل امتصاص السكريات. بالإضافة إلى ذلك، تساهم البقوليات في خفض مستويات الكوليسترول الضار وتعزيز الشعور بالشبع، مما يساعد في التحكم بالوزن. هذه الفوائد تجعلها خيارًا ممتازًا للوقاية من السرطان وأمراض أخرى.
الحبوب الكاملة والمكسرات: إضافة صحية
ينصح البرنامج الوطني الفرنسي للتغذية والصحة بزيادة استهلاك المكسرات غير المملحة وغير المحلاة، مثل الجوز والبندق واللوز والفستق، نظرًا لغناها بالدهون الصحية. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى الكمية، والاكتفاء بحفنة واحدة يوميًا بسبب محتواها العالي من السعرات الحرارية. كما يوصى بإضافة الحبوب الكاملة (الخبز، المعكرونة، الأرز) إلى وجباتك اليومية للاستفادة من محتواها الغني بالألياف.
البروتين والدهون الصحية: التوازن مطلوب
بالنسبة للبروتين، يوصي البرنامج الوطني الفرنسي للتغذية والصحة بتناول السمك مرتين أسبوعيًا، مع تضمين حصة واحدة من الأسماك الدهنية (السردين، الماكريل، الرنجة، السلمون). أما بالنسبة للدهون، فيمكن تناول الدهون المضافة يوميًا بكميات قليلة، مثل زيت بذور اللفت، أو زيت الجوز، أو زيت الزيتون، والزبدة، والسمن النباتي. لا تنسَ إدراج منتجات الألبان (الجبن، الحليب، الزبادي) في نظامك الغذائي المتوازن.
الأطعمة التي يجب الحد منها أو تجنبها
بينما يفضل تناول بعض الأطعمة، يجب تقليل استهلاك أطعمة أخرى. ينصح بتقليل استهلاك المشروبات السكرية، والأطعمة الدهنية والمالحة، والمنتجات فائقة المعالجة، والابتعاد عن الكحول. عند شراء الأطعمة المصنعة، يجب تجنب تلك التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، مثل حبوب الإفطار السكرية (خاصة تلك الموجهة للأطفال)، والكعك، والشوكولاتة، والحلويات، والبسكويت المالح، واللحوم المصنعة، وبعض الوجبات الجاهزة.
اللحوم الحمراء: كمية معتدلة
ينصح بعدم تجاوز 500 جرام من اللحوم الحمراء أسبوعيًا، مع تفضيل الدواجن واللحوم الخالية من النيتريت. يحذر كوبيجو من أن 32% من الفرنسيين يستهلكون كميات زائدة من اللحوم الحمراء، و 63% يستهلكون كميات زائدة من اللحوم المصنعة. النيتريت الموجود في اللحوم المصنعة يتسبب في حوالي 4 آلاف حالة سرطان سنويًا. لذا، الاعتدال هو المفتاح.
في الختام، التغذية و الوقاية من السرطان مرتبطان ارتباطًا وثيقًا. اتباع نظام غذائي متوازن ومتنوع، غني بالفاكهة والخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة والبروتين الصحي، والحد من الأطعمة المصنعة والسكر والكحول، يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالسرطان. تذكر أن الوقاية هي أفضل علاج، وأن صحتك هي أغلى ما تملك. ابدأ اليوم في اتخاذ خيارات غذائية صحية لحماية نفسك ومستقبلك. شارك هذه المعلومات مع أحبائك لتعزيز الوعي بأهمية التغذية و الوقاية من السرطان.















