أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية نموًا ملحوظًا في قطاع الصادرات السعودية خلال شهر أكتوبر 2025. هذا النمو يعكس جهود المملكة الحثيثة في تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، وهو ما يتماشى مع رؤية 2030 الطموحة. تشير الأرقام إلى ارتفاع كبير في الصادرات غير البترولية، مما يبشر بمستقبل واعد للاقتصاد الوطني.
نمو الصادرات السعودية غير البترولية بنسبة قياسية في أكتوبر 2025
سجلت الصادرات السعودية غير البترولية ارتفاعًا بنسبة 32.3% في أكتوبر 2025 مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق 2024. هذا الارتفاع يعكس نجاح المملكة في تطوير قطاعات صناعية جديدة وزيادة القدرة التنافسية لمنتجاتها في الأسواق العالمية. في حين ارتفعت الصادرات الوطنية غير البترولية (باستثناء إعادة التصدير) بنسبة 2.4%، إلا أن الزيادة الكبيرة في قيمة السلع المعاد تصديرها كانت المحرك الرئيسي لهذا النمو.
دور إعادة التصدير في تعزيز الصادرات
بلغت قيمة السلع المعاد تصديرها ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 130.7%، مدفوعة بشكل أساسي بزيادة هائلة في صادرات معدات النقل وأجزائها بنسبة 387.5%. هذا القطاع شكل 37.4% من إجمالي إعادة التصدير، مما يدل على أهمية المملكة كمركز لوجستي وإعادة تصدير إقليمي. هذا النمو في إعادة التصدير يعزز مكانة المملكة في سلاسل الإمداد العالمية.
أداء الصادرات الكلية والبترولية
لم يقتصر النمو على الصادرات غير البترولية فحسب، بل امتد ليشمل الصادرات السلعية الإجمالية التي ارتفعت بنسبة 11.8%. كما شهدت الصادرات البترولية زيادة بنسبة 4.0%، مما يؤكد استمرار أهمية النفط في الاقتصاد السعودي، على الرغم من الجهود المبذولة لتنويعه.
تحول هيكل الصادرات لصالح القطاعات غير النفطية
أظهرت البيانات تحولًا ملحوظًا في هيكل الصادرات السعودية، حيث انخفضت نسبة الصادرات البترولية من إجمالي الصادرات الكلية من 72.5% في أكتوبر 2024 إلى 67.4% في أكتوبر 2025. هذا الانخفاض، وإن كان طفيفًا، يعكس تنامي دور الصادرات غير البترولية في الاقتصاد الوطني، وهو هدف رئيسي لرؤية 2030. هذا التحول يعزز الاستدامة الاقتصادية ويقلل من التقلبات المرتبطة بأسعار النفط.
نمو الواردات وتحسن الميزان التجاري
بالتزامن مع نمو الصادرات، سجلت واردات المملكة ارتفاعًا بنسبة 4.3% خلال أكتوبر 2025 مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. ومع ذلك، فإن هذا النمو لم يعقّ تحسن الميزان التجاري السلعي، الذي شهد زيادة بنسبة 47.4%. هذا التحسن يعزى إلى الزيادة الأكبر في الصادرات مقارنة بالواردات.
ارتفاع نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات
ارتفعت نسبة الصادرات غير البترولية (شاملة إعادة التصدير) إلى الواردات لتصل إلى 42.3% في أكتوبر 2025، مقارنة بـ 33.4% في أكتوبر 2024. هذا المؤشر يعكس تحسن القدرة التنافسية للمنتجات السعودية غير النفطية وزيادة الطلب عليها في الأسواق العالمية. هذا التطور الإيجابي يعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في التجارة الدولية.
أبرز سلع الصادرات والواردات
تصدّرت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها قائمة سلع الصادرات السعودية غير البترولية، حيث شكلت 23.6% من إجمالي الصادرات غير البترولية، وبلغ نموها 82.5% مقارنة بأكتوبر 2024. تلتها منتجات الصناعات الكيماوية بنسبة 19.4% من الإجمالي، على الرغم من تسجيلها انخفاضًا بنسبة 5.0%.
أما على صعيد الواردات، فظلت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها في الصدارة، حيث شكلت 30.2% من إجمالي الواردات، وبلغ نموها 26.3%. وجاءت معدات النقل وأجزاؤها في المرتبة الثانية بنسبة 12.1%، ولكنها سجلت انخفاضًا بنسبة 22.9%. هذا التباين في نمو سلع الصادرات والواردات يعكس التغيرات في هيكل الاقتصاد السعودي وتوجهاته نحو التنويع.
الشركاء التجاريون الرئيسيون للمملكة
تواصل الصين تعزيز مكانتها كأكبر شريك تجاري للمملكة، حيث استحوذت على 14.1% من إجمالي الصادرات في أكتوبر 2025. تلتها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 10.9%، ثم الهند بنسبة 9.9%. وفيما يتعلق بالواردات، تصدرت الصين القائمة بنسبة 24.8%، تلتها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 8.7%، ثم الإمارات بنسبة 6.4%. هذه الشراكات التجارية تعكس أهمية الأسواق الآسيوية والأمريكية في الاقتصاد السعودي.
أهمية الموانئ والمطارات في التجارة السعودية
لعبت الموانئ والمطارات السعودية دورًا حيويًا في تسهيل حركة التجارة. استحوذ ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام على 25.7% من إجمالي الواردات السلعية، يليه ميناء جدة الإسلامي بنسبة 19.8%. كما لعب مطار الملك خالد الدولي بالرياض (15.0%) ومطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة (13.0%) ومطار الملك فهد الدولي بالدمام (5.8%) دورًا هامًا، حيث شكّلت هذه المنافذ الخمسة مجتمعة 79.2% من إجمالي الواردات. هذا التركيز على عدد قليل من المنافذ يبرز أهمية تطوير البنية التحتية اللوجستية في المملكة.
ملاحظات حول البيانات
أكدت الهيئة العامة للإحصاء أن بيانات عام 2025 هي بيانات أولية، وقد تم إعدادها وفقًا لمنهجيات إحصائية معتمدة تستند إلى السجلات الإدارية، وبما يتوافق مع النظام المنسق لتصنيف السلع (HS). هذا يضمن دقة البيانات وجودتها وقابليتها للمقارنة على المستوى الدولي. التحليل المستمر لهذه البيانات سيوفر رؤى قيمة حول أداء الاقتصاد السعودي وتوجهاته المستقبلية.
باختصار، تشير البيانات إلى أن الصادرات السعودية تشهد نموًا قويًا، مدفوعًا بشكل خاص بالصادرات غير البترولية وإعادة التصدير. هذا النمو يعزز مكانة المملكة كمركز تجاري ولوجستي إقليمي، ويساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الإيجابي في المستقبل، مع استمرار المملكة في تطوير قطاعاتها الصناعية وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.















