في تطور لافت يثير جدلاً واسعاً، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفضه الاعتراف بـ صوماليلاند كدولة مستقلة، وذلك بعد إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بالإقليم الانفصالي عن الصومال. يأتي هذا الرفض في ظل تنديد دولي واسع النطاق بالخطوة الإسرائيلية، مع مخاوف من تداعياتها على الاستقرار الإقليمي ووحدة الأراضي الصومالية.

رد فعل ترامب ومستقبل القاعدة البحرية الأمريكية

أجاب ترامب بـ”لا” قاطعة عندما سُئل في مقابلة مع صحيفة نيويورك بوست عما إذا كان سينضم إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاعتراف بـ صوماليلاند. وقد أثار استغرابه بسؤال: “هل يعرف أحد ما هي أرض الصومال، حقاً؟”. هذا التصريح يعكس ربما عدم إعطاء الإدارة الأمريكية السابقة الأولوية لهذا الملف المعقد.

وبالنسبة لعرض قدمته سلطات صوماليلاند لإنشاء قاعدة بحرية أمريكية استراتيجية بالقرب من باب المندب، اكتفى ترامب بالقول: “كل شيء قيد الدراسة وسندرسه.. أنا أدرس الكثير من الأمور، ودائماً ما اتخذ قرارات جيدة، وتثبت صحتها لاحقاً”. هذا الرد الغامض يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالات مختلفة، لكنه لا يشير إلى دعم فوري للمقترح.

أهمية الموقع الاستراتيجي لصوماليلاند

تكمن أهمية صوماليلاند في موقعها الجيوسياسي المتميز على طول خليج عدن، وهو ممر مائي حيوي للتجارة العالمية. إنشاء قاعدة بحرية أمريكية في المنطقة قد يعزز الأمن البحري ويساهم في مكافحة القرصنة، لكنه يثير أيضاً مخاوف بشأن التدخل الأجنبي وتأثيره على التوازنات الإقليمية. القرن الأفريقي يشهد صراعات متزايدة، ووجود قاعدة عسكرية أمريكية قد يغير ديناميكيات القوة بشكل كبير.

تنديد دولي واسع باعتراف إسرائيل

لم يقتصر الرفض على الولايات المتحدة، بل أطلقت الحكومات العربية والإسلامية والأفريقية موجة من الإدانات الشديدة لقرار إسرائيل بالاعتراف بـ صوماليلاند. تعتبر هذه الدول أن هذا الاعتراف يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ومساساً بوحدة وسيادة الأراضي الصومالية.

  • جامعة الدول العربية: وصف الأمين العام أحمد أبو الغيط الاعتراف بأنه “تعدٍ صارخ على سيادة دولة عربية وأفريقية”.
  • مجلس التعاون الخليجي: اعتبر الخطوة تجاوزاً خطيراً لمبادئ القانون الدولي.
  • السعودية وقطر: أكدتا رفضهما القاطع لأي اعتراف بالإقليم.
  • تركيا: نددت بالإجراء واعتبرته تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للصومال.
  • الاتحاد الأفريقي: جدد التزامه بوحدة الصومال وسيادته، محذراً من أن أي اعتراف بالإقليم ككيان مستقل يهدد السلام والأمن في القارة.

هذه الإدانات تعكس قلقاً عميقاً من أن اعتراف إسرائيل بـ صوماليلاند قد يشجع حركات انفصالية أخرى في المنطقة ويؤدي إلى تفكك الدول.

احتفالات في صوماليلاند وتفسير إسرائيلي للخطوة

في المقابل، شهدت العاصمة هرجيسا احتفالات عارمة بعد إعلان إسرائيل اعترافها بالإقليم. وصف رئيس صوماليلاند عبد الرحمن محمد عبد الله القرار بأنه “شجاع” و”محطة تاريخية” مهمة لتعزيز العلاقات الخارجية للإقليم.

وتشير التقارير إلى أن هذا الاعتراف جاء بعد سنوات من النشاط السري لجهاز الموساد الإسرائيلي وبناء علاقات وثيقة مع المسؤولين في صوماليلاند. تعتبر إسرائيل الإقليم “أداة استراتيجية” نظراً لموقعه في القرن الأفريقي وقربه من مناطق نفوذ الحوثيين في اليمن، مما يعزز مصالحها في الملاحة البحرية والأمن الإقليمي.

اتفاقيات أبراهام وتوسيع دائرة التعاون الإسرائيلي

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن القرار يأتي “في روح اتفاقيات أبراهام”، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها إسرائيل مع دول عربية وإسلامية في السنوات الأخيرة. ويهدف الاعتراف إلى تعزيز التعاون في مجالات متنوعة مثل الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، مع خطط لتعيين سفراء وفتح سفارات بين البلدين. هذه الخطوة تعكس رغبة إسرائيل في توسيع دائرة تعاونها الإقليمي وتعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي.

مستقبل صوماليلاند والمنطقة

يبقى مستقبل صوماليلاند غير واضح. في حين أن اعتراف إسرائيل يمثل دفعة معنوية كبيرة للإقليم، إلا أنه لا يزال يفتقر إلى الاعتراف الدولي الواسع. الوضع المعقد في الصومال، والصراعات الداخلية، والتدخلات الخارجية، كلها عوامل تؤثر على فرص تحقيق صوماليلاند للاستقلال الكامل.

من المرجح أن يستمر الجدل حول هذا الموضوع في الأيام والأسابيع القادمة، مع تداعيات محتملة على الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية. من الضروري أن يتم التعامل مع هذا الملف بحذر وحكمة، مع إعطاء الأولوية للحوار والتسوية السياسية لضمان السلام والأمن في المنطقة. الوضع يتطلب أيضاً مراقبة دقيقة لتحركات القوى الإقليمية والدولية، وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات أو تقويض جهود السلام.

شاركها.
اترك تعليقاً