تتكثف الجهود الدبلوماسية والتحضيرات الميدانية في أعقاب الحرب الدائرة في قطاع غزة، مع تركيز أمريكي متزايد على دفع ما يُعرف بـ “المرحلة الثانية من الاتفاق”. هذه المرحلة، التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في غزة بعد انتهاء العمليات القتالية، تتطلب تنسيقًا دوليًا واسعًا النطاق، وتحديدًا تشكيل “قوة استقرار دولية في غزة (ISF)”. هذا المقال يتناول آخر التطورات المتعلقة بهذه القوة، والدول المرشحة للمشاركة فيها، والتحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى التوترات الحدودية مع لبنان.
جهود أمريكية حثيثة لتشكيل قوة الاستقرار في غزة
تأتي هذه الجهود بالتزامن مع اجتماع مرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يُنظر إليه على أنه حاسم في تحديد مستقبل غزة. وفقًا لتقرير نشره موقع “واي نت” العبري، فقد تم تقديم إحاطات للكابنيت الإسرائيلي تشير إلى موافقة ثلاث دول على طلب أمريكي بالمشاركة في قوة الاستقرار الدولية. لم يتم الكشف عن أسماء الدولتين، ولكن إندونيسيا كانت من بين الدول التي أبدت استعدادها.
هناك حالة من عدم اليقين تحيط بمشاركة أذربيجان، التي كانت قد أعلنت سابقًا عن استعدادها، ولكنها تتردد الآن بسبب الضغوط التركية. دول أخرى مثل إيطاليا وباكستان وبنغلادش كانت أيضًا قيد الدراسة للمساهمة في هذه القوة. الهدف الأساسي من هذه القوة هو الحفاظ على الأمن ومنع عودة الفوضى إلى قطاع غزة بعد أي انسحاب للقوات الإسرائيلية.
تحديات لوجستية وتأخيرات في المرحلة الثانية
حتى في حال الإعلان الرسمي عن المرحلة الثانية من قبل الولايات المتحدة، فإن تنفيذها يتطلب تحضيرات لوجستية معقدة. تشير الإحاطات إلى أن “عدة أسابيع إضافية على الأقل” ستكون ضرورية لوضع اللمسات النهائية على الخطة، وتجميع قوة الاستقرار الدولية، ونشرها في قطاع غزة. هذا التأخير يعكس صعوبة التنسيق بين الدول المختلفة، بالإضافة إلى المخاوف الأمنية واللوجستية المتعلقة بالعمل في بيئة غير مستقرة.
المسؤولون الإسرائيليون يدركون تمامًا هذه التحديات، ويؤكدون على ضرورة وجود قوة قادرة على تحقيق الاستقرار الفعلي في غزة. الوضع الإنساني في غزة، والاحتياجات المتزايدة للسكان، يضيفان طبقة أخرى من التعقيد إلى هذه العملية.
شكوك إسرائيلية حول نزع سلاح حماس وموقف حازم من تركيا
أعرب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى عن شكوكه حول قدرة القوة الدولية على نزع سلاح حركة حماس بشكل كامل. ومع ذلك، أكد على أنه يجب منح القوة فرصة لإثبات فعاليتها. هذا التصريح يعكس حالة من الحذر والتشاؤم السائدة داخل إسرائيل بشأن مستقبل غزة.
كما شدد المسؤول على أن تركيا لن تكون جزءًا من هذه القوة، قائلاً: “لن يُفرض علينا إشراك دولة لا نريدها، ونحن لا نريد تركيا”. هذا الموقف يعكس التوتر المستمر بين إسرائيل وتركيا، والخلافات العميقة حول القضايا الإقليمية. قوة الاستقرار في غزة يجب أن تكون مكونة من دول موثوقة وملتزمة بأهداف الاستقرار والأمن.
إمكانية مشاركة روسيا ودورها المحتمل
فيما يتعلق بإمكانية مشاركة روسيا في القوة الدولية، يرى المسؤول الإسرائيلي أن ذلك قد لا يكون أمرًا سلبيًا، بل قد يشكل “عاملًا مضادًا لتركيا”. يشير هذا إلى أن إسرائيل قد تكون مستعدة للتعاون مع روسيا في هذا السياق، على الرغم من التحديات الجيوسياسية.
ومع ذلك، يرى المسؤول أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع يواجه مشكلات داخلية عديدة في سوريا، مما قد يعيق أي دور روسي فعال. الوضع في سوريا، وعدم الاستقرار الذي يعاني منه، يمثل تحديًا إضافيًا للجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
التوترات مع لبنان والاستعداد للتحرك
لم تغفل الإحاطات عن التوترات المتصاعدة على الحدود اللبنانية. أكد المسؤول الإسرائيلي أن الحكومة اللبنانية ترغب في تفكيك حزب الله، لكنها تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق ذلك. كما أشار إلى أن “المهلة الداخلية اللبنانية” للمرحلة الأولى من نزع سلاح حزب الله تقترب من نهايتها.
وأوضح أن إسرائيل مستعدة للتحرك “إذا ومتى استُنفدت جميع الخيارات ولم يعد هناك بديل”. هذا التحذير يعكس قلق إسرائيل العميق بشأن التهديد الذي تمثله حزب الله، واستعدادها لاتخاذ إجراءات لحماية أمنها. الوضع الأمني في لبنان يظل مصدر قلق مستمر لإسرائيل.
تحديثات حول حماس وإيران
تشير الإحاطات أيضًا إلى أن حركة حماس لا تزال نشطة، وتواصل التسلح، وتستعيد جزءًا من قدراتها العسكرية، على الرغم من أنها لم تعد إلى مستواها السابق. هذا يؤكد على ضرورة الحفاظ على الضغط على حماس، ومنعها من إعادة بناء ترسانتها.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تم الإشارة إلى “تسارع وتيرة إنتاج إيران للصواريخ الباليستية”، مما يثير مخاوف بشأن التهديد الإيراني المتزايد. برنامج الصواريخ الإيراني يمثل تحديًا كبيرًا للأمن الإقليمي والدولي.
في الختام، فإن تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة يمثل تحديًا معقدًا يتطلب تنسيقًا دوليًا واسعًا النطاق، ومعالجة المخاوف الأمنية واللوجستية، وإيجاد حلول للتحديات السياسية القائمة. النجاح في هذه المهمة يعتمد على التزام جميع الأطراف المعنية بتحقيق الاستقرار والأمن في غزة، ومنع عودة الصراع. من الضروري متابعة التطورات الجارية، وتحليلها بعناية، لتقييم فرص نجاح هذه المبادرة، وتحديد الخطوات اللازمة لضمان تحقيق أهدافها.















