في خضم التطور الرقمي المتسارع، يثير المشهد الفني السعودي جدلاً واسعاً. فقد انتقد الفنان والموسيقي السعودي ثامر التوفيق، حالة الفن السعودي الحالية على منصة “يوتيوب”، واصفاً إياها بـ “الفوضى”، ومشدداً على غياب الدعم والتوجيه الرسمي للفنانين الشباب، وهو ما أدى إلى ظهور محتوى فني يعتبره “هابطاً”. هذا النقد اللاذع يطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل الإبداع في المملكة ودور المؤسسات المعنية في تنميته ورعايته.
انتقادات ثامر التوفيق لمشهد الفن على اليوتيوب
يرى ثامر التوفيق أن منصة “يوتيوب” أصبحت مرتعاً للمحتوى الفني غير المتقن، وذلك بسبب غياب الرقابة والتوجيه من قبل الجهات المسؤولة. وأوضح أن الإذاعة وجمعية الثقافة والفنون ووزارة الثقافة والإعلام تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن هذا الوضع، لعدم قيامها بدورها في دعم ورعاية المواهب الشابة.
ويشير التوفيق إلى أن نجاح بعض المقاطع اليوتيوبية، على الرغم من ضعف مستواها الفني، يعود إلى رغبة الشباب في مشاهدة فن يعبر عن جيلهم. الفن السعودي يحتاج إلى دعم حقيقي للفنانين الصاعدين، وإلا سيستمر هذا التدهور في الجودة.
غياب التوازن بين الأجيال الفنية
أحد أبرز النقاط التي أثارها التوفيق هو التركيز المفرط على الفنانين المخضرمين في المناسبات الفنية التي تنظمها هيئة الترفيه. ففي حين يثني على قيمة هؤلاء الفنانين مثل محمد عبده وعبدالمجيد وراشد، إلا أنه يرى أن حصر الفرص عليهم فقط يمنع بروز المواهب الشابة.
“عندما تقوم هيئة الترفيه بتقديم المخضرمين كالفنان محمد عبده وعبدالمجيد وراشد في جميع حفلاتها دون التطعيم بالفنانين الشباب حينها لن يكون هناك فنانون في الساحة”، هذا ما أكده التوفيق، مضيفاً أن هذا الوضع يدفع بعض الفنانين الشباب إلى البحث عن فرص في دول أخرى مثل الإمارات، بينما يلجأ البعض الآخر إلى تقديم أعمالهم عبر وسائل الإعلام الجديدة، والتي غالباً ما تفتقر إلى المعايير الفنية الرفيعة.
الحاجة إلى هيكلة جديدة لدعم الفنانين الشباب
يؤكد ثامر التوفيق على ضرورة قيام وزارة الثقافة والإعلام بإعادة هيكلة شاملة فيما يتعلق بدعم الفن والفنانين الشباب. ويقترح أن تقوم الوزارة بإلزام الإذاعة والتلفزيون وجمعية الثقافة والفنون بتشكيل لجان فنية متخصصة لتقييم واختيار الفنانين الشباب.
ويضيف: “يجب أن تفرض الجهات المسؤولة عن المناسبات وعلى القنوات استضافة الفنانين المجازين فقط”. هذه الخطوة، بحسب التوفيق، ستساهم في رفع مستوى الإبداع الفني وتقديم أعمال ذات جودة عالية للجمهور. كما أنها ستشجع الفنانين الشباب على تطوير مهاراتهم والالتزام بمعايير الفن الرفيع.
دور جمعيات الثقافة والفنون في تنمية المواهب
يرى التوفيق أن جمعيات الثقافة والفنون تلعب دوراً حيوياً في اكتشاف وتنمية المواهب الشابة في مختلف مناطق المملكة. ويطالب هذه الجمعيات بتكثيف جهودها في تجهيز الشباب الموهوبين وتقديم الدعم اللازم لهم لإنتاج أعمال فنية تليق بالمملكة.
ويشدد على أن المواهب الشابة تحتاج إلى توجيه وإرشاد من قبل خبراء ومتخصصين في مجال الفن، وأن يتم توفير الفرص لهم لعرض أعمالهم والمشاركة في المناسبات الفنية المختلفة. هذا الدعم، بحسب التوفيق، سيساهم في بناء جيل جديد من الفنانين المبدعين الذين يمثلون هوية الفن السعودي بشكل إيجابي.
الفن كمرآة للأمة وأهمية الاستثمار في الشباب
يختتم ثامر التوفيق حديثه بالتأكيد على أن الفن هو مرآة للأمة، ويعكس قيمها وثقافتها وتطلعاتها. لذلك، من الضروري الاستثمار في الشباب الموهوبين وتوفير الدعم اللازم لهم لإنتاج أعمال فنية تساهم في بناء مجتمع قوي ومزدهر.
ويؤكد أن إهمال الفن والثقافة سيؤدي إلى تدهور القيم والأخلاق، وانتشار المحتوى الهابط الذي لا يخدم المجتمع. لذا، يجب على المسؤولين في الترفيه والسياحة والجهات المعنية الأخرى أن يولي الفن والثقافة الاهتمام الذي يستحقانه، وأن يمنحوا الشباب الفرصة للمشاركة والإبداع. إن دعم الفن السعودي ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة حتمية لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
في الختام، يمثل حديث الفنان ثامر التوفيق دعوة صادقة لإعادة النظر في مشهد الفن السعودي، ووضع خطة استراتيجية لدعم الفنانين الشباب وتنمية الإبداع الفني في المملكة. نأمل أن تأخذ الجهات المعنية هذه الدعوة على محمل الجد، وأن تعمل على تحقيقها من أجل مستقبل مشرق للفن والثقافة في السعودية.














