أكد خبير الموارد البشرية، صالح الديري، أن الأقدمية في الشهادات وتاريخ الحصول عليها لم تعد تشكل عائقًا رئيسيًا أمام الترقيات والتطوير الوظيفي بعد التوظيف. جاء ذلك خلال مداخلة له على قناة روتانا خليجية، حيث أوضح أن التركيز الحالي في سوق العمل يتجه نحو إظهار المهارات والكفاءات العملية، وليس فقط المؤهلات الأكاديمية. هذا التحول يتماشى مع التغيرات المتسارعة التي يشهدها عالم الأعمال، والتي تتطلب مواكبة مستمرة وتطويرًا للقدرات.

وأضاف الديري أن هذا التوجه يفتح الباب أمام الموظفين لإثبات جدارتهم من خلال الأداء والابتكار، بغض النظر عن تاريخ حصولهم على الشهادات. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في ظل التطورات التكنولوجية والتحولات الرقمية التي تشهدها المنطقة، والتي تتطلب مهارات جديدة ومتخصصة.

تطورات سوق العمل وأهمية المهارات

يشهد سوق العمل السعودي، على وجه الخصوص، تحولات كبيرة تهدف إلى دعم رؤية 2030 وتنويع مصادر الدخل. وتشمل هذه التحولات التركيز على تطوير المهارات الرقمية والتقنية، وتعزيز دور القطاع الخاص في خلق فرص عمل جديدة.

وفقًا للديري، فإن الشركات والمؤسسات تبحث بشكل متزايد عن المرشحين الذين يمتلكون المهارات المطلوبة، حتى لو كانت هذه المهارات مكتسبة من خلال خبرات غير تقليدية أو دورات تدريبية عبر الإنترنت. وهذا يعني أن الموظفين الذين يسعون إلى التقدم في حياتهم المهنية يجب أن يركزوا على تطوير مهاراتهم باستمرار، وأن يكونوا على استعداد لتعلم أشياء جديدة.

الشهادات مقابل الخبرة العملية

تقليديًا، كانت الشهادات الجامعية والدراسات العليا تعتبر المؤشر الرئيسي للكفاءة والقدرة على الأداء الوظيفي. ومع ذلك، يشير الديري إلى أن هذا المفهوم بدأ في التغير، وأن الخبرة العملية والمهارات المكتسبة أصبحت أكثر أهمية.

يؤكد الديري أن العديد من الوظائف تتطلب مهارات محددة لا يتم تعلمها بالضرورة في المؤسسات التعليمية التقليدية. لذلك، فإن الشركات والمؤسسات تفضل المرشحين الذين يمكنهم إثبات قدرتهم على تطبيق هذه المهارات في بيئة العمل.

مصادر تطوير المهارات

أشار الديري إلى أن هناك العديد من المصادر المتاحة لتطوير المهارات، بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي التي تقدم دورات تدريبية مجانية في مختلف المجالات.

في المقابل، حذر الديري من بعض المعاهد التدريبية التي تركز بشكل أساسي على الربح المادي، ولا تقدم بالضرورة المعرفة والقيمة المضافة التي يبحث عنها المتدربون. ونصح بالتحقق من مصداقية هذه المعاهد قبل الالتحاق بها، والتأكد من أنها تقدم برامج تدريبية ذات جودة عالية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للموظفين الاستفادة من البرامج التدريبية التي تقدمها شركاتهم، أو البحث عن فرص للتعلم والتطوير من خلال المشاركة في المؤتمرات والندوات وورش العمل.

وتشير التقارير إلى أن الاستثمار في تطوير الموظفين يعتبر من أهم العوامل التي تساهم في زيادة الإنتاجية وتحسين الأداء المؤسسي. كما أنه يساعد على جذب الكفاءات والاحتفاظ بها، وهو أمر ضروري لتحقيق النمو المستدام.

وفي سياق متصل، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية العديد من المبادرات التي تهدف إلى تطوير مهارات القوى العاملة السعودية، وتأهيلها لسوق العمل المتغير. وتشمل هذه المبادرات برامج تدريبية في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة.

كما أن هناك تركيزًا متزايدًا على أهمية التعليم المستمر، وتشجيع الموظفين على مواكبة التطورات في مجالاتهم من خلال الحصول على شهادات مهنية أو دورات تدريبية متخصصة.

من الجدير بالذكر أن هذا التحول في متطلبات سوق العمل يعكس التغيرات العالمية التي تشهدها مختلف القطاعات الاقتصادية. فقد أصبح التعلم والتطوير المستمر ضرورة حتمية للموظفين الذين يسعون إلى الحفاظ على مكانتهم في سوق العمل، وتحقيق النجاح في حياتهم المهنية.

من المتوقع أن تستمر هذه التوجهات في التطور خلال الفترة القادمة، وأن يشهد سوق العمل مزيدًا من التنافسية والتحديات. لذلك، يجب على الموظفين والشركات والمؤسسات الاستعداد لهذه التغيرات، والعمل معًا لتطوير مهارات القوى العاملة، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وستقوم وزارة الموارد البشرية بتقييم أثر هذه التوجهات على القوى العاملة في الربع الأول من عام 2026، مع التركيز على تحديد الفجوات في المهارات ووضع خطط لمعالجتها.

شاركها.
اترك تعليقاً