أعلنت هيئة السوق المالية مؤخرًا عن خطوة مهمة لحماية المستثمرين وتعزيز الثقة في السوق، وذلك بإعلانها عن تعويضات تجاوزت 2500 متضرر من المخالفات التي ارتكبت في سهم شركة الكثيري القابضة. هذه الخطوة، التي تأتي في إطار جهود الهيئة المستمرة لتطبيق قوانين التعويض عن الأضرار في سوق الأسهم، تمثل سابقة نوعية في آلية حماية حقوق المستثمرين في المملكة العربية السعودية. وتشمل التعويضات مبالغ تصل إلى 3 ملايين ريال لكل مستثمر.

هيئة السوق المالية تُطلق موجة تعويضات للمستثمرين المتضررين

تأتي هذه التعويضات كنتيجة مباشرة لقرار صادر عن لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية، والذي ألزم ثلاثة مخالفين بدفع مبلغ إجمالي قدره 60.74 مليون ريال. يعكس هذا القرار جدية الهيئة في محاسبة المخالفين واستعادة حقوق المتضررين من ممارسات غير قانونية في السوق. وقد تمت هذه العملية بعد دعوى رفعتها النيابة العامة بناءً على إحالة من هيئة السوق المالية نفسها.

آلية الصندوق كحل مبتكر للتعويض

لتسهيل عملية توزيع التعويضات، قامت الهيئة بإنشاء صندوق تعويض خاص، وهو الصندوق الثالث من نوعه في أقل من ستة أشهر. يعتمد هذا الصندوق على المبالغ المستردة من المكاسب غير المشروعة للمخالفين، مما يمثل تطبيقًا فعالاً للمادة (59) من نظام السوق المالية التي تمنح الهيئة هذه الصلاحية. هذا الجانب هو ما يميز هذه الجهود عن الإجراءات التقليدية، حيث يتم توجيه أموال المخالفين مباشرة لتعويض الضحايا، مما يساهم في تحقيق العدالة بشكل أسرع وأكثر فعالية.

تعزيز ثقة المستثمرين من خلال آليات جديدة

إن تشكيل هذه الصناديق يمثل تحولًا في طريقة التعامل مع منازعات الأوراق المالية في المملكة. فبدلًا من الاعتماد فقط على الدعاوى الفردية أو الجماعية، تقدم الهيئة آلية بديلة تضمن وصول التعويضات للمستحقين بشكل مباشر ويسير، مع تقليل الأعباء القانونية والإجرائية عليهم. هذا بدوره يعزز من ثقة المستثمرين في السوق ويدفعهم إلى المشاركة الفعالة فيه، مع العلم أن حقوقهم محمية.

معايير إنشاء صناديق التعويض: دراسة متأنية وحوكمة رشيدة

لا يتم إنشاء صناديق التعويض بشكل عشوائي، بل تخضع لتقييم دقيق يعتمد على مجموعة من المعايير. تدرس الهيئة طبيعة المخالفات، وحجم الأضرار، وعدد المتضررين، وإمكانيات التنفيذ والتحصيل، قبل اتخاذ قرار بإنشاء صندوق. كما تولي الهيئة أهمية كبيرة لاعتماد لجان الفصل في منازعات الأوراق المالية لمبدأ التعويض وتطبيقه على المخالفة والمتضررين منها. تضيف الهيئة هذه الصناديق كطبقة إضافية في تأمين حقوق المساهمين.

تجربة عالمية ودروس مستفادة في مجال الاستثمار

لم تكتفِ الهيئة بتطوير آليات تعويض محلية، بل حرصت أيضًا على دراسة أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. وقامت بتبني النماذج التي تتناسب مع طبيعة السوق المالية السعودية، بهدف رفع مستوى الكفاءة والفاعلية في حماية حقوق المستثمرين. يؤكد هذا النهج على التزام الهيئة بالمعايير الدولية في مجال تنظيم الاستثمار والرقابة على الأسواق المالية.

حقوق المستثمرين: لا تزال الدعاوى الفردية خيارًا متاحًا

على الرغم من أهمية صناديق التعويض، تؤكد الهيئة أن ذلك لا يغني عن حق المستثمرين في تقديم دعاوى فردية إلى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية. فإذا لم يشمل المستثمر في خطة توزيع الصندوق، فإنه يحق له المطالبة بتعويضاته من خلال الآليات القانونية المتاحة، بعد تقديم شكوى إلى الهيئة. وبهذه الطريقة، تضمن الهيئة توفير جميع السبل الممكنة للمستثمرين لاستعادة حقوقهم.

المستقبل: تطوير مستمر لمنظومة السوق المالية

تعتبر هذه الجهود جزءًا من حزمة مبادرات استراتيجية أطلقتها هيئة السوق المالية لبناء منظومة مالية أكثر تطورًا وتنافسية وكفاءة. وتؤكد الهيئة على استمرارها في تطوير آليات حماية حقوق المستثمرين وتعزيز نزاهة وعدالة السوق، لخلق بيئة استثمارية جاذبة وموثوقة. إن الاستثمار في الأسهم السعودية أصبح أكثر أمانًا بفضل هذه الإجراءات الرامية إلى حماية صغار المستثمرين.

وفي الختام، إن إعلان هيئة السوق المالية عن تعويضات للمتضررين من مخالفات شركة الكثيري القابضة يمثل خطوة هامة في مسيرة تطوير السوق المالية السعودية. وهو دليل على التزام الهيئة بحماية حقوق المستثمرين وتعزيز الثقة في السوق، مما يساهم في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي. نوصي جميع المستثمرين بالاطلاع على آخر التطورات والقرارات الصادرة عن الهيئة، ومتابعة قنوات التواصل الرسمية للاستفادة من الخدمات والمبادرات التي تطلقها.

شاركها.
اترك تعليقاً