على الرغم من التراجع الطفيف اليوم، لا يزال الذهب في طريقه لتحقيق مكاسب سنوية قياسية، بينما تشهد المعادن النفيسة الأخرى حالة من جني الأرباح. شهد الذهب تقلبات ملحوظة خلال العام 2025، مدفوعًا بعوامل جيوسياسية واقتصادية عالمية، وأظهر أداءً يفوق التوقعات. هذا المقال يقدم تحليلاً مفصلاً لأداء الذهب والمعادن النفيسة الأخرى في نهاية عام 2025، مع التركيز على العوامل المؤثرة والتوقعات المستقبلية.

أداء الذهب في نهاية عام 2025: مكاسب تاريخية وتراجع طفيف

شهد الذهب تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.17% اليوم الأربعاء، ليستقر عند 4331.37 دولارًا للأوقية، وذلك بعد أن سجل مستوى قياسيًا مرتفعًا عند 4550 دولارًا في الجمعة الماضية. ومع ذلك، فإن هذا التراجع لا يقلل من أهمية المكاسب السنوية الضخمة التي حققها الذهب خلال عام 2025، والتي بلغت حوالي 66%، مسجلاً بذلك أكبر ارتفاع سنوي منذ عام 1979. كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم فبراير/شباط بنسبة 0.96% لتصل إلى 4345.10 دولارًا للأوقية.

هذا الارتفاع الهائل في سعر الذهب يعكس تضافر عدة عوامل مؤثرة في الأسواق العالمية. من أهم هذه العوامل المخاوف الجيوسياسية المتزايدة، وتقليل أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، والطلب المتزايد على الذهب كملاذ آمن في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة.

العوامل الداعمة لارتفاع الذهب: تيسير نقدي وتوترات جيوسياسية

كانت قرارات البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بشأن خفض أسعار الفائدة من بين أهم الأسباب التي ساهمت في ارتفاع سعر الذهب. عادةً ما يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليل جاذبية الأصول التي تحقق عوائد ثابتة مثل السندات، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل أخرى مثل الذهب الذي لا يدر عائدًا مباشرًا ولكنه يحافظ على قيمته في أوقات التضخم وعدم اليقين الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، لعبت التوترات الجيوسياسية دورًا كبيرًا في زيادة الطلب على الذهب. تعتبر الأزمات والحروب والصراعات التجارية محفزات رئيسية للاتجاه نحو الأصول الآمنة، ويعد الذهب الخيار الأول للمستثمرين في هذه الحالات. كما أن زيادة حيازات البنوك المركزية من الذهب، وارتفاع الصناديق المتداولة في البورصة التي تدعم الذهب، ساهمت في تعزيز الطلب وارتفاع الأسعار.

أداء المعادن النفيسة الأخرى: الفضة تتألق والبلاتين والبلاديوم يواجهان تراجعات

بينما شهد الذهب مكاسب قوية، كان أداء الفضة أكثر إثارة للإعجاب. ارتفعت الفضة بأكثر من 150% منذ بداية العام، متجاوزة أداء الذهب بكثير، وهي الآن على وشك تسجيل أفضل أداء سنوي لها على الإطلاق. لكنها شهدت أيضًا تراجعًا ملحوظًا اليوم، حيث انخفضت بنسبة 5.16% لتصل إلى 72.26 دولارًا للأوقية، بعد أن سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 83.62 دولارًا يوم الاثنين.

ويرجع هذا الارتفاع القياسي في أسعار الفضة بشكل كبير إلى القيود الجديدة التي فرضتها الصين على تصدير الفضة. أعلنت الصين عن اشتراطات وموافقات حكومية لتصدير الفضة، مما أثار مخاوف بشأن نقص المعروض وارتفاع الأسعار. ويتوقع المحللون أن هذه الإجراءات ستؤثر على أسعار المعادن الأخرى والسلع التي تعتمد على الفضة في تصنيعها.

في المقابل، شهدت البلاتين والبلاديوم تراجعات ملحوظة. انخفض البلاتين بنسبة 9.47% ليستقر عند 1975.63 دولارًا للأوقية، بينما انخفض البلاديوم بنسبة 4.65% ليصل إلى 1550.68 دولارًا للأوقية. ومع ذلك، فإن البلاديوم لا يزال في طريقه لتحقيق مكاسب سنوية قوية بنسبة 65%، وهي الأفضل له منذ 15 عامًا.

توقعات المحللين لأسعار الذهب والمعادن النفيسة في عام 2026

يتوقع المحللون استمرار ارتفاع أسعار الذهب في عام 2026، مع الأخذ في الاعتبار العوامل التي تدعم هذا الاتجاه. تشير التقديرات إلى أن الذهب قد يختبر مستوى 5000 دولار للأوقية في الربع الأول من عام 2026، خاصةً مع استمرار توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة.

ويؤكد خبراء الاستثمار أن الفضة تتميز عن الذهب بأنها تعتبر معدنًا ثمينًا وصناعيًا في الوقت نفسه، مما يزيد من الطلب عليها ويساهم في ارتفاع سعرها. ومع ذلك، يحذرون من أن المضاربات قد تؤدي إلى تقلبات في الأسعار، مما يستدعي الحذر من قبل المستثمرين.

بشكل عام، يرى المحللون أن مستقبل الذهب والمعادن النفيسة يبدو واعداً، حيث أن العوامل التي تدعم ارتفاع الأسعار لا تزال قائمة، بل قد تزداد قوة في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية الراهنة.

في الختام، حقق الذهب مكاسب سنوية قياسية في عام 2025، مدفوعًا بعوامل اقتصادية وجيوسياسية عالمية. بينما تشهد المعادن النفيسة الأخرى تقلبات في الأسعار، إلا أن التوقعات المستقبلية تشير إلى استمرار ارتفاع الطلب عليها كملاذ آمن في ظل الأوضاع العالمية غير المستقرة. ننصح المستثمرين بمتابعة التطورات في الأسواق العالمية وتقييم المخاطر قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.

شاركها.
اترك تعليقاً