كشف باحثون في المركز الطبي بجامعة ماستريخت الهولندية أن الفول السوداني “ليس مجرد وجبة خفيفة للتسلية أمام التلفاز، بل يمكن أن يؤدي دوراً في تحسين وظائف الدماغ والذاكرة”. هذا الاكتشاف الجديد يلقي الضوء على قيمة هذه البقوليات التي غالباً ما يتم الاستهانة بها، ويفتح الباب أمام فهم أعمق لكيفية تأثير التغذية على صحة الدماغ على المدى الطويل. يميل الكثيرون إلى تصنيف الفول السوداني ضمن المكسرات، غير أنه في الحقيقة ينتمي إلى فصيلة البقوليات، ويُعد من العائلة نفسها التي تضم الحمص والعدس والبازلاء وفول الصويا.

فوائد الفول السوداني الصحية: أكثر من مجرد وجبة خفيفة

يحظى الفول السوداني بشعبية واسعة حول العالم، ويشكّل مكوناً أساسياً في الأنظمة الغذائية النباتية، بفضل غناه بالدهون الصحية والبروتين، إلى جانب مجموعة من الفيتامينات والمعادن. بالإضافة إلى دوره المحتمل في تعزيز وظائف الدماغ، يقدم الفول السوداني العديد من المزايا الصحية الأخرى. كما يُسهم في خفض مستويات الكوليسترول، والمساعدة على إنقاص الوزن، والحفاظ على استقرار سكر الدم، وفق ما توضحه اختصاصية التغذية المعتمدة جوليا زومبانو في حديثها عن فوائده الصحية على موقع “كليفلاند كلينك”.

كيف يحسن الفول السوداني وظائف الدماغ والذاكرة؟

في أواخر عام 2025، كشف باحثون في المركز الطبي بجامعة ماستريخت الهولندية أن الفول السوداني يمكن أن يؤدي دوراً في تحسين وظائف الدماغ والذاكرة. وقد أجريت هذه الدراسة على مجموعة من المشاركين، ودُرس تأثير تناول الفول السوداني على أدائهم الإدراكي وصحة أدمغتهم.

تفاصيل الدراسة والنتائج

وجد الباحثون أن تناول حوالي 60 غراماً من الفول السوداني (ما يعادل 60 حبة فول سوداني مقشرة) غير المملح والمحمص يومياً على مدار 4 أشهر، بغض النظر عن طريقة تناوله (صباحاً أو مساءً، دفعة واحدة أو موزعة على مدار اليوم، بمفرده أو مضافاً إلى الوجبات)، كان فعالاً في تحسين وظائف الأوعية الدموية في الدماغ. شملت الأبحاث 31 شخصاً من تبلغ أعمارهم بين 60 و 75 عاماً، وهم يتمتعون بصحة جيدة.

وتبين أن تناول هذه الكمية من الفول السوداني أدى إلى “زيادة تدفق الدم الدماغي الشامل” بنسبة وصلت إلى 4.5%، وتعزيز قدرة المشاركين على “تذكر المعلومات المنطوقة أو المكتوبة” بنسبة 5.8%، بالإضافة إلى انخفاض ملحوظ في ضغط الدم.

جوهر الدراسة وتأثيراتها المحتملة

أشارت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في تقرير لها عن نتائج البحث، إلى أن جوهر الدراسة يكمن في قدرتها على الحد من تدهور وظائف الأوعية الدموية في الدماغ، وتقليل خطر الإصابة بالخرف، وهو خطر يزداد مع التقدم في العمر. يعتبر الخرف من أبرز المشكلات الصحية العالمية المتنامية، ويهدف الباحثون من خلال هذه الدراسة إلى إيجاد طرق بسيطة وفعالة للحماية من هذا المرض.

أوضح الدكتور بيتر جوريس، الأستاذ المشارك في قسم التغذية وعلوم الحركة بجامعة ماستريخت، أن “تدفق الدم الدماغي يُعد مؤشراً بالغ الأهمية على كفاءة الأوعية الدموية المسؤولة عن نقل الأكسجين والعناصر الغذائية اللازمة للحفاظ على صحة الدماغ”. وأضاف: “توصلنا إلى أن تناول الفول السوداني غير المملح والمحمص بقشره على المدى الطويل يُحسّن تدفق الدم الدماغي بشكل عام، وهو ما يشير إلى تحسن شامل في وظيفة الأوعية الدموية داخل الدماغ”.

ما السر وراء فوائد الفول السوداني؟

يرجح الدكتور جوريس وفريقه أن السر يكمن في احتواء الفول السوداني على حمض أميني يُعرف باسم “إل-أرجينين”، الذي يساعد الجسم في بناء البروتين، وله دور مهم في صحة الأوعية الدموية، حيث يزيد من تدفق الدم الدماغي الشامل بنسبة 9.5% عند حقنه بالوريد.

العناصر الغذائية الأخرى في الفول السوداني

أوضح جوريس أن اختيار الفول السوداني المحمص بقشرته يرجع إلى أنه مصدر قيّم للدهون غير المشبعة والبوليفينولات، وكلاهما معروف بدعمه لوظائف الأوعية الدموية. كما أن الفول السوداني يحتوي على ألياف غذائية إضافية، ومركبات نباتية طبيعية، ومضادات أكسدة مُخففة للالتهابات، بما في ذلك “الريسفيراترول”، الذي يعزز تدفق الدم في الدماغ أثناء المهام المعرفية لدى الشباب الأصحاء. كل هذه العناصر تعمل مجتمعة لتفسير الآثار الصحية المفيدة للفول السوداني المحمص بقشرته.

حقائق غذائية عن الفول السوداني

فيما يلي العناصر الغذائية الموجودة في أونصة واحدة (28 غراماً) من الفول السوداني المحمص الجاف وغير المملح (أي ما يعادل 28 حبة فول سوداني مقشرة):

  • السعرات الحرارية: 166 سعراً حرارياً
  • الكربوهيدرات: 6 غرامات
  • الكوليسترول: 0 غرام
  • الدهون: 14 غراماً
  • الألياف: 2.4 غرام
  • البروتين: 7 غرامات
  • الصوديوم: 1.7 مليغرام
  • السكر: 1.3 غرام

بالإضافة إلى ذلك، توفر الأونصة الواحدة العناصر الغذائية الأساسية التالية:

  • 21% من احتياجات الجسم اليومية من المنغنيز.
  • 12% من احتياجات الجسم اليومية من المغنيسيوم.
  • 11% من احتياجات الجسم اليومية من النحاس.
  • 9.3% من احتياجات الجسم اليومية من فيتامين “إي”.
  • 5% من احتياجات الجسم اليومية من فيتامين “ب3 و ب5”.

فوائد صحية إضافية للفول السوداني

بالإضافة إلى تحسين وظائف الدماغ، يقدم الفول السوداني فوائد صحية أخرى، منها:

  • المساعدة في إدارة الوزن: على الرغم من أنه غني بالسعرات الحرارية، إلا أن تناوله قد يساعد في الحفاظ على وزن صحي وتجنب السمنة، وذلك بسبب احتوائه على البروتين والألياف والدهون الصحية التي تزيد من الشعور بالشبع.
  • ضبط مستوى السكر في الدم: تشير الدراسات إلى أن تناول الفول السوداني والمكسرات قد يحسن حساسية الجسم للأنسولين ويساعده على استخدامه بشكل أكثر فعالية.
  • خفض الكوليسترول في الدم: يعزى ذلك إلى مركبات نباتية تشبه الكوليسترول في تركيبها، وتمنع امتصاصه في الجهاز الهضمي.
  • توفير مضادات الأكسدة: التي تساعد في تقليل خطر الإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض المزمنة.

زبدة الفول السوداني: بديل صحي؟

تقول زومبانو: “بشكل عام، تتمتع زبدة الفول السوداني بمعظم الفوائد الصحية التي يتمتع بها الفول السوداني”. ومع ذلك، تحذر من أن بعض العلامات التجارية التجارية قد تحتوي على سكر وملح مضافين، مما يجعلها أقل فائدة من الفول السوداني العادي. لذلك، تنصح باختيار العلامات التجارية الخالية من السكر وقليلة الملح.

تحذير: حساسية الفول السوداني

تُعد حساسية الفول السوداني من الحساسية الشائعة، حيث يتعرف جهاز المناعة على البروتينات الموجودة في الفول السوداني على أنها مواد ضارة. تحذر زومبانو من أن هذه التفاعلات التحسسية قد تكون شديدة ومهددة للحياة، وتنصح بتجنب الفول السوداني وزبدة الفول السوداني والأطعمة التي تحتوي عليهما للأشخاص الذين يعانون من هذه الحساسية.

في الختام، تُظهر الأبحاث الحديثة أن الفول السوداني هو أكثر من مجرد وجبة خفيفة لذيذة؛ فهو غذاء خارق يمكن أن يلعب دوراً هاماً في الحفاظ على صحة الدماغ وتحسين الوظائف الإدراكية، خاصة مع التقدم في العمر. لذا، أضفوا الفول السوداني إلى نظامكم الغذائي اليومي واستمتعوا بفوائده المتعددة!

شاركها.
اترك تعليقاً