تلقت أسعار النفط الخام دعما من خفض أسعار الفائدة وجهود التحفيز المالي والاقتصادي في الصين، إضافة إلى تمسك تحالف “أوبك+” بالتخفيضات الطوعية القياسية دون أي مؤشرات حتى الآن عن عكس هذه الاتجاه.
ويقاوم المكاسب السعرية للنفط تباطؤ نسبي في وتيرة التعافي الاقتصادي الصيني، إلى جانب ارتفاع الدولار، لكن يمكن القول إنه رغم ذلك فإن سوق النفط في حركة صعودية وتتجه بشكل جيد إلى نطاق 90 دولارا للبرميل -بحسب توقعات شركة رابيدان إنرجي- كما أن وصول النفط إلى 100 دولار للبرميل “محتمل تماما”.
ويقول لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون: إن حالة عدم اليقين لا تزال تحيط بأسعار النفط، كما يركز التجار على عدم حدوث انخفاض كبير في المعروض الروسي، لافتين إلى أن أساسيات السوق هي المحرك الرئيس للأسعار في الفترة الحالية، حيث يتوقع أن تحدث تخفيضات الإنتاج في تحالف “أوبك+” توازنا في الأسواق خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية: إن ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة يأتي فيما تواجه الإدارة الأمريكية صعوبات بسبب عدم استعداد شركات الطاقة في البلاد زيادة الإنتاج وتقلص أنشطة الحفر والتركيز على تعويض المساهمين.
وأضاف، أنه ليس لدى الإدارة الأمريكية أي خيارات لخفض سعر البنزين إذا وصل متوسط الأسعار إلى أربعة دولارات للجالون مرة أخرى، لذا فقد يكون هناك مزيد من السحب من احتياطي البترول الاستراتيجي، رغم أنه ليس خيارا جيدا للغاية بعد السحب الواسع في العام الماضي.
أما روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، فيرى أن وتيرة صعود الأسعار على الأرجح ستستمر في تسجيل المكاسب للأسبوع الثامن، مشيرا إلى توقعات “ساكسو بنك” بأن مخاطر الهبوط ستظل محدودة طالما تحافظ “أوبك+” على الإنتاج عند المستويات الحالية.
وأضاف أنه على جانب الطلب هناك كثير من المؤشرات والبيانات المطمئنة وأبرزها تقييم وكالة الطاقة الدولية بأن الطلب على النفط الخام ارتفع إلى مستوى قياسي في يونيو الماضي، وقد يرتفع أكثر من ذلك في الشهور المقبلة، موضحا أن أسعار برنت سجلت سبعة أسابيع متتالية من المكاسب، حيث تستمر الأساسيات الأكثر تشددا في الوصول إلى سعر ثابت أقوى.
بدوره، يقول ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز: إن المعنويات في سوق النفط الخام لاتزال إيجابية إلى حد كبير، ما يعزز وتيرة المكاسب مع استمرار تقلص المعروض النفطي ونمو الطلب، كما أن هوامش التكرير القوية توفر أيضا بعض الدعم.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة والبرازيل وجيانا تقود نموا في إمدادات النفط العالمية، ما يقلل المخاوف من شح الإمدادات، كما يقلل من وتيرة صعود أسعار النفط.
وتشير تيتي أولاور مدير التسويق في شركة “سيتا” النيجيرية لتجارة النفط، إلى أنه رغم حذر شركات الطاقة الأمريكية في زيادة الإنتاج منذ اندلاع أزمة الجائحة، لكن من المقرر هذا العام أن تحقق رقعة النفط الصخري في الولايات المتحدة مكاسب إنتاج أقوى من المتوقع.
ونوهت إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية رفعت توقعات الإنتاج لعام 2023 في أحدث بياناتها، كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أيضا أن تؤدي المكاسب القوية في الإنتاج من الولايات المتحدة، إلى قيادة إمدادات عالمية قياسية هذا العام.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط في بداية تعاملات أمس، مدعومة بلجوء السلطات الصينية إلى خفض أسعار الفائدة الرئيسة للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر لدعم اقتصادها المتعثر.
وبينما أظهرت بيانات الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين أن الاقتصاد شهد حالة من التباطؤ في يوليو الماضي، جاءت شهية بكين مفتوحة للنفط، إذ ارتفعت إنتاجية المصافي خلال الشهر الماضي بنسبة 17.4 في المائة، مقارنة بالعام الماضي.
وبحلول الساعة 6:45 صباحا بتوقيت جرينتش (9:45 صباحا بتوقيت مكة المكرمة) ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت -تسليم أكتوبر 2023- بمقدار 32 سنتا، أو 0.4 في المائة، مسجلا 86.53 دولار للبرميل.
في الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي -تسليم سبتمبر بمقدار 26 سنتا، وبنسبة 0.3 في المائة ليسجل نحو 82.77 دولار للبرميل.
وانتعشت أسعار النفط بفضل تحرك بكين لإنقاذ اقتصادها المتعثر، من خلال تحريك بنك الصين الشعبي سعر الفائدة على 401 مليار يوان (55.3 مليار دولار)، في تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل لمدة عام واحد لبعض المؤسسات المالية، بمقدار 15 نقطة أساس إلى 2.5 في المائة.
وأظهرت بيانات الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين، أن الاقتصاد قد تباطأ أكثر في يوليو الماضي، ما زاد الضغط على النمو المتعثر بالفعل، ودفع السلطات إلى خفض معدلات السياسة الرئيسة لدعم النشاط.
ورغم البيانات الضعيفة بشأن الاقتصاد، إلا أن شهية الصين للنفط أظهرت مرونة، إذ ارتفعت إنتاجية المصافي في البلاد خلال الشهر الماضي بنسبة 17.4 في المائة، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، وأبقت المصافي إنتاجها مرتفعا لتلبية الطلب على السفر المحلي والاستفادة من هوامش الربح الإقليمية، من خلال تصدير الوقود.
من جانب آخر، حجبت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أمس، سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة بسبب العطلة في النمسا.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.