استمرت تقلبات أسعار النفط وسط مخاوف من تباطؤ النمو في الصين واحتمال إجراء زيادات في أسعار الفائدة الأمريكية، ما يضعف الطلب على الوقود، ويعرض الأسعار لضغوط هبوطية بعد أن رصد انخفاض في المخزونات بمقدار ستة ملايين برميل للأسبوع الماضي.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إن الاتجاه الهبوطي تعزز بعد البيانات الاقتصادية الأخيرة من الصين التي تشير إلى تباطؤ في النمو بناء على أرقام الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة لشهر يوليو الماضي”.
وأوضحوا أنه على الرغم من ذلك تستمر العوامل الصعودية لأسعار النفط في التأثير بقوة في السوق، في وقت لا يزال الطلب فيه على النفط قويا ومتزايدا، كما عززت شركات التكرير معدلات المعالجة الشهر الماضي بمتوسط أعلى من المستويات السابقة للشهر نفسه من العام الماضي.
واعتبر المختصون المخاوف من أن الاقتصاد الصيني المتعثر ستؤثر في الطلب يعوضها نقص المعروض في سوق النفط في ضوء التخفيضات الطوعية والقياسية لقادة تحالف “أوبك +”.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة “إن التفاؤل ما زال يحيط بسوق النفط الخام على الرغم من التحول المخيب للآمال في البيانات الاقتصادية الصينية التي هيمنت على معنويات السوق النفطية”، مضيفا أن “القلق يظل تحت السيطرة رغم الرياح الصينية المعاكسة”.
وأوضح أن الضغوط الهبوطية تسيطر بشكل مؤقت في إطار تقلبات متلاحقة وتسجيل أدنى مستوى للنفط في ثلاثة أسابيع بعد اهتزاز الأسواق بسبب مشكلات سوق الأسهم في الصين، في وقت تشير فيه الدلائل إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة التي تؤثر في الطلب، كما أن الانخفاض الحاد في المخزونات الأمريكية لم يدعم رفع الأسعار.
أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات فيرى أن أسعار الخام ارتفعت لأكثر من شهر بفعل تخفيضات الإمدادات من السعودية وروسيا إضافة إلى تقديرات بأن استهلاك النفط الخام العالمي يسير بوتيرة قياسية، مرجحا استمرار ضيق العرض على المدى القريب.
ونوه بأن النفط الخام أقرب إلى استئناف وتيرة المكاسب القوية والمتوالية في الشهور المقبلة بفعل شح الإمدادات وتنامي الطلب مع توقعات صادرة عن مجموعة “يو بي إس” المصرفية تشير إلى رفع توقعاتها لأسعار خام برنت في نهاية العام بمقدار خمسة دولارات إلى 95 دولارا للبرميل.
أما مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة فيقول “آفاق الطلب العالمي في العام المقبل إيجابية للغاية”، مشيرا إلى تقرير صادر عن “بوف جلوبال ريسيريش” يؤكد أن اتجاهات الطلب العالمي ستكون هي الأفضل في 2024 حيث من المرجح أنها ستزيد من الزخم التصاعدي في أسعار الطاقة.
ونوه بأن التقرير رفع توقعاته للناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3 في المائة في 2023 و2.8 في المائة في 2024، مشيرا إلى أنه لدى تحالف “أوبك +” حاليا طاقة إنتاجية فائضة بشكل أكبر بسبب التخفيضات العميقة والقياسية التي تنفذها في المرحلة الراهنة وقد تمددها في الشهور المقبلة.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية “إن مخاطر الركود الاقتصادي العالمي لم تنته، لكنها تقلصت على نحو واسع مع توقعات أن يبطئ الفيدرالي الأمريكي وتيرة رفع الفائدة”، معتبرة تعافي الطلب بشكل مستقر ومستدام يمكن أن يعزز مكاسب الأسعار إلى مستوى 100 دولار للبرميل.
واشارت إلى احتمال أن يظل العرض والطلب على النفط متوازنين تقريبا في 2024 معتبرة تسجيل مكاسب قياسية جديدة يعتمد على عدة عوامل أبرزها احتمالية إجراء تخفيضات أكبر لإمدادات النفط الخام من قبل تحالف “أوبك +” وهو أمر غير مرجح حاليا أو حدوث اضطرابات غير متوقعة في الإمدادات.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط هامشيا، خلال تعاملات أمس في محاولة لتعويض الخسائر التي لحقت بها خلال الجلسات الثلاث السابقة، فيما تعيش أسواق النفط حالة من التقلب وسط مخاوف من تباطؤ النمو في الصين واحتمال زيادات أخرى في أسعار الفائدة الأمريكية، ما قد يضعف الطلب على الوقود في أكبر اقتصادين في العالم.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت -تسليم أكتوبر- بنسبة 0.16 في المائة، “0.13 دولار”، لتصل إلى 83.58 دولار للبرميل، فيما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي -تسليم سبتمبر 2023- بنسبة 0.08 في المائة، “0.06 دولار”، لتصل إلى 79.44 دولار للبرميل.
وتراجع خام برنت الأربعاء، بنسبة 1.69 في المائة، “1.44 دولار”، ليصل إلى 83.45 دولار للبرميل، في حين انخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط نحو 1.98 في المائة، “1.61 دولار”، لتصل إلى 79.38 دولار للبرميل.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 86.96 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 87,82 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع تراجع له على التوالي، وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 88.20 دولار للبرميل”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.