تتواصل الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوبي سوريا منذ نحو أسبوعين، وبث ناشطون اليوم الثلاثاء صورا لمحتجين في ساحة الكرامة وسط السويداء، وفي بلدات أخرى بالمحافظة، في ظل هتافات تطالب برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد وجميع رموزه. وتأتي هذه المظاهرات استكمالا لحراك مستمر احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

واندلعت الاحتجاجات الأخيرة عقب قرار سلطات النظام السوري في منتصف أغسطس/آب الحالي رفع الدعم عن الوقود، في خضم أزمة اقتصادية تخنق السوريين بعد أكثر من 12 عاما من حرب مدمرة أعقبت قمعا عنيفا من النظام لمظاهرات تطالب برحيله، مما تسبب في دمار هائل بالبنى التحتية وشرّد أكثر من نصف السكان وأوقع أكثر من نصف مليون قتيل، وفق بيانات حقوقية وأخرى من الأمم المتحدة.

وقد انطلقت الاحتجاجات الأخيرة في محافظتي درعا والسويداء الجنوبيتين، لكن زخمها تواصل في السويداء، ذات الغالبية الدرزية والتي تشهد منذ سنوات تحركات متقطعة احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية.

وشارك بضع مئات في مظاهرة اليوم الثلاثاء في مدينة السويداء، مركز المحافظة، وفق ما أفاد ناشطون لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأظهر شريط مصور نشرته شبكات إعلام محلية مواطنين يهتفون “يسقط بشار الأسد”.

وخلال أيام الحراك، أقفل المحتجون مكاتب تابعة لحزب البعث الحاكم، وفق ناشطين في المحافظة.

وبث ناشطون اليوم صورا قالوا إنها لقيام محتجين بإغلاق “مكتب أعضاء مجلس الشعب” في المحافظة. كما شهدت بلدة الكفر في السويداء وقفة احتجاجية مساء اليوم الثلاثاء، تمت خلالها إزالة صورة لبشار الأسد على واجهة مبنى البلدية.

كما شهدت بلدة قنوات بريف السويداء مساء اليوم وقفة احتجاجية بمشاركة العشرات من أهالي البلدة، حيث اختاروا ساحة الآثار لتنفيذ احتجاجهم المطالب بالتغيير السياسي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متظاهر قوله عبر الهاتف إن “قلّة لا تزال تركز على المطالب الاقتصادية، فكثر فهموا أن لا وجود لحل اقتصادي من دون حل سياسي”.

وخلال الأيام الماضية وأيضا اليوم الثلاثاء، رفع المتظاهرون شعارات مطالبة بـ”إسقاط النظام”، مما أعاد إلى الأذهان المظاهرات غير المسبوقة التي شهدتها سوريا في منتصف مارس/آذار 2011 قبل أن تتحول إلى نزاع دام مستمر حتى اليوم.

خصوصية السويداء

ولمحافظة السويداء خصوصيتها، إذ إنه طيلة سنوات النزاع تمكّن دروز سوريا، الذين يشكلون نحو 3% من السكان، إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد النظام، ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.

وتخلّف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم فقط، في وقت غض فيه النظام النظر عنهم.

ويوجد النظام السوري في محافظة السويداء عبر المؤسسات الرسمية، في حين ينتشر جيش النظام حاليا على حواجز في محيط المحافظة، ولذلك يرى ناشطون أن النظام السوري لن يتمكن من تحريك عناصره لقمع المحتجين في السويداء.

وقال ناشط في المحافظة لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف إن “خصوصية السويداء، وخصوصا من ناحية الأقلية الدرزية وعدم وجود مراكز أمنية للنظام وعدم الالتزام بالخدمة الإلزامية، منحتها مجالا أوسع لحرية التعبير”.

وأشار إلى أن النظام بعث وسطاء سياسيين للبحث مع وجهاء السويداء في كيفية تهدئة الأمور.

ويدعم المحتجين مجموعات مسلحة محلية، بينها مجموعة تسمى “رجال الكرامة” التي تعد الأكبر في المحافظة.

وقال المتحدث باسم المجموعة أبو تيمور “نقف خلف مطالب أهلنا المحقة”، مشيرا إلى مشاركة عناصر غير مسلحة من المجموعة فيها. وأضاف “لن نسمح بأي اعتداء على المظاهرات”.

وبعد أكثر من 12 عاما من الحرب تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، فاقمها زلزال مدمر في فبراير/شباط الماضي والعقوبات الاقتصادية المفروضة من الدول الغربية، خسرت معها العملة المحلية أكثر من 99% من قيمتها. ولطالما اعتبرت دمشق العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها سببا أساسيا للتدهور المستمر في اقتصادها.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية + مواقع التواصل الاجتماعي

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.