تمكن فريق دولي بقيادة علماء من جامعة “أوهايو” بالولايات المتحدة، وبمشاركة فرق بحثية من عدة مختبرات أخرى، من التقاط أول صورة بالأشعة السينية لذرة واحدة فقط. ونشرت الدراسة في دورية نيتشر (Nature) في 31 مايو/أيار الماضي، وتصدرت غلاف العدد المطبوع من الدورية.

وتستخدم الأشعة السينية منذ اكتشافها عام 1895 في جميع المجالات تقريبا، بدءا من الفحوص الطبية إلى الفحص الأمني في المطارات، وكذلك في مركبات الفضاء التابعة لوكالة “ناسا”، وتساعدها على فحص تركيب المواد في الصخور التي تستكشفها.

وبفضل تطور معجلات الأشعة السينية التزامنية المعروفة باسم “السينكروترون”، أصبح العلماء لا يحتاجون سوى كميات ضئيلة جدا من العينة حتى يتمكنوا من تحديد نوع المواد التي تحتويها؛ إذ أصبحت اليوم أقل كمية يمكن فحصها باستخدام الأشعة السينية تقع في نطاق الأتوغرام.

الكشف عن نوع المادة

ورغم صغر هذه الكمية، فإنها تعادل في داخلها ما يكافئ 10 آلاف ذرة أو أكثر، وذلك طبقا للبيان الصحفي الذي نشرته جامعة “أوهايو” تعقيبا على الدراسة. وبات العلماء يحلمون منذ فترة طويلة بإجراء فحص بالأشعة السينية لذرة واحدة فقط. ويرجع السبب في عجزهم عن القيام بهذا الأمر إلى ضعف الأشعة السينية التي تنتجها ذرة واحدة، مما يجعل الكشف عنها باستخدام أجهزة الرصد التقليدية أمرا مستحيلا.

ويشير ساو واي هلا قائد الفريق البحثي ومدير معهد الظواهر النانوية والكمية في جامعة أوهايو إلى أنه “من الممكن تصوير الذرات بشكل تقليدي باستخدام مجاهر المسح البؤري. غير أننا لا نعرف مكوناتها من دون استخدام الأشعة السينية”.

ويضيف واي هلا “يمكننا الآن اكتشاف نوع ذرة مفردة، وقياس حالتها الكيميائية؛ مما يتيح لنا استكشاف المواد بدقة فائقة تصل إلى مستوى الذرة المفردة”. ويقول “سيحمل هذا الاكتشاف أثرا كبيرا على علوم البيئة والطب. وقد يمكننا من إيجاد علاجات ذات أثر بالغ على البشرية؛ مما سيحدث تحولا جذريا في العالم”.

تقنية مبتكرة

وللقيام بهذا الأمر، اختار الفريق ذرتي حديد وتيربيوم، ووضعوهما في مضيفين جزيئيين منفصلين. وحتى يتمكن العلماء من رصد الأشعة الناتجة عن ذرة مفردة فقط، قاموا بتزويد أجهزة الرصد التقليدية بأجهزة رصد متخصصة -ذات طرف معدني حاد- وضعت في مكان قريب جدا من العينة المختبرة حتى يمكنها التقاط الإلكترونات المثارة بالأشعة السينية، ومن ثم رصدها بدقة فائقة. وتعرف هذه التقنية باسم “مجهر الأشعة السينية التزامنية النفقي الماسح”.

وتعد هذه التقنية فعالة في تحديد نوع عناصر المواد بشكل مباشر عبر رصد الأطياف التي تتركها هذه العناصر؛ إذ تشبه هذه الأطياف بصمات الأصابع، حيث يكون كل منها فريدا وكاشفا عن ماهية العنصر بالتحديد.

وفي هذا الصدد، يقول المؤلف الأول للدراسة توليولوب أجايي “تعد تقنية الأشعة السينية المستخدمة أمرا مبتكرا في علوم الأشعة السينية والدراسات النانوية”.

ويضيف أجايي “يمكن أن تحدث هذه النتائج ثورة في الأبحاث التي تستخدم الأشعة السينية؛ مما قد تنتج عنه تقنيات جديدة في مجالات مثل المعلومات الكمومية والبحوث البيئية والطبية”.

(Left) An image of a ring shaped supramolecule where only one Fe atom is present in the entire ring. (Right) X-ray signature of just one Fe atom. المصدر https://www.ohio.edu/

كشف الحالة الكيميائية

غير أن الأمر لا يقتصر على تحديد نوع المادة فحسب، إذ ساعدت هذه التقنية العلماء على كشف الحالة الكيميائية للذرات الفردية أيضا. ويقول هلا “بمقارنة الحالة الكيميائية لذرة الحديد وذرة التيربيوم، وجدنا أن ذرة التيربيوم -ذاك المعدن النادر- معزولة إلى حد كبير ولا تتغير حالتها الكيميائية، بينما تتفاعل ذرة الحديد بشكل قوي مع محيطها”.

ويتيح هذا الاكتشاف للعلماء تحديد نوع العنصر وحالته الكيميائية، مما سيتيح التلاعب بالذرات داخل المواد المختلفة بغرض توفير الاحتياجات المتغيرة في مختلف المجالات.

وعلاوة على ذلك، فقد تمكن العلماء من تطوير تقنية جديدة سمحت لهم بتحديد كيفية تحرك المدارات -الخاصة بذرة واحدة- على سطح المادة؛ مما سيساعد في الكشف عن الخصائص الكمية والدورانية (المغناطيسية) للذرة المفردة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.