استمرت التقلبات السعرية للنفط الخام في بداية أسبوع جديد، حيث تلقت دعما من توقعات تنامي الآمال في إبقاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير لتجنب تضرر الاقتصاد، مقابل ضغوط من جني الأرباح بعد بلوغ الأسعار أعلى مستوى خلال العام الجاري.
ويتمسك سعر النفط الخام بمستوياته المرتفعة بعد أن سجل ارتفاعات قوية في ختام الأسبوع الماضي مع رؤية الأسواق في الأغلب لتقرير وظائف أمريكي جيد.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إن خفض الإنتاج من “أوبك +” وتراجعا مفاجئا في المخزونات الأمريكية خلال الأسبوع الماضي، دعما أسعار النفط نحو الصعود”.
وذكر المحللون أن السوق تعد تقرير التوظيف الأمريكي جاء إيجابيا عموما مع إضافة مزيد من الوظائف أكثر من المتوقع لكن معدل البطالة شهد ارتفاعا طفيفا، متوقعين أن يظل بنك الاحتياطي الفيدرالي متحفظا في تشديد السياسات المالية في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في وقت لاحق هذا العام.
وأوضحوا أن السوق تتابع نتائج قمة الآسيان في جاكرتا كما تترقب قمة مجموعة العشرين في وقت لاحق من الأسبوع في نيودلهي، كما من المقرر أن يدلي سبعة من المتحدثين باسم بنك الاحتياطي الفيدرالي بأفكارهم علنا على مدار الأسبوع، في حين ستتحدث كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي عن تقييمها وضع الاقتصاد العالمي.
ورجح المحللون ارتفاع طلب الهند على النفط الخام أكثر فأكثر على الأقل خلال العقد المقبل أو 15 عاما، لافتين إلى أن مصافي التكرير والتجار الآسيويين لا يجدون صعوبة كبيرة في تأمين إمدادات كافية من المواد الخام للمصافي، خاصة خاماتهم الأساسية من خام الشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن أسعار النفط الخام استمرت في المكاسب في ختام الأسبوع الماضي متجاهلة قوة الدولار لتقف على بعد أقل من 1 في المائة من أعلى مستوى جديد منذ بداية العام حتى الآن، بينما تأثرت في بداية الاسبوع الجديد بجني الأرباح الذي يعقب عادة وتيرة المكاسب القياسية”.
وأضاف أنه “على مدار الأسبوع الماضي ارتفعت الأسعار بنسبة 5.5 في المائة وهو أفضل أسبوع لها منذ أبريل من هذا العام، حيث يستمر انخفاض المخزونات في الولايات المتحدة إلى جانب مزيد من تخفيضات الإنتاج المتوقعة من روسيا في دعم توقعات العرض المتشددة”.
من ناحيته، ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المختصة، أن الطلب قد يشهد حالة من الهدوء مع استعداد مصافي التكرير للصيانة في نهاية فصل الصيف، حيث يتوقع تجار النفط أن يشهدوا تراجعا في ضيق العرض في الشهرين المقبلين.
وتوقع استمرار تخفيضات إنتاج “أوبك +” ليتم تمديدها إلى أكتوبر المقبل في ضوء التنسيق الناجح والفعال في إدارة العرض، لافتا إلى تأكيد شركة فيتول أن سوق النفط ستشهد بعض الراحة في الشهرين المقبلين، حيث تخطط المصافي للصيانة في نهاية الصيف، كما ستظل السوق ضيقة مع استمرار تخفيضات الإنتاج من أعضاء “أوبك +” في الشرق الأوسط.
من جهته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، “إن تقلب الأسعار مستمر في سوق النفط، حيث يعود ذلك إلى ظروف الإنتاج بنسبة أكبر وليس إلى إمدادات النفط الخام نتيجة تأثير وجود طاقة التكرير المحدودة للغاية”، مبينا أنه منذ ما يقرب من عام ظلت أسعار خام برنت تحوم في نطاق 72 إلى 88 دولارا للبرميل.
وأوضح أن حالة عدم اليقين ما زالت تسيطر على سوق النفط ويصعب التنبؤ بتطوراتها، لافتا إلى أن الأسعار تتأثر بمجموعة واسعة من المتغيرات مثل ديناميكيات العرض والطلب والأحداث الجيوسياسية والمؤشرات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي وما إلى ذلك، وكثيرا ما يتضمن التنبؤ بأسعار النفط بدقة نماذج كمية معقدة، وتحليل البيانات والحاجة إلى خبرة واسعة في أسواق الطاقة.
بدورها، قالت تيتي أولاور مدير التسويق في شركة سيتا النيجيرية لتجارة النفط، “إن استهلاك الهند من النفط الخام الروسي مرتفع رغم السقف السعري والعقوبات الغربية”.
وذكرت أن استراتيجية الهند لتلبية طلبها القوي على النفط من خلال توفير براميل روسية رخيصة بكميات كبيرة ستخدم أيضا مصالح مستوردي الخام الآسيويين الرئيسين الآخرين، ما يفسح المجال أمام الصين وكوريا الجنوبية واليابان لتأمين إمدادات كافية من الشرق الأوسط، مبينة أن أنشطة التصنيع الفاترة في الصين تشكل أخطارا كبيرة على توقعات نمو الطلب على النفط في المنطقة، حيث من المتوقع أن يتفوق استهلاك الهند من النفط.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس بدعم من توقعات بأن يبقي المنتجون الرئيسون على القيود التي يفرضونها على الإمدادات فضلا عن تزايد الآمال بأن يترك مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير لتجنب‭‭‬‬ تباطؤ الاقتصاد.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت تسليم نوفمبر ثلاثة سنتات خلال التعاملات أمس إلى 88.58 دولار للبرميل، فيما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم أكتوبر تسعة سنتات إلى 85.64 دولار للبرميل.
ويأتي الارتفاع في التعاملات الآسيوية بعد أن أنهى العقدان الأسبوع الماضي عند أعلى مستوياتهما في أكثر من نصف عام، بعد تراجعهما في الأسبوعين السابقين.
وقال ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي يوم الخميس “إن روسيا اتفقت مع الشركاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” على معايير لمواصلة خفض الصادرات”. ومن المتوقع صدور إعلان رسمي بتفاصيل التخفيضات المزمعة هذا الأسبوع.
وأعلنت روسيا بالفعل أنها ستخفض صادراتها بواقع 300 ألف برميل يوميا في سبتمبر بعد خفض قدره 500 ألف برميل يوميا في أغسطس.
واكتسب نمو الوظائف زخما في الولايات المتحدة في أغسطس، إلا أن معدل البطالة ارتفع إلى 3.8 في المائة وتباطأت زيادة الأجور، ما يوضح تراجع قوة سوق العمل ويعزز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي لن يرفع الفائدة هذا الشهر.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 89.65 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 88.44 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس ارتفاع على التوالي، وأن السلة ارتفعت بنحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 85.71 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.