في زاوية هادئة من معرض «ألوان الباحة» بدار عوضة في الأطاولة، تستوقفك لوحة مختلفة. ليست لأنها الأجمل أو الأبهى، بل لأنها تُشبه الوداع، وتنبض بالحضور رغم الغياب.

لوحة خطّها الفنان الراحل سعيد لافي بيده، فكانت آخر ما قاله، وآخر ما فعله، وآخر ما تركه من أثرٍ حيّ قبل أن يصمت الجسد.

لم يكن يدري، وهو يخط الحرف العربي كما اعتاد بإخلاص المحب، أنها ستكون «اللوحة الأخيرة». لوحةٌ لم تعلّق ضمن المشاركات فحسب، بل تعلّقت في قلوب زوّار المعرض، لأنها تحمل روحه وتلخّص مسيرته، فأصبحت مرثية بصرية تنعاه.

سعيد لافي لم يكن مجرد خطاط؛ بل كان رسولاً للحرف، وعاشقاً للهويّة، ووجهاً ناصعاً من وجوه الفن السعودي.

يذهب إلى الفعاليات حاملاً أدواته لا كمن يؤدي عملاً، بل كمن يعيش الحب في كامل تفاصيله.

مثّل الوطن بوطنيته قبل حرفه، ورفع راية الخط العربي في محافل الداخل والخارج، مؤمناً بأن كل حرفٍ يُرسم هو امتداد لجمالٍ أوسع من الشكل، جمالٌ يسكن الإنسان والمكان.

رحل سعيد، لكنّه بقي في الحروف التي خطّها، وفي اللوحة التي رسمها بهمة لا تُنسى.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً