لم يكن مسار الأكاديمي والمفكر المغربي حسن أوريد كمسار كثيرين من أبناء جيله، فقد شاءت الأقدار أن يكون طالبا في المدرسة التي تصنع الملوك والأمراء في المغرب، وأن يتخذ لنفسه مسارا تعليميا ومهنيا يخالف رغباته.

ولد أوريد -الذي حل ضيفا على برنامج “المقابلة” الجزء الأول- في ديسمبر/كانون الأول 1962 في قرية تازموريت بجنوب شرقي المغرب، وينتمي للثقافتين العربية والأمازيغية، فوالده عربي ووالدته أمازيغية.

وعن هذا المزيج بين الهويتين العربية والأمازيغية، يقول أوريد: “أنا عربي اللسان والوجدان والقضايا، وأمازيغي اللسان والوجدان والقضايا”، و”لا يمكن فهم شمال أفريقيا بدون العربية وبدون الأمازيغية”.

وقع عليه الاختيار عام 1977، وهو في سن الـ14، ليكون زميلا لولي العهد حينها محمد السادس في المدرسة المولوية، إلى جانب آخرين من الطلبة المتفوقين. وكانت المدرسة تضم 11 تلميذا، وتعتمد على التكوين المزدوج، باللغتين العربية والفرنسية.

وأنشئت المدرسة المولوية عام 1942 من طرف الملك الراحل محمد الخامس لإعداد خلفه الملك الحسن الثاني الذي كان آنداك وليا للعهد. وأسندت مهمة التدريس فيها إلى نخبة من المعلمين المعروفين لتهيئة ولي العهد، كما جرى وبعناية شديدة اختيار 10 من أبناء الشعب، اشترط فيهم أن يكونوا من الأذكياء والمتفوقين دراسيا ومن الفئة العمرية نفسها لولي العهد، ومن الموالين للعرش.

وشاءت الأقدار أيضا أن يسير أوريد على خطى ولي العهد حينها محمد السادس ويدرس الحقوق في جامعة محمد الخامس باللغتين العربية والفرنسية.

وعن تجربة الأجواء الملكية التي درس فيها، يقول المفكر المغربي إن هذا المسار جعله يشعر أنه ليس ملكا لنفسه.

ومن عام 1987 إلى عام 1992 التحق أوريد بوزارة الخارجية المغربية، وكلف بدراسات في ديوان وزير الخارجية حينها عبد اللطيف الفيلالي، وهي الفترة التي قال إنها كانت مهمة، بسبب تقلبات كبرى شهدها العالم وبداية نوع من الانفراج في العلاقات بين المغرب والجزائر.

فخلال هذه الفترة انعقد مؤتمر القمة في الجزائر في يونيو/حزيران 1988، الذي شارك فيها الملك الراحل الحسن الثاني، إلى جانب قادة دول المغرب العربي (الجزائر ليبيا وتونس وموريتانيا) واستؤنفت العلاقات بين المغرب والجزائر في الثامن من يونيو/حزيران 1988.

مستقبل المغرب ليس حاضر الجزائر

وبموازاة عمله في وزارة الخارجية وتكليفه بملف الاتحاد المغاربي، اختار المفكر المغربي أن يخصص رسالة الدكتوراة لموضوع ” الخطاب الاحتجاجي لدى الحركات الأمازيغية والإسلامية”، وكان تساؤله يدور حول فكرة: “هل مستقبل المغرب حاضر الجزائر”، وكانت هذه الأخيرة تشهد حينها انفتاحا مع نهاية الحزب الواحد وحراك إسلامي وأمازيغي. وخلص في دراسته إلى أن “مستقبل المغرب لن يكون حاضر الجزائر” ولا مثل لبنان الذي اتخذ نموذجا في الدراسة.

وبعد وفاة الحسن الثاني في 23 يوليو/تموز 1999 وتنصيب محمد السادس ملكا للمغرب، عيّن أوريد ناطقا باسم القصر الملكي في التاسع من أغسطس/آب من العام نفسه، واستمر في منصبه حتى عام 2005، وتولى بعدها منصب والي مكناس.

وبخصوص دوره في هذه الفترة، أشار ضيف حلقة (2023/8/6) برنامج “المقابلة ” إلى الآمال الكبيرة التي راودت الشعب المغربي، لا سيما أن الملك محمد السادس أعطى حينها دفعة جديدة لملف حقوق الإنسان، واعترف بالحقوق الثقافية للأمازيغ وزار منطقة الريف، وكان هناك أمل في التطبيع والمصالحة مع الجزائر، لكن لم يحدث ذلك.

وبين عامي 2009 و2010، عين أوريد في منصب مؤرخ رسمي لملك المغرب، وهو المنصب الذي قال إنه لم يكن متحمسا له، وكان يخشى أن يكون مجرد لقب، وهو ما حصل بالفعل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.