لم تكن الضجة التي أثارها المذيع العراقي نزار الفارس والممثلة المصرية حورية فرغلي حول خطبتهما هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقة بين الإعلام والفن؛ فمنذ نشأة وسائل الاتصال، ظهر المجال الفني وكأنه يسير على التوازي مع الصحافة، لكن الحياة في المساحة بينهما كانت تسير بشكل مختلف.

دفعت الصحافة بفنان وناقد كبير بحجم صلاح منصور إلى عالم التمثيل، فترك بصمة يصعب محوها، ولعل أبرز أدواره هو دور “العمدة” في فيلم “الزوجة الثانية” عام 1959، وجمع الكاتب والصحفي الراحل سعيد عبد الغني بين عمله الصحفي في صحيفة “الأهرام” المصرية، وبين التمثيل في عدد هائل من الأعمال الفنية.

وكما جمع شخص واحد المجالين في حياته، فقد جمع الفن والإعلام بين فنانة وصحفي أو العكس في قصة حب واحدة، وفي منزل زوجية واحد، ولعل أشهر هذه الحالات قصة الإعلامي الراحل حمدي قنديل والفنانة نجلاء فتحي، وقصة الممثل الكبير ممدوح عبد العليم وزوجته المذيعة شافكي المنيري، وأيضا الممثلة الشابة دنيا سمير غانم والمذيع رامي رضوان.

ولا يمكن إنكار العدد الكبير من القضايا والخلافات الهائلة التي حدثت بين الفنانين والصحفيين لأسباب تتعلق بنقد أحد الأعمال، أو نشر خبر ما كان يحب صاحبه أن ينشر. لكن حتى وقت قريب لم يكن الأمر يصل إلى حالة سجال بالفيديوهات واللقاءات الإعلامية مع الطرفين بشأن القصة.

ورغم وجود العديد من الأسئلة التي بقيت بلا إجابة في الضجة التي أثيرت حول ارتباط حورية بنزار، فإنها تحيلنا إلى تاريخ الإعلام والفن، والتقاليد التي تحكم العلاقة بينهما حتى لو تجاوز الطرفان الحدود، وتمثل ذلك في وجود حالة حب أو تقارب.

تتلخص القصة في مذيع يقوم بإجراء لقاء تلفزيوني مع ممثلة، ثم يخرج ناشرا فيديوهات احتفالا بخطبتهما، في حين تنفي الممثلة وتعلن غاضبة أنها كانت تجامله حين أبدت عدم الاعتراض على ما أبداه من تعاطف معها، فيرد المذيع أنه تقدّم إليها خاطبا إشفاقا منه عليها، وهكذا يتحوّل السجال إلى تجريح يتجاوز الكثير من الأعراف التي ربطت المجالين طوال تاريخهما السابق.

وكان المذيع نزار الفارس اشتبك سابقا مع الممثلة رانيا يوسف حول تصريحات لها عن الحجاب، أنكرتها بعد أن قام ببثها على صفحته الشخصية بأحد مواقع التواصل الاجتماعي ولم تعرض على القناة التي يعمل فيها.

نستعرض هنا بعض القصص التي ربطت بين الإعلاميين والفنانيين، بدءا بحداثة عهد المنطقة بالفن والإعلام، وليس انتهاء بتغيرات سلوكية وقيمية هائلة.

فراج وصباح

أحمد فراج إعلامي اشتهر بتقديم برنامج ديني والكتابة في بعض الصحف بشكل غير منتظم، كان الرجل يحظى باحترام شديد وثقل في المجتمع المصري مع نهاية الخمسينيات، لكن إعلان زواجه من الفنانة صباح بكل ما كانت ترمز له في تلك السنوات شكّل صدمة حقيقية في المجتمع المصري.

رويت القصة بطريقتين، الأولى على لسان المنتج محمد عشوب الذي أكد أن فراج كتب مقالا هاجم فيه صباح وتمثيلها وغنائها، وحين قرأت المقال اتصلت به وطلبت لقاءه، وخرجا من اللقاء وقد اتفقا على الزواج.

لم تكتف صباح بالزواج من فراج مع احتفاظها بحق تطليق نفسها، بل أدخلته إلى عالم التمثيل من خلال فيلم “امرأة وثلاث رجال” من إخراج حلمي حليم بعد معارك كثيرة خاضتها ليتم قبوله في دور البطولة إلى جانبها، ورفض 3 مخرجين له وانسحبوا من العمل وهم عاطف سالم وحسن الإمام وعز الدين ذو الفقار.

نجحت صباح في تحويل الرجل الذي انتقد ما تقدمه إلى ممثل، ومن ثم قالت كلمتها الأخيرة في القصة، حيث كانت العصمة في يدها، فطلقت نفسها.

الرواية الثانية للصحفي الفني الرائد عبد الجليل البندراي الذي أجرى لقاءات مع صباح ومن ثم خرج نافيا الزواج، ومؤكدا أنها آمنت به كممثل وخاضت معركة “امرأة وثلاثة رجال” من أجل إيمانها بموهبته. كانت لقاءات البنداري مع فراج وصباح قد تمت عام 1959، لكن بدايات عام 1960 شهدت إعلان الزواج من قبل الطرفين، وسرعان ما انتهى.

التابعي وأسمهان

في كتابه “أسمهان تروي قصتها”، اعترف أمير الصحافة المصرية الكاتب محمد التابعي بحبه أسمهان قائلا “السيدة الوحيدة التي أحببتها في حياتي وما زلت أحبها وسأبقى أحبها هي آمال الأطرش (أسمهان)”، ورغم ذلك لم يتزوجها، وتزوج ابنة عمه هدى التابعي.

وقد اشتهر عن التابعي معاركه مع وزارات ما قبل ثورة يوليو، وتعرضه للحبس أكثر من مرة، وقد أسس مجلة “آخر ساعة”، وشارك في تأسيس جريدة “المصري”.

ووصفت السيدة هدى التابعي العلاقة بين زوجها وأسمهان بـ”الصداقة القوية”، لكن إحدى بنات الكاتب الراحل كشفت في برنامج تلفزيوني عام 2015 أن العلاقة كادت أن تتحول إلى زواج بعد أن تمت خطبتهما، ومن ثم فسخت الخطوبة، وفجّرت مفاجأة بقولها إن الحادث الذي توفيت خلاله المطربة الراحلة بعد أن انقلبت سيارتها، كان يفترض أن تسافر فيه إلى شاطئ “رأس البر” في محافظة دمياط الساحلية المصرية لتلتقي التابعي وتسترضيه لأنه كان غاضبا منها.

مصطفى أمين

لم يكن الكاتب الراحل مصطفى أمين رجلا عاديا، وإنما كان مؤسسة علاقات اجتماعية، تبدأ من قمة الهرم السياسي ولا تنتهي عند وجه جديد يشق طريقه نحو عالم الفن، وكما جمع بين مكر الساسة وتقلبات الفنانين في علاقاته، جمع قمتين من قمم الفن في حياته، إذ تزوج كلا من أم كلثوم والفنانة شادية.

وكانت المؤرخة الموسيقية الدكتورة رتيبة الحفني قد كشفت في ندوة عقدت بمكتبة الإسكندرية عام 2005 عن الزواج الذي ظل سرا لزمن طويل، وقالت رتيبة إن الزواج استمر 11 عاما وإن العقد الخاص به كان محفوظا في خزانة خاصة لدى رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر في ذلك الوقت.

وقالت رتيبة إن أم كلثوم فضلت الحفاظ على سرية الزواج لأنها كانت تود أن تكون ملكا لجمهورها، والمعروف أن مصطفى أمين كان من أكثر الصحفيين قربا لأم كلثوم حتى إنه كان صاحب السبق في أخبارها الفنية والخاصة.

وكما كشفت سر زواج مصطفى أمين من كوكب الشرق بعد موته، كشفت سر زواجه من الفنانة الراحلة شادية بعد موته من خلال عقد زواج أكدت صحته ناهد شاكر ابنة شقيق الفنانة الراحلة، وأكدت أن شادية تزوجت 4 رجال، كان آخرهم مصطفى أمين الذي كان أحبهم إليها.

كان الأبرز في العلاقة بين الصحفي مصطفى أمين وكل من الفنانتين أم كلثوم وشادية، تلك الصداقة التي بنت حائطا من الثقة، استمرت بعد الطلاق وحتى رحيل كل الأطراف.

تيم ووفاء

دفعت المذيعة المصرية وفاء الكيلاني بالسلوك الإعلامي إلى أقصى حدود المحظور، إذ مزجت الشخصي بالعام، وأعلنت على الهواء مشاعرها الخاصة وهي على الشاشة بصفتها الإعلامية.

حدث الأمر عام 2014 حين فوجئ متابعو برنامج “الحكم” بمقدمة حلقة لقاء مع تيم حسن، وقد جاءت غزلا واضحا تراوح بين وصف أناقة الضيف وحب الفتيات له، ومن ثم ظلت لأكثر من 35 دقيقة خلال الحلقة تحاصره بأسئلة شخصية حول حياته ورأيه في المرأة.

كان تيم قد خرج من تجربة زواج مع الممثلة ديما بياعة، وكذلك وفاء التي طلبت يد الممثل الوسيم على الهواء، واعتبر المشاهدون موافقته نوعا من المجاملة بسبب التصوير التلفزيوني، لكن رواد مواقع التواصل الاجتماعي فوجئوا بعد عامين بجدية الأمر.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.