أعلن “المركز العربي للأدب الجغرافي-ارتياد الآفاق” في أبو ظبي ولندن، أمس الجمعة، عن أسماء الفائزين بـ جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة للعام 2025/2026. هذه الجائزة المرموقة، التي يرعاها الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي ويشرف عليها الشاعر نوري الجراح، تُعدّ من أهم المحافل التي تحتفي بالإبداع في مجال أدب الرحلة، وتسهم في إحياء هذا النوع الأدبي العريق. وقد حظي هذا العام بمشاركة واسعة من قبل الكتاب والباحثين من مختلف أنحاء العالم العربي، وكذلك من آسيا وأفريقيا.

دورة استثنائية لـ جائزة ابن بطوطة: تنوع جغرافي وتأثر عالمي

تميزت الدورة الحالية من جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة باتساع نطاق المشاركات الجغرافية بشكل غير مسبوق. وأشار المدير العام للمركز، الشاعر نوري الجراح، إلى أن هذه الدورة شهدت توازناً ملحوظاً في تمثيل البلدان العربية، بين الشرق والغرب، وهو ما يعكس جاذبية الجائزة وتأثيرها المتزايد. ولفت الجراح إلى فوز أعمال لمؤلفين وباحثين من البحرين وتشاد للمرة الأولى، بالإضافة إلى تتويج أربعة أعمال في فئة الرحلة المترجمة، وفوز كاتب هندي بالجائزة، مما يؤكد الطابع العالمي المتنامي للجائزة.

هذا التنوع يعكس أيضاً التزام الجائزة بتشجيع الأعمال التي تقدم رؤى جديدة وتصورات مختلفة لأدب الرحلة، وتثري الخزانة الأدبية العربية بأفكار تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية. إن إدراج أصوات من مناطق متنوعة يساهم في فهم أعمق للعالم من خلال عدسات مختلفة.

أسماء الفائزين بفروع جائزة ابن بطوطة المختلفة

تم توزيع الجوائز على خمسة فروع رئيسية، وشملت القائمة نخبة من الأسماء اللامعة في عالم أدب الرحلة.

الرحلة المحققة

  • الدكتور محمد الزاهي (تونس): عن تحقيقه المتميز لـ “رحلة الراهب أرسانيوس شكري الحلبي إلى الممالك الأوروبية (مالطة، فرنسا، إسبانيا، البرتغال، إيطاليا) 1748-1757”.
  • محمود محمد مكي (مصر): عن تحقيقه ودراسته القيّمة لـ “كتاب البستان في عجائب الأرض والبلدان” لسامش بن كندغدي الصالحي.
  • الدكتور صاحب عالم الأعظمي الندوي (الهند): عن تعريبه وتقديمه لـ “رحالة هندي في ديار الخليج وسواد بغداد وقصته مع الخيل العربية” لنواب حامد يار جنگ بهادر.

الدراسات

  • الدكتور عادل النفاتي (تونس): عن دراسته المبتكرة “مرايا متناظرة: من الرحلة إلى الاستطلاع بين ضفتي المتوسط (1492-1914)”.
  • سامية خالد عبد الله (البحرين): عن دراستها العميقة “جماليات الوصف في الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا” لأبي القاسم الزياني.

الرحلة المعاصرة (سندباد الجديد)

  • أحمد أميري (الإمارات): عن كتابه “المسافر الذي عاد شخصًا آخر”، الذي يقدم تجربة معاصرة في أدب الرحلة.

الرحلة المترجمة

  • محمد فتيلينه (الجزائر): عن ترجمته لـ “إلى الأراضي المقدسة” لمحمد بن شريف.
  • محمد الأمين بوحلوفة (الجزائر): عن ترجمته لـ “من نابولي إلى القدس عبر أثينا، مصر، وشبه جزيرة سيناء، والفيوم” لداوسون بورر.
  • الدكتور أيمن عبد العظيم رحيمي (مصر): عن ترجمته لـ “فنانون في مصر: رحلة إلى الفيوم وسيناء والبتراء 1872م” لباول ماري لينوار.
  • رضوان ناصح ومصطفى نشاط (المغرب): عن ترجمتهما لـ “المغرب” لإدموندو دي أميشيس.

اليوميات

  • روزي جدي (تشاد): عن كتابها المؤثر “فوق الأهرامات، تحت القباب: يوميات بين القاهرة وإسطنبول”.
  • أسامة العيسة (فلسطين): عن كتابه الصادق “وحيدًا تحت سماء القدس: يوميات السجن والسرطان والكورونا”.

أعمال نالت تنويه لجنة التحكيم

بالإضافة إلى الفائزين، نوّهت لجنة التحكيم بخمسة أعمال متميزة أخرى، مما يعكس غنى الإبداع في هذا المجال. وتضمنت هذه الأعمال دراسات ورحلات من تركيا وسوريا والمغرب والعراق ومصر، مما يؤكد التنوع الثقافي والجغرافي للمشاركات. هذا التنويه يعكس أيضاً الجودة العالية للأعمال المقدمة، والتي تستحق التقدير والاحتفاء.

احتفاء عالمي بـ أدب الرحلة في المغرب وأبو ظبي

من المقرر أن يقام حفل توزيع جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في شهر مايو/أيار المقبل في كل من المغرب وأبو ظبي. وسيتزامن حفل التوزيع مع ندوة حاسمة حول أدب الرحلة والأعمال الفائزة، بحضور نخبة من الدارسين والباحثين من مختلف أنحاء العالم.

وفي سياق احتفالي استثنائي، كشف الشاعر نوري الجراح عن اتفاق مع وزير الثقافة والشباب المغربي لتوزيع الجوائز خلال معرض الكتاب في الرباط عام 2026، وبذلك ستصبح الرباط عاصمة عالمية للكتاب، مع التركيز على شخصية ابن بطوطة كرمز للتراث الثقافي العربي. وستشمل الأنشطة ندوة حول الرحالة العرب والأجانب ورحلاتهم إلى المغرب، وأخرى حول ترجمات ابن بطوطة وأثرها في الحوار الحضاري.

جهود مستمرة لإحياء أدب الرحلة

تأسست جائزة ابن بطوطة عام 2000، كجزء من جهود مركز الأدب الجغرافي الرامية إلى إحياء الاهتمام العربي بهذا النوع الأدبي الفريد. وقد أثمرت هذه الجهود عن إصدار ما يزيد عن 300 كتاب بين تحقيق ودراسة وتأليف وترجمة، مما يعكس الدور الريادي للمركز في إحياء أدب الرحلة وتكريسه كحقل أدبي مستقل. إن دعم الشاعر محمد أحمد السويدي لهذه الجائزة هو دليل على التقدير الكبير لأهمية أدب الرحلة في الثقافة العربية.

وفي الختام، يمكن القول إن جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة ليست مجرد جائزة أدبية، بل هي منصة حقيقية لتبادل الأفكار والثقافات، وتعزيز الحوار بين الحضارات، وإحياء تراث أدبي عريق يمتد عبر قرون. نتطلع إلى المزيد من الإبداع والتميز في الدورات القادمة، ونؤمن بأن هذه الجائزة ستظل محطة هامة في مسيرة أدب الرحلة العربي والعالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً