دخل فيلم “روكي الغلابة” ماراثون الأفلام المصرية في صيف 2025 مؤخرا، وذلك بعد تأجيل عرضه مرات عديدة سابقا، غير أنه يظل في السياق العام نفسه لأفلام الموسم، أي الأفلام الكوميدية الأكشن، لكن الفيلم هذه المرة من بطولة نسائية، ويميل إلى الفكاهة أكثر من الحركة.

“روكي الغلابة” من إخراج أحمد الجندي، وتأليف كريم يوسف وندى عزت، وبطولة دنيا سمير غانم ومحمد ممدوح ومحمد ثروت، بالإضافة إلى محمد رضوان وأحمد طلعت.

أدوار من دون عمق

تعتمد كوميديا فيلم “روكي الغلابة” على قلب الأدوار الجندرية؛ ففي المعتاد نشاهد أفلاما يقوم فيها الرجال بحماية النساء، ونسبة كبيرة من الحراس الخاصين أو “البودي غارد” يكونون من الذكور، بينما هنا نتعرف على رقية أو “روكي” (دنيا سمير غانم)، الفتاة الماهرة في الألعاب القتالية، وتعمل حارسة خاصة.

تتضاعف هذه المفارقة عندما نقابل الشخص الذي يتحتم على رقية حمايته، وهو عالم البرمجيات ثابت (محمد ممدوح) الذي يبلغ حجمه أضعاف دنيا سمير غانم، بل يعرف الكثير من المتفرجين أنه لاعب ملاكمة سابق قبل احترافه التمثيل. وعلى الرغم من الجانب النسوي الذي يحاول صناع الفيلم فرضه عليه، وتأكيد أن المرأة قادرة على الحماية مثل الرجل، فإن البطلة في النهاية كان هدفها الأهم إثبات جمالها ورقتها للبطل.

يسهب الفيلم في شرح أهمية البرنامج الذي اخترعه ثابت، والذي سيستطيع منع خوارزميات مواقع التواصل من التحكم في عقول المتابعين، ونتيجة لذلك تحاربه الشركات التكنولوجية المختلفة، بل تهدد حياة ثابت شخصيا، وتحاول إجباره على بيع البرنامج أو تسرقه منه بالقوة.

هذا الشرح المطوّل لا يقلل من سذاجة الفكرة وسطحيتها الشديدة، غير أن هذه السذاجة لم تتعلق فقط بجانب القصة أو الحبكة الرئيسية، بل في كل تفصيلة خاصة بالفيلم، الأمر الذي يجعله يشبه البرامج المبسطة للأطفال في الماضي، فحتى أطفال الحاضر يصعب أن يقبلوا هذا المستوى الفج من التبسيط.

فعلى سبيل المثال، إحدى مزايا الغرفة الفندقية التي يقيم فيها ثابت بعد وصوله إلى القاهرة وجود دبّ عملاق ذي فراء يشبه ألعاب الأطفال، ويعمل إلكترونيا كوسيلة إضافية لخدمة المقيمين في الفندق، وفي أحد المشاهد يتحكم الأشرار في الدب ويدفعونه إلى الهجوم على ثابت ورقية.

لم يبذل صناع الفيلم أي جهد، سواء باستخدام التكنولوجيا أو من دونها، لإضفاء بعض المصداقية على الدب الذي بدا تماما مثل الحيوانات المحشوة التي ترقص في افتتاحيات المتاجر الشعبية في شوارع القاهرة. ينعكس ذلك على كل المشاهد التي استُخدمت المؤثرات البصرية خلالها، والتي ظهرت كما لو أنها من عصر آخر، أو محاولة لاستلهام مؤثرات نهاية التسعينيات من القرن العشرين من فرط الركاكة.

تنوع مفرط بلا اتساق

يحاول “روكي الغلابة” تقديم وجبة كاملة لمشاهديه: الكوميديا، والأكشن، والرومانسية، بالإضافة إلى لمحات من الأفلام الموسيقية والراقصة، الأمر الذي يبدو كرما من صناعه لأول وهلة، لكنه حوّل التجربة إلى ما يشبه الأفلام الهندية التي تنتقل بين نوع فيلمي وآخر بصورة في غاية الفجاجة.

فعلى سبيل المثال، نتابع رحلة هرب رقية وثابت عبر الريف، ثم بشكل مفاجئ يصلان إلى منزل أحد أقاربه خلال حفل زفافه، فتقرر رقية فك ضفائرها وارتداء جلباب والقيام بفقرة راقصة وغنائية خلال الزفاف. وفي مشهد آخر قرب النهاية، يظهر المغني أحمد سعد وتشاركه البطلة الغناء مرة أخرى من دون أي سياق منطقي.

من المعروف عن دنيا سمير غانم مواهبها المتعددة، غير أن هذه المواهب لا تبرر استخدامها كلها في فيلم واحد لمجرد وجودها، أو على الأقل حسن توظيفها بما يتناسب مع المنطق الفيلمي، من دون الإخلال بتصاعد الحبكة.

على الجانب الآخر، لم يُحسن الفيلم في الأساس تقديم النوعين السينمائيين الرئيسين، أي الكوميديا والأكشن؛ فالكوميديا اعتمدت بشكل أساسي على مزحة واحدة متكررة، وهي النطق الخاطئ من رقية للكلمات باللغة الإنجليزية، الأمر الذي يثير أعصاب ثابت المتعلم في بلاد غربية لم تُذكر على وجه التحديد.

وتكرر الأمر مع مشاهد الأكشن التي تتركز في محاولات الهجوم على ثابت القليل الحيلة بشكل مضحك، ودفاع رقية المستمر عنه. تصميم مشاهد الأكشن نفسه اتسم بسذاجة فائقة، فالأشرار يهاجمون رقية واحدا تلو الآخر بما يتناسب مع قوى البطلة الجسدية.

تراوحت المشاهد الرومانسية على مدار الفيلم؛ فهي تظهر بشكل مفاجئ كما لو أن صناع الفيلم يتذكرونها، ثم تغيب عن ذهنهم في فوضى مشاهد الأكشن والكوميديا. وغاب التناغم بشكل واضح بين البطلين في هذا الجانب على وجه الخصوص.

اكتسبت دنيا سمير غانم على مدار السنوات سمعة بتقديمها أعمالا مناسبة للأطفال، بل كثيرا ما استهدفتهم بشكل أساسي في مسلسلاتها في السنوات الأخيرة، الأمر الذي ضمن لها قاعدة شعبية واسعة من المتفرجين المخلصين. ينسجم فيلم “روكي الغلابة” مع رغبات هذه الفئة من المشاهدين بشكل عام، فحبكته بسيطة، وأغلب كوميدياه عائلية، ما عدا مشهدا واحدا مع حوار ذي مغزى جنسي مزدوج، لا يتناسب مع حبكة الفيلم بشكل عام أو الجمهور المستهدف.

تتمثل أهم مزايا “روكي الغلابة” في المجهود الواضح الذي بذلته دنيا سمير غانم جسديا لتقديم مشاهد الأكشن، من تدريبات لياقة بدنية وغيرها، بينما اجتهد محمد ممدوح في الانسجام مع دوره المختلف عن أغلب أدواره السابقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version